لم تتمكّن واشنطن ولا "​قوات سوريا الديمقراطية​" منذ أن أعلنتا عن دحر تنظيم "داعش" بشكل كامل من سوريا في 23 آذار الماضي، حتى الساعة، من الكشف عن مصير آلاف المختطفين الذين كان يحتجزهم التنظيم الارهابي وأبرزهم مطراني حلب ​يوحنا ابراهيم​ و​بولس اليازجي​. فبالرغم من كل الحديث الذي سبق عمليّة تحرير ​الباغوز​ والتقديرات بتواجد أحد المطارنة فيها، تبيّن بعد دحر عناصر التنظيم منها أنْ لا أثر لهما هناك. الا انّ ما يثير الريبة ويطرح اكثر من علامة استفهام، هو عدم توصل التحقيقات التي تجريها "قسد" مع عشرات المسؤولين في التنظيم الذين تمّ القاء القبض عليهم مؤخرا، الى ايّ خلاصات سواء بما يتعلق بملف المختطفين او حتى مصير قادة الصف الاول وابرزهم زعيم "داعش" ​أبو بكر البغدادي​، اضافة الى مصير ثروات التنظيم الذي كان يملك كميّات هائلة من الذهب والأموال.

ويشير ​رامي عبد الرحمن​، مدير المرصد السوري لحقوق الانسان، الى ان داعش نقل حصرا 300 مختطف من مناطق سيطرته شرق سوريا الى بادية الشام والعراق، مرجّحا في تصريح لـ"النشرة" أن تكون قد تمّت تصفية الغالبيّة الساحقة من المفقودين الآخرين. أما عن مصير اموال التنظيم فيعتبر عبد الرحمن أنّ الجواب الشافي هو لدى التحالف الدولي.

أما المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية مصطفى بالي، فيتحدّث عن معلومات غير كافية عن أماكن تواجد قادة الصف الأول في "داعش"، مرجّحا انتشارهم في المناطق الصحراويّة في العراق بالإضافة إلى المناطق التي تسيطر عليها تركيا والفصائل سواء في ادلب أو عفرين. وردا على سؤال لـ"النشرة" عما توصّلت اليه تحقيقات "قسد" بخصوص المختطفين لدى التنظيم، يكتفي بالي بالقول: "لم نستطع الحصول على معلومات كافية لمعرفة ما آل إليه مصيرهم مع العلم أن قضيتهم كانت محرّكا أساسيًّا لنا في الحرب ضد داعش". ويأتي الجواب مماثلا لدى السؤال عن مصير ذهب وأموال التنظيم.

ويعتبر الخبير في الجماعات المتطرفة ​عبد الرحمن الحاج​ أنّ معرفة مصير المعتقلين والمفقودين وكذلك مصير الثروات والأموال والوثائق الخاصة بـ"داعش" والأسرى من مقاتلي التنظيم، اضافة الى محاكمتهم بجرائم الحرب والإرهاب التي ارتكبوها، كلها من مسؤولية "قسد" والقوات الأميركيّة المشرفة على العمليّات العسكريّة، مفترضا عبر "النشرة" وجود تحقيقات واسعة تجري من قبلهم على ان تعلن نتائجها وبخاصة تلك المرتبطة بالمعتقلين والمفقودين ومحاكمة المجرمين من مقاتلي التنظيم.

ويتحدث الحاج عن "انعدام للشفافية فيما يخص الأموال والذهب المُصادَر من داعش، وهذا يلقي بالشكوك حول الجهّة التي استفادت منها، لأنّ الأصل يوجب أن يتم التحفظ على هذه الأموال والتحقيق في مصادرها وإرجاعها الى أصحاب الحقوق، إن كان هناك ما هو خاص وإعادة ما تبقى للصالح العام"، معتبرا ان ذلك يجب أن يكون مُعلَنًا، وبالتحديد لجهة تحديد الطرف الذي سيدير الأموال وكيفية صرفها.

أما عن مصير قادة الصف الاول، فيرجّح الحاج ان يكون العديد من القادة الكبار وعلى رأسهم البغدادي في البادية العراقيّة يديرون فلول التنظيم بعد تحوله إلى نمط جديد من المعارك، أطلق عليه التنظيم مصطلح "الولايات الأمنيّة". وأضاف: "كون البيئة الاجتماعيّة والطبيعيّة الأساسيّة للتنظيم هي البيئة الصحراويّة البدويّة، فمن المتوقع أن يكون الوصول للبغداي أمرا متعذرا وقد يأخذ سنوات طويلة".

وتتقاطع معلومات عبد الرحمن الحاج مع معطيات أبو محمد الرقاوي، الناشط في حملة "الرقة تذبح بصمت "والخبير في شؤون "داعش" وبالتحديد لجهة انتقال كبار قادة التنظيم الى صحراء الأنبار، لافتا في تصريح لـ"النشرة" الى ان عددا قليلا منهم انضم الى "النصرة" ولكن ليس في ادلب، موضحا ان التنظيم نقل بعض المختطفين الاجانب لديه الى العراق حيث يخفيهم في منازل مؤيدين له، واضاف: "كما انهم على الارجح في بعض المنازل القريبة من الحدود مع سوريا". ويؤكّد الرقاوي أنّ أموال "داعش" تم تسليم القسم الأكبر منها الى "قسد" باطار الاتفاق الذي تم بين الطرفين حول منطقة الباغوز، مشيرا الى كميّات ضخمة من الذهب.