لم يسبق ان وضعت الطائفة العلوية باكملها امام الاستحقاق السياسي والانتخابي بقدر ما جرى في انتخابات العام 2018 النيابية واليوم خلال إقرار قانون تنظيم شؤون الطائفة العلوية وانتخاب رئيس ونائب رئيس للمجلس الاسلامي العلوي الشاغرة رئاسته بوفاة المغفور له الشيخ اسد عاصي في العام 2017.

الاستحقاق السياسي والانتخابي الكبير اليوم امام الطائفة العلوية سبقه استحقاق امني لم تنته ذيوله بعد مع إستمرار إستبعاد الامين العام للحزب العربي الديمقراطي ​رفعت عيد​ ومعه 20 من قيادات الحزب الى سوريا لاكثر من 5 اعوام رغم انتهاء ازمة ​طرابلس​ الامنية المؤسفة بين جبل محسن وباب التبانة والتي كانت فاتورتها عالية جداً وخصوصاً على العلويين وبعدها لتأتي جريمتا تفجير مسجدي التفجير الارهابي لمسجدي التقوى والسلام لتكرس الشرخ بين ابناء جبل محسن العلويين والسُّنة في المحيط رغم ان التحقيقات امام المجلس العدلي لم تثبت تورط ​الحزب العربي الديمقراطي​ في التفجيرين.

وفي حين اقر مجلس النواب اسم في جلسته القانون المقدم من نائبي الطائفة العلوية الاول النائب الدكتور ​علي درويش​ والمنتمي الى كتلة الرئيس ​نجيب ميقاتي​ والثاني النائب ​مصطفى حسين​ المنتمي الى كتلة "لبنان القوي"، كان اقتراح القانون هذا محل انقسام وجدل داخل الطائفة العلوية وقواها المتعددة والتي رأى كل منها ان القانون يستهدفه او يصب في مصلحته. فمن جهة النائبين درويش وحسين فإنهما يعتبران انهما قاما بواجبهما الدستوري كممثلي للطائفة العلوية نيابياً وانهما تحركا لتفعيل ​المجلس العلوي​ المعطل والشاغرة رئاسته واستجابة لكتاب رئيس الحكومة سعد الحريري الموجه الى المجلس لاتخاذ ما يلزم لاجراء الانتخابات الضرورية في شباط الماضي. في المقابل رفض جزء من اهالي وفاعليات وشخصيات جبل محسن من مهندسين واطباء ومشايخ وطلاب جامعات اقتراح النائبين واعتبروه منقوصاً كونه لا يلبي طموحهم في التغيير اي انتخاب كامل اعضاء الهيئتين التنفيذية والشرعية من الصفر اي من القاعدة الى الهرم ولا يقبلون بأي ترقيع او ترميم للهيئتين الموجودتين. في حين رفض الحزب العربي الديمقراطي وآل عيد القانون على إعتبار انه لم تتم استشارتهم في القانون ونصه في حين هم يشكلون جزء اساسي والبوابة التاريخية للطائفة العلوية وخطها المقاوم والعروبي.

وامس وفور إقرار القانون في مجلس النواب خلال الجلسة التشريعية، ارتفعت مجدداً الاصوات الرافضة والمؤيدة للقانون، فقال النائب علي درويش لـ"الديار" انه يشكل خدمة ايجابية وبارقة امل ومرحلة جديدة للطائفة العلوية ويعلن إنطلاقها من مرحلة المراوحة ومصادرة قرارها الى مرحلة القرار وتقرير المصير. ويعتبر درويش ان من الطبيعي ان يكون هناك تنوعاً وقبولاً او رفضاً للقانون على غرار كل الطوائف في لبنان فهل هناك من امر عليه إجماع داخل الطوائف؟

ويشير درويش الى ان الامور ستسلك مسارها القانوني الطبيعي وخلال شهر من نشر القانون في الجريدة الرسمية وسينتخب رئيس للمجلس ونائبه من قبل الهيئتين الموجودتين اي العشرة اشخاص على ان تشكل اللجنة التي ستشرف على الانتخابات الكاملة بعد عامين.

وفي حين يتردد العديد من الاسماء ومنها المشايخ محمد حيدر وحسن حامد ومحمود العلي، وكثر غيرهم تؤكد اوساط علوية ان لا اسم محسوماً بعد ولا توافق على اسم معين وكله مرتبط بتحديد وقت الانتخابات وموعدها، بينما يقول درويش ان العديد من الاسماء مطروحة وقد نشهد ترشح 16 او 17 شخصية ونحن على مسافة واحدة من كل الاسماء وكل ما يحكى عن سيناريوهات لدفع المال لاختيار شخصية محددة غير دقيق.

في المقابل يؤكد مصدر بارز مقرب من آل عيد والحزب الديمقراطي العربي لـ"الديار"، ان الحزب يرفض ما جرى وطريقة تهريب القانون وطبخه رغم تسجيل رفعت عيد اعتراضه على القانون وتمنيه على رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ في إتصال بينهما عدم وضعه على جدول اعمال الجلسة التشريعية لكونه سيحدث فتنة وشرخ داخلها وخصوصاً بعد تردد معلومات ان ​السفير السوري​ في لبنان ​علي عبد الكريم علي​ يدعم مطالب النائبين في انتخابات المجلس العلوي ويتبنى القانون المقدم من قبلهما وانه تمنى على الرئيس بري وضعه على جدول الاعمال لاقراره ولكون القيادة السورية ترغب في تفعيل دور الطائفة العلوية وتنظيم شؤونها. ويؤكد المصدر ان القيادة السورية تمون بحكم وجود جزء كبير من العلويين في سوريا وبكون علويي لبنان لهم جذور عائلية في سوريا.

ويشير المصدر الى ان ما قيل عن تحجيم القيادة السورية لرفعت عيد واخراج ورقة الطائفة العلوية منه غير دقيق، فالرئيس بشار الاسد ليس في حاجة الى سيناريو مماثل ومُهّرب كهذا القانون ليقصي رفعت عيد بل يكفي ان يقول له اجلس في بيتك فيمتثل له. ويعتبر المصدر ان ما جرى فيه "لعبة ما"، ولا تعلم القيادة السورية بتفاصيلها ولا تتدخل في هذا الاسم او ذاك او تضع سيناريو ما . كما يلوم المصدر الحلفاء ويعتب عليهم كحزب الله و​حركة امل​ على ترك الامور تسير في عكس ارادة ممثل العلويين التاريخي وضمانة الحفاظ على الخط العروبي المقاوم.

ويؤكد المصدر ان الحزب العربي الديمقراطي لن يسكت عما جرى ولن يسمح بتنفيذ سيناريو دفع المال والذي يتردد في كل الاوساط للاتيان بشخصية معينة مقابل 200 الف دولار!

رغم ان الحزب لا يمكنه ان يتحكم بكل الاتجاهات وان يمنع كل الاغراءات التي ستهبط من كل حدب وصوب.

في الموازاة، تسود حالة من الغضب والغيان اوساط الحراك المدني العلوي والذي يتجه الى التصعيد والى رفض كل ما جرى على اعتبار ان هناك "قوة قهرية" ركبت كل هذا السيناريو وتسعى الى تنفيذه بأي ثمن ولو كان على حساب الوحدة العلوية وعلى حساب مصلحة الطائفة وشوؤنها. وتسأل الاوساط القوى العلوية المؤثرة عن اسباب المساهمة في اضعاف الطائفة العلوية في لبنان وهي المحاصرة امنياً وسياسياً واقتصادياً ومالياً وعددها محدود ولا يتجاوز عشرات الالاف فلمن تعملون؟ لمصلحة من؟

وتؤكد الاوساط اننا لن نسكت وسيكون لنا مواقف تصعيدية وتحركات ولو اخذت ابعاداً سياسية معاكسة للخطوط والمحاور الموجودة حالياً، وترسم توازنات محلية واقليمية ودولية. فلم نعد نطيق ان يكون قرارنا في يد موظف او جهة او كُتّاب تقارير ترفع الى الباب العالي.