إذا لم يتراجع رئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" النائب السابق ​وليد جنبلاط​ عن كلامه الذي إعتبر فيه أن "​مزارع شبعا​ ليست في الأساس لبنانية"، لن تكون علاقته بـ"​حزب الله​" بعد تصريحه هذا كما كانت عليه قبله، وهناك بين المطلعين من يقول حتى،" من غير المعروف، ومن الصعب التكهّن بما سيؤول اليه التعاطي السياسي بين "حزب الله" و"الحزب الإشتراكي"، بما أن بيك المختارة لم يحافظ على شعرة معاوية".

إذاً بكلامه هذا عن مزارع شبعا، وما تضمنه بين السطور من تصويب على سلاح "حزب الله"، تخطى رئيس "الحزب الإشتراكي" الخطوط الحمر التي يضعها الحزب عادة من ضمن المعايير التي تحكم علاقته بأيّ فريق سياسي، لذلك تقول مصادر مقربة من قوى الثامن من آذار، "لم يُطلب من أيّ نائب أو وزير تولّي مهمّة الرد على الزعيم الدرزي، ولم يسارع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب ​محمد رعد​ كما يجري عادةً الى قصف الجبهة الإشتراكية بردّ من العيار الثقيل، وكذلك بالنسبة الى نائب الأمين العام في الحزب ​الشيخ نعيم قاسم​، بل ترك الحزب مهمّة الردّ على جنبلاط الى أمينه العام شخصياً ​السيد حسن نصرالله​ الذي يطلّ بكلمة بعد عطلة العيد وتحديداً الإثنين المقبل".

المصادر المذكورة تعتبر أن "ما قاله جنبلاط يتخطّى أيّ خلاف داخلي على معمل إسمنت ​بيار فتوش​ في عين داره، الذي أعطى ترخيصه وزير الصناعة السابق ​حسين الحاج حسن​ وألغاه الوزير الحالي ​وائل أبو فاعور​، قبل أن يلغي ​مجلس شورى الدولة​ تنفيذ قرار أبو فاعور". وتضيف المصادر "ان ما قاله جنبلاط، يمسّ بدماء الشهداء الذين سقطوا في المواجهة المفتوحة مع العدو ال​إسرائيل​ي دفاعاً عن هذه المزارع، وأكثر من ذلك، يضرب عمليّة الترسيم البريّة والبحريّة للحدود مع إسرائيل ويضع لبنان في مواجهة مأزومة مع المجتمع الدولي الذي يطالب به لبنان كحكم بيننا وبين إسرائيل، في النزاع القائم على بلوكات ​الغاز​".

لكل ما تقدّم لن يكون من السهل أبداً على "حزب الله" التعاطي مع تصريح جنبلاط على قاعدة وكأنّ شيئاً لم يكن، ولن يردّ عليه في السياسة بل بالمستندات والوثائق والوقائع التي تثبت الملكيّة اللبنانيّة لمزارع شبعا. وبما أن ساعة التخلي التي مرّ بها جنبلاط وهو يدلي بدلوه هذا، أصابت ​الجيش اللبناني​ أيضاً وليس فقط الحزب، إذ إعتبر أن" بعد تحرير العام ٢٠٠٠ تمّ إستبدال الخرائط من قبل ضباط لبنانيين وسوريين بهدف ابقاء الذرائع بيد ​سوريا​ وغيرها من اجل تحريرها،" لن يكون من المستغرب أبداً دخول رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ ورئيس الحكومة ​سعد الحريري​ وصديق جنبلاط أيضاً رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ على خط الردود عليه، لأنّ الحكومات المتعاقبة منذ عام ١٩٩٠ وحتى اليوم إعترفت ببيانها الوزاري بلبنانيّة مزارع شبعا وبحق لبنان في المقاومة لتحريرها من الإحتلال الإسرائيلي".

أمام هذا الواقع المأزوم الذي وضع نفسه به، هل سيجرؤ جنبلاط على تصحيح ما قاله بحنكته السياسيّة المعروفة؟ وإذا لم يقدم على ذلك هل سنكون أمام مشهد تصعيدي داخلي بينه وبين "حزب الله" في ظرف دقيق يمر به لبنان وما من فريق يريد خلاله هذا التصعيد؟.