في ظل الحملات المُعلنة على ​مكافحة الفساد​، تُطرح الكثير من الأسئلة حول ما إذا كانت "المصالحات" تكفي لعدم تطبيق القانون، خصوصاً إذا ما كانت الأمور واضحة ولا تحتاج إلا إلى التنفيذ.

في هذا السياق، يبرز ملف رئيس بلديّة ​وادي خالد​ نور الدين أحمد، الذي يعود إلى العام 2014، عندما اتّهم مع آخرين بالإقدام على تزوير إفادات لمواطنين ​لبنان​يين ك​نازحين سوريين​، واستعملوا المزوّر "المختوم بختم رئيس البلدية" للإستيلاء على أموال الجمعيّات والوكالات الدوليّة المخصّصة لمساعدة النازحين السوريين.

وبحسب القرار الظنّي الصادر عن قاضي التحقيق في لبنان الشمالي هنري الحاج، بتاريح 5-6-2018، فإن فعل رئيس البلديّة، يؤلف جرائم المواد 466 عقوبات و466/219 لسائر المدعى عليهم و655 عقوبات للمدعى عليهم جميعاً. وبناء عليه قرّر القاضي الحاج الظنّ برئيس البلدية بالجنح المنصوص عنها في المواد 466 و466/454 و655/عقوبات، بالإضافة إلى الظنّ بالمدعى عليهم س. ع. وس. أ وأ. س. وخ. ش. بالجنح المنصوص عنها في المواد 466/219 و466/ 454 و655/عقوبات.

بناء على ذلك، تم تقديم طلب كفّ يد رئيس البلديّة، بتاريخ 12-3-2019، في محافظة عكار، من قبل أحد المعنيين بالملفّ، لصدور قرار ظني بجنحة شائنة بحقه، وذلك لحين إنتهاء البتّ بالدعوى، إستناداً إلى ما ينص عليه قانون البلديات في المادة 112، التي تشير إلى أنه إذا اتّهم رئيس البلدية أو نائب الرئيس أو أحد الأعضاء بجناية أو ظنّ به بجنحة شائنة، وجب كفّ يده بقرار من المحافظ حتى انتهاء الدعوى، لكن حتى اليوم لم يتمّ البت بهذا الطلب من قبل المحافظ ​عماد لبكي​.

في هذا الإطار، أفادت مصادر مطلعة، عبر "​النشرة​"، بأنّ مصالحة حصلت في البلدة، نتيجة ضغوط سياسيّة وعائليّة، وطلب على اثره من المعارضين لرئيس البلديّة تقديم تنازل خطّي إلى المحافظ، نظراً إلى أن هناك من اتخذ صفة الإدعاء الشخصي في الدعوى التي صدر فيها القرار الظنّي، وتشير إلى أنّ هؤلاء يرفضون هذا الأمر، ويضعون القضية عند المحافظ لاتخاذ القرار المناسب، نظراً إلى أن المعطيات على هذا الصعيد واضحة، وبالتالي من المفترض صدور قرار بكفّ يد رئيس البلديّة، وهم يعتبرون أن الهدف من المصالحة هو عدم تفاقم الأمور، لا سيما بعد أن تشعبت القضية إلى ملفات أخرى، نظراً إلى الطابع العشائري في المنطقة.

في إتصال مع "النشرة"، رفض المحافظ لبكي التعليق على الموضوع، داعياً إلى طرح السؤال على وزارة الداخليّة والبلديات، أو إلى أن يتقدّم الشخص المعني بكتاب رسمي ليأخذ الجواب المناسب.

على صعيد متصل، علمت "النشرة" أن المعارضين كانوا قد تقدّموا بطلب لدى وزارة الداخليّة والبلديّات، بتاريخ 29-3-2019، وحتى الآن لا أحد يعرف مضمون الرد عليه، بالرغم من وجود معلومات عن أن الوزارة أصدرت قرارها في هذا الشأن، وبالتالي من المفترض أن يكون قد تم إرساله إلى المحافظة.

في المحصلة، تفتح هذه القضية الباب للسؤال عما إذا كانت المصالحات تكفى لتجاوز القانون، وعن الأسباب التي تحول دون كف يد رئيس البلدية، من دون تجاهل أهمية الملف موضوع الملاحقة القضائية؟