أكّد البطريرك الكردينال ​مار بشارة بطرس الراعي​، خلال استقباله بطريرك بلغراد وسائر ​صربيا​ ايريناوس برفقة بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الأورثوذكس ​يوحنا العاشر اليازجي​، "أننا نهنّئكم بالشّجاعة في الدّفاع عن أرضكم ووطنكم وفي حماية شعبكم وتراثكم الكنسيّ والثّقافيّ، نحيّي فيكم مثالًا في مواجهة ما يتهدّد ثقافتنا اللّبنانيّة وكياننا ورسالتنا في هذا الشّرق. وكذلك بالنّسبة إلى كنائسنا وشعوب هذه المنطقة المشرقيّة"، مضيفًا: "تعلمون كيف فرضَت القوى الدّوليّة الحروب على ​العراق​ و​سوريا​، وهدّمتها بواسطة المنظّمات الإرهابيّة والمرتزقة المدعومة بالمال والسّلاح، وهجّرت أهلها وما زالت تخوّفها من العودة لمآرب سياسيّة. إنّهم بذلك فرضوا حربَين: الأولى بالحديد والنّار هدّمت الحجر وفتكت وهجّرت، والثّانية بالسّياسة والإغراء والتّخويف تهدم الهويّة والثّقافة".

ودعا الراعي "الإخوة النّازحين السّوريّين والعراقيّين، للعودة إلى وطنهم من أجل حماية وجودهم وكيانهم وتاريخهم وثقافتهم، وإلّا تضامنوا، من حيث لا يدرون، مع الهدّامين المستبيحين أرضهم وإرثهم وتراثهم. ومن هذا القبيل أيضًا ندعم القضيّة الفلسطينيّة، لجهة إنشاء دولةٍ خاصّةٍ بالفلسطينيّين، وعودة اللّاجئين إلى أراضيهم وفقًا لقرارات مجلس الأمن والشّرعيّة الدّوليّة، وإنّنا نرفض تهويد ​القدس​ وجعلها عاصمةً ل​إسرائيل​، كما نرفض اعتبار هذه الدّولة وما تحتلّ من الأراضي المقدّسة وطنًا لليهود"، موضحًا أنه "بات معروفًا، بكلّ أسف، أنّ ​صفقة القرن​" الموضوعة على نار هادئة، ترمي إلى توطين اللّاجئين الفلسطينيّين والنّازحين السّوريّين في البلدان التي تستقبلهم كلبنان والأردنّ، من خلال إغراءاتٍ ماليّةٍ وتسوياتٍ سياسيّةٍ، تكون كلّها على حساب هويّة هؤلاء الشّعوب وتاريخهم وثقافتهم وحقوقهم المدنيّة. فلا بدّ من توحيد الموقف في الرّفض والدّفاع".

وشدد على "أننا ككنائس الشّرق الأوسط، نشعر بمسؤوليّتنا التّاريخيّة الخطيرة، وهي المحافظة على جذور المسيحيّة العالميّة"، منوهًا بـ"أننا بحاجةٍ إلى التّعاون بين كنائسنا في جميع المجالات، من أجل المحافظة على وجودنا وكياننا ورسالتنا".

من جهته، رأى البطريرك ايريناوس أن "الشهداء والآباء القديسين في الكنيستين، قد شرحوا لنا ما هي الكنيسة وكيف يجب أن نتصرّف في حياتنا، وكما يعلم الجميع، فإن الكنائس تعرضت لاضطهادات كانت بمثابة شهادة للرب، وتحلّينا في خلالها بالكثير من الصب"، مشيرًا إلى أن "القوى العظمى اليوم تقوم بهدم كنائسنا ومحاولة تفريقنا، لكن ايماننا بالرب يسوع أقوى من هذه التجارب، وهو يمثل حافزا لنا لنكون يدا واحدة تشهد للرب. اسمحوا لي أن أشكركم مجددا على كلماتكم الطيّبة التي تحدثتم بها عن ​كوسوفو​، حيث جرحنا كبير، اذ نعتبر كوسوفو قلب الكنيسة الصربية وبمثابة الأراضي المقدسة للشعب الصربي. كوسوفو تحتوي على أديرة عريقة يجب المحافظة عليها".

وكشف أن "في الفترة الأخيرة طلب منا الألبان أن يعيشوا معنا، نحن قبلناهم كأخوة لنا ، الا أنه في الفترة الاخيرة طلبوا منا، وبمساعدة القوى العظمى، مغادرة كوسوفو حتى تصبح لهم، يريدونها كهدية منا لهم، وهذا ما تقوم به القوى العظمى، تضغط علينا لتقديم كوسوفو للألبان. نحن نتشكّر الدول التي وقفت معنا في هذه القضية، كروسيا والصين والذي رفضوا الاعتراف بكوسوفو كدولة مستقلة. كوسوفو هي العرش التاريخي للكنيسة الصربية والمقر الاساسي للبطريرك الصربي. لقد تعرّض العديد من الأديرة في كوسوفو للتدمير، ولكننا قمنا بإعادة ترميمها واحياء الرهبنات الموجدة داخلها لأن ايماننا كبير بكنيستنا وبقديسينا الذين عاشوا في كوسوفو، وذخائرهم ما زالت موجدة حتى يومنا هذا".