اشار مفتي ​طرابلس​ والشمال الشيخ الدكتور ​مالك الشعار​ الى ان "​الدولة الاسلامية​ ليست دولة مقفلة او منعزلة عن العالم والطوائف والحضارات والثقافات وانما تعطي الآخرين حقوقهم دون نقصان، فلكل دينه ومعتقده وحريته ولا تحمل احدا مسؤولية غيره، وهي تصون الحريات بكل انواعها بشرط الالتزام بالحدود العامة". وأكد أن "الدولة الاسلامية هي ​الدولة المدنية​ التي تحفظ حقوق الانسان وحسن العلاقات مع غير المسلمين في داخل الدولة وخارجها والتي لا مكان فيها للاكراه او الاستعباد والديكتاتوريات".

واعتبر خلال ندوة بعنوان "الدين والدولة المدنية" نظمها "منتدى جبيل للحوار" بالتعاون مع "المجلس الثقافي في بلاد جبيل" في مبنى المجلس الثقافي، "إن الدولة المدنية هي التي يحكمها القانون والدستور ويلزم كل مسؤول كما بقية المواطنين، وتقوم على نظام الشورى وتبادل السلطات وعلى الحريات والعدل والمساواة والمواطنة، بمعنى انها تعترف بالآخر وتعطيه حقه الذي لا يتعارض مع معتقده ودينه، و​المسيحيون​ هم الاقرب الينا". أضاف: "الدولة المدنية هي الدولة التي يتم فيها انفصال السلطات عن بعضها ومن ثم تبادل السلطات لان الدولة لا تستغني عن احد ولا تقوم على احد بعينه، والدولة المدنية هي التي يكون القائمون على الحكم فيها لا يمثلون لا رجال الجيش ولا رجال الدين فالحكومة المدنية هي التي تقاد الدولة او الحكومة الدينية وهي وسيلة الامة لفرض القانون والنظام".

وتابع: "الدولة المدنية التي نعيشها في ​لبنان​ لها اكثر من صفة، وايضا هناك الدولة الاسلامية التي ليست دولة دينية، فرئيسها يكون معصوما، اما نحن فرئيسنا ليس كذلك بل ينتخب، اما الدينية فهو مفروض علينا والفرق بين الدولة المدنية والاسلامية ان الاخيرة تعود الى الشرع والعقل معا".

وشدد على "أهمية العمل لتحقيق مصلحة الوطن والشعب والدولة وليس الحاكم او رجال الدين"، لافتا إلى أن "دولتنا تقوم على تحقيق المصالح وينبغي على الحاكم ان يحقق المصلحة لكل الناس وان يلتزم العدل والحرية وسيادة القانون"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن لدولة ان تقوم من دون العدالة والمساواة والمواطنة والحريات"، معتبرا أن "هناك دولا علمانية لكن في الوقت عينه يعانون الامرين خصوصا في الجانب الاخلاقي".

وأكد أن "ليس المهم ان يكون الانسان مسلما او مسيحيا او غير ذلك بل المهم ان يسود العدل والقانون وتتأمن له الحرية والمساواة". ووصف الطروحات التي نراها اليوم في عدد من الدول العلمانية بـ "المخيفة لاسيما لجهة التشريع للشذوذ الجنسي وما سيتبعه لاحقا"، معتبرا انه "لا يمكن لدولة ان تعيش وتحافظ على الانسانية الا الدولة التي تتمسك بالقيم".

وأكد أهمية "وثيقة الاخوة الانسانية التي وقعت بين قداسة البابا وشيخ الازهر"، مشيرا إلى أن "الدولة المدنية لا ينعدم فيها وجود الدين لكنه ليس الحاكم ، لافتا الى أن "لبنان دولة مدنية جاء في دستوره الحفاظ على عقائد جميع الطوائف والمذاهب الموجودة فيه".

بدوره، اعتبر الأباتي ​انطوان ضو​ في كلمته "إن اللحظة التاريخية الوطنية الكونية تتطلب لاهوتا جديدا، اسمه لاهوت اللحظة، ومن مهماته اكتشاف افكار ووسائل جديدة واجماعات وطنية، اسلامية مسيحية واضحة، قائمة على منظومة القيم الانسانية والاخلاقية والدينية والثقافية والحضارية الرفيعة التي ترفض كل انواع العنصرية والتمييز والعزل والانعزال والتشدد والتعصب والصراع والهيمنة والاستبداد والحروب، نحن في لحظة تاريخية عميقة في التبدلات والتغيرات، دخلنا في العولمة في ايجابيتها وسلبياتها وهي دخلت فينا، في عقولنا وثقافتنا وحياتنا واعمالنا ولم تترك شيئا والا ودخلته".

وتابع: "فقه اللحظة هو الاجتهاد البشري لاحياء الدين في الزمان والمكان، وهو ضرورة دينية ماسة ومستدامة، للاجتهاد الجديد والمتجدد الذي يراعي ظروف الانسان، وجودة مخاطبة العقل الاسلامي اولا كما هو يساعد الاخرين على الانفتاح على المسلمين والتزام الوعي والعقلانية والحكمة في الفكر والتصرف، ومد يد التعارف والمصالحة مع المسلمين لخدمتهم وتطويرهم وتقدمهم ، والرد المبين على شعار الاسلاموفوبيا الذي هو من صنع الصهيونية العنصرية واعوانها في العالم".