تكثر أنواع "البهارات" في السوق اللبناني، وأغلبها إن لم نقل كلها تأتي من الخارج، وتشكل هذه البهارات "النكهة" التي يتفنّن في إضافتها اللبناني على اطباقه، فتجعل مائدته شهية برائحة طيبة. حسنا إليكم هذه المعلومة: قسم كبير من البهارات التي تُباع في السوق "مسرطنة".

بيّنت دراسة علمية لقسم التغذية في ​جامعة بيروت العربية​ انتشارا واسعا للسموم الفطرية في البهارات والأعشاب المنتشرة في السوق اللبناني. وتعدّ هذه السموم بحسب الباحثة في قسم التغذية وتنظيم الغذاء في كلية العلوم الصحية في جامعة بيروت العربية ندى الدرة مسرطنة ولها مخاطر مرتفعة على صحة الإنسان وتؤثر على الأمن الغذائي.

تشير الدرة، التي شاركت في إعداد الدراسة الى جانب باحثين إيطاليين هما لوسيا غامباكورتا وميشال سولفريزو، في حديث لـ"النشرة" الى أنّ منظمة الصحّة العالميّة تحدّد مواصفات السموم الفطريّة، وتضع المعايير التي يجب على أساسها فحص نسبتها، لافتة النظر الى أن السموم المذكورة هي طبيعية المنشأ تنتجها بعض أنواع الفطريات أو العفن، ويحدث فرز هذه السموم في ظروف ارتفاع ​درجات الحرارة​ والرطوبة الناجمة عن سوء شروط التخزين.

اذا المشكلة قد تكون من بلد المنشأ، أو من داخل لبنان، خصوصا ان عددا كبيرا من المعامل او تُجار البهارات لا يخزنون البضاعة بشكل سليم ما يخلق فيها السموم الفطريّة، والمشكلة تكبُر عندما نعلم بأن لبنان لا يعتمد على مواصفات معيّنة لهذه الغاية. تقول الدرّة بأنّ البهارات التي تدخل البلد تُفحص ولكن دون وجود معايير، مشيرة الى أن نسبة منها تغزوها السموم بعد دخولها لبنان، مشدّدة على دور الدولة التدخّل لحلّ هذه المشكلة عبر تشديد الفحوصات على المواد التي تدخل لبنان، وفرض التقيّد بمعايير محدّدة للتخزين.

جاءت هذه الدراسة تلبية لطلب منظمة الصحة العالميّة برصد مستويات السموم الفطريّة في الأغذية المطروحة في الأسواق اللبنانيّة وضمان انخفاضها إلى أدنى حد، وامتثالها للمعايير الدوليّة، وجرت بالتعاون مع مركز أبحاث "ISPA BARI" في ​إيطاليا​ ونشرت نتائجها في مجلّة علميّة عالميّة بحثيّة Q1 Food Control، واجريت على 132 عيّنة منها 94 عيّنة بهارات و38 عينة أعشاب تباع في السوق اللبناني ومستوردة من 15 بلد منشأ.

تبيّن الدراسة بحسب الدرّة احتواء العينات على 11 نوعاً من السموم الفطريّة من أصل 12 نوع جرى فحصها، وبيّنت أن تعرّض المواطن اللبناني لهذه السموم الناجمة عن البهارات والأعشاب مرتفع، إذ أن 80 بالمئة من العيّنات كانت ملوّثة على الأقل بسمّ فطري واحد، و40 بالمئة من العيّنات الملوّثة تحتوي على أكثر من نوع من السموم الفطرية.

لا تريد الدرة زرع الخوف في نفوس اللبنانيين، اذ تشير الى وجود مصادر محليّة سليمة للبهارات في لبنان، مشدّدة على ان هناك أسماء تحظى بالثقة، وتحديدا تلك التي تصدّر الى ​الاتحاد الأوروبي​. وتضيف: "الاتحاد المذكور يفرض معايير محدّدة لا يمكن الخروج عنها، وبالتالي فإن المصدّرين الى ​اوروبا​ يلتزمون بمعايير التخزين"، لافتة النظر الى أن المشكلة تبقى بالتجّار الصغار أو المحال الصغيرة.

لا شكّ أن تعرض الجسد الى كثير من هذه السموم يسبب ​السرطان​، ولا شكّ أيضا أننا مع مرور الأيام سنكتشف المزيد من أسباب ارتفاع نسبة الإصابة بهذا المرض في لبنان.