في ​الجلسة التشريعية​ الأخيرة، أقر مجلس النواب إقتراح قانون كان قد تقدم به رئيس حزب "الكتائب" النائب ​سامي الجميل​، يعتبر خطوة مهمة ومتقدمة على مستوى إدارة السجون في ​لبنان​، لناحية استبدال عقوبة الحبس في بعض الجرائم البسيطة، التي لا تتجاوز عقوبتها السنة أو الحبس التقديري، بعقوبة إجتماعية، وهي عبارة عن عمل اجتماعي في احدى الجمعيات.

في الأسباب الموجبة لهذا القانون، السعي إلى التخفيف من الاكتظاظ في السجون، خصوصاً في جرائم بسيطة جدا ولا تشكل اي خطر على المجتمع، ومنع الأشخاص خصوصا الشباب الذين ارتكبوا جرائم بسيطة من التواجد في السجون مع مرتكبي الجرائم الخطيرة، مثل تجار المخدرات والقتلة والمغتصبين، حتى لا يتأثروا سلباً خلال فترة وجودهم في السجن.

في هذا السياق، يعتبر وزير العدل السابق ​شكيب قرطباوي​، في حديث لـ"​النشرة​"، أن هذا القانون خطوة بسيطة لكن مهمة، ويشير إلى أن المطلوب أن يكون هناك خطة متكاملة لإعادة النظر في ملف السجون، التي تحولت من مراكز تأهيل إلى أمكنة لعلم الإجرام، ويضيف: "وضع السجون غير مقبول وسياسة الترقيع لم تعد تنفع".

من جانبه، يرى وزير الداخلية والبلديات السابق ​مروان شربل​، في حديث مع "النشرة"، أن هذا القانون ممتاز على صعيد تأهيل المسجون، ويلفت إلى أنه "من التمنيات التي كنا نتمناها في السابق"، ويعتبر أنه "بدل أن يجلس المسجون بتهم بسيطة في سجن فيه مجرمون خطيرون، يكون بهذه الخطوة يتلقى التأديب بطريقة حضارية عبر المشاركة والانخراط في المجتمع".

بدوره، يؤكد رئيس جمعية "نسروتو-أخوية السجون في لبنان-علية إبن الإنسان" الأب ​مروان غانم​، في حديث لـ"النشرة"، على أهمية هذا القانون، لكنه يشير إلى أنه يفضل أن يضاف إليه شرط خضوع الموقوف لبرنامج عدلي تصالحي، كي يفهم قيمة الجرم الذي قام به والضرر الذي نتج عنه على الآخرين، بالإضافة إلى الخدمة الإجتماعية.

وفي حين يشير قرطباوي إلى أن هذه الخطوة مهمة جداً في حال نجاح تطبيقها، يوضح أنها لا تعني الإفلات من العقاب، لأن المدان سيقوم بعمل إجتماعي مفيد له وللمجتمع، ما يعني إعادة التأهيل، لكن المشكلة تكمن في عدم الإستمرارية، حيث يلفت قرطباوي إلى أنه عندما كان وزيراً للعدل قدم إقتراحا لمجلس الوزراء لنقل إدارة السجون من وزارة الداخليّة إلى وزارة العدل، ويوضح أنه بعد دراسة هذا الإقتراح، حيث أبدت فرنسا والولايات المتحدة إستعدادهما لإرسال مدربين، نام الملف وكأن شيئاً لم يكن. ويذكر بأنه كان هناك خطة لإنشاء 3 سجون جديدة في لبنان (الجنوب والبقاع والشمال) وإعادة تأهيل سجن رومية، ويضيف: "أقرت الخطة لكنها ضاعت بعد إستقالة الحكومة".

أما الأب غانم فيلفت إلى أن الجمعية تقوم في الوقت الراهن بمثل هذه البرامج في السجون بموافقة النيابة العامة التمييزية، وهي مستعدة للقيام بهذا الأمر في مرحلة تنفيذ القانون، لأن القيام بالعمل الإجتماعي في احدى الجمعيات لا يكفي وحده، ويوضح أن هذا البرنامج يكون على 8 جلسات على الأقل، تكون بمثابة محاضرات توعوية إصلاحية.

على صعيد متصل، يشدد شربل على أن هذه الخطوة يجب أن تتكامل بتحديد نوع الجمعيّات التي سيخدم فيها المحكوم، فلا يجب أن تكون حزبيّة أو سياسيّة انما اجتماعية ومتخصصة بتأهيل السجين ليعود جزءاً من المجتمع. ويذكر ببعض بالمواد في نظام السجون التي تنص على أن المحكوم، في حال كانت فترة محكوميته طويلة، عندما يثبت خلال تواجده في السجن أنه حسن السلوك، يمكن لمأمور السجن أن يرفع تقريراً إلى وزارة العدل لتعيد النظر بالحكم وتخلي سبيله.

ويشدد شربل على أن المطلوب أيضاً تحسين السجون وإقامة مكان مخصص ليمارس السجناء، وأغلبهم من أصحاب المهن والاختصاص، مهنهم وبالتالي لا يفكر السجين دائماً بطريقة ليهرب فيها من السجن بل يستغل وقته ويعمل ويحقق أرباح مادية ليعيل عائلته خارج السجن.

في المحصّلة، هي خطوة إيجابيّة على طريق إعادة النظر في ملف السجون، لكن السؤال يبقى حول طريقة التنفيذ، على أمل أن يستكمل بخطة شاملة تعالج مختلف جوانب الأزمة.