عند تشكيل الحكومات، تتجه الأَنظار إلى الحقائب السيادية ومَن يتولاها، أهمية هذه الحقائب انها تشكِّل حجر الزاوية بالنسبة إلى السلطة التنفيذية، وهي: المالية والدفاع والداخلية والخارجية.

قياسًا على هذا المفهوم، هناك "مؤسسات سيادية" إذا صحّ التعبير، حتى ولو كانت خاصة وليست عامة، وأهميتها انها تشكَّل حجر الزاوية في وضع البلد ككل.

***

من "المؤسسات السيادية" ​جمعية المصارف​ التي تتجه الأنظار إليها خصوصًا في ظروفنا الراهنة:

فإذا انعقد مؤتمر اقتصادي - مالي للبنان، كمؤتمر "سيدر" الذي انعقد منذ عام ونصف العام، اتجهت الانظار إلى جمعية المصارف لمعرفة موقفها من مقرراته ولمعرفة ما هو المطلوب منها وما هي التزاماتها حياله.

وإذا جرى بحث ​الموازنة​ العامة، تتجه الأنظار إلى جمعية المصارف في محاولة لمعرفة ما هو مطلوب منها حيال هذا الاستحقاق السنوي أو الذي يفترض ان يكون سنويًا.

***

ولأن جمعية المصارف أصبحت في الظروف الراهنة على هذه الدرجة من الأهمية القصوى و"السيادية"، فإن الأَنظار باتت تتجه إليها في كل خطوة تخطوها.

المحطة البارزة هذه السنة تمثَّلت في انتخابات جمعية المصارف، لعلها المرة الأولى في تاريخ هذه الجمعية ان التزكية لهذا الموقع جاءت من الموقع الأول في البلد، فالرئيس السابق لجمعية المصارف ​جوزيف طربيه​، وإثر زيارته لقصر بعبدا ولقائه ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، أعلن من على منبر القصر الجمهوري انه تمَّ التوافق على الدكتور ​سليم صفير​ رئيسًا لجمعية المصارف.

***

هذا الاختيار لم يأتِ مصادفة، بل جاء تتويجًا لمسار طويل قام به الدكتور سليم صفير بحيث جاءت رئاسة جمعية المصارف بالنسبة إليه تتويجًا لهذه المثابرة التي قام بها على مستوى ​القطاع المصرفي​ وعلى مستوى "القطاع الوطني" إذا صحَّ التعبير.

***

من "نوفا سكوتيا" الكندي في بيروت مطلع سبعينيات القرن الماضي، إلى رئيس مجلس إدارة "​بنك بيروت​" الواسع الإنتشار في لبنان والمغتربات وصولًا إلى ​اوستراليا​، إلى رئيس جمعية المصارف اعتبارا من هذا الشهر. الدكتور سليم صفير "طاقة طموح" لا حدود لها.

و"طاقة مشاريع" لا تهدأ سواء على المستوى المصرفي أو على المستوى الوطني.

له يدٌ دافئة على كل قطاع واعد ومنتج، فهو الى جانب رئيس ​التيار الوطني الحر​ وزير الخارجية ​جبران باسيل​، وليس سرا انه إلى جانبه في مؤتمرات الطاقة الإغترابية، لا بل يمكن القول إنه من أبرز أسباب نجاح وتألق هذه المؤتمرات.

كما ليس سرًا انه إلى جانب بكركي: ففي العام 2014 تم تعيينه نائب رئيس ​المؤسسة البطريركية المارونية​ العالمية التي أسسها غبطة ​البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي​. وفي العام 2015 تم انتخابه عضواً في مجلس أمناء ​جامعة الروح القدس​ ​الكسليك​.

هاجسه وطني بإمتياز: "القطاع المصرفي في خدمة الأهداف الوطنية وليست الأهداف الوطنية في خدمة القطاع المصرفي"... شعارٌ بسيط لكنه يزخر بالمحطات وصولًا إلى ترجمتها في الإزدهار.

***

يأتي الدكتور سليم صفير على رأس القطاع المصرفي في ظرف بالغ التعقيد ماليًا واقتصاديا واجتماعيًا.

فالموازنة لم تصدر بعد، والتعويل الكبير كان على القطاع المصرفي لجهة السندات المنخفضة الفوائد، لكن هذا القطاع بالمرصاد لأنه مؤتمن على ودائع الناس ولا يحق له التصرف بها كيفما كان خصوصًا ان ​القطاع العام​ الذي ستذهب إليه هذه الأموال ليس محط ثقة على الإطلاق.

***

ولأن ​الوضع المالي​ والإقتصادي في مأزق، فإن ملاذ اللبنانيين في القطاع المصرفي، وهذا ما يجعل دور هذا القطاع في غاية الأهمية، ودوره استراتيجي .

وعليه فإن المطلوب إطلاق صرخة في وجه جميع المؤثِّرين والقول لهم: إرفعوا أيديكم عن القطاع المصرفي ولا تعبثوا به كما عبثتم بغيره من القطاعات وتسببتم بالأَضرار الباهظة.