أثمرت الاتصالات التي بُذِلَتْ عن إيجاد حلول لقضية عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بعد الإجراءات التي نفذتها وزارة العمل، ما أدّى إلى موجة غضب شديد في المخيّمات الفلسطينية، وفي بيروت وصيدا وصور وطرابلس، شجباً لما يزيد من مُعاناة اللاجئين الفلسطينيين.

عباس يوفد الأحمد

وطغت أجواء إيجابية على الاجتماعات مع التأكيد من الرئيس الفلسطيني محمود عباس على أنّ "العديد من القضايا ستُحل بالحوار والمفاوضات مع الأخوة اللبنانيين، ورفض التصعيد من أي جهة كانت".

وأكد الرئيس عباس خلال اجتماع اللجنة التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية"، الذي عُقِدَ في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، أنّه "تم إيفاد رئيس دائرة الشؤون العربية والبرلمانية والمشرف على الساحة

الفلسطينية في لبنان عزام الأحمد لمتابعة هذه القضايا مع الأخوة اللبنانيين، ونؤكد رفضنا لكل أشكال التصعيد، لأنّ الأهم حل المشاكل وليس تعقيدها".

وتابع الرئيس عباس: "سنناقش الوضع القائم الآن في لبنان، والذي يأتي عقب الظروف التي مررنا بها هناك، والتي كانت مُمتازة كقضية صابر مراد وغيرها، التي انعكست إيجاباً على علاقاتنا الأخوية مع الأشقاء في لبنان".

وليل أمس، وصل موفد الرئيس عباس، الأحمد إلى لبنان، للقاء المسؤولين اللبنانيين لمتابعة تداعيات ما يجري.

اجتماع أبو سليمان ودبور

وعلمت "اللـواء" بأنّ اجتماعاً عُقِدَ ليل أمس بين وزير العمل الدكتور ​كميل أبو سليمان​ والسفير الفلسطيني في لبنان ​أشرف دبور​، بحضور عدد من مستشاري الوزير، جرى خلاله التطرّق إلى واقع العمل للفلسطينيين، انطلاقاً من خصوصية الوجود الفلسطيني القسري في لبنان، وانتفاء صفة الأجنبي عنه، مع الإلتزام بالقوانين المرعية الإجراء على الأراضي اللبنانية، ما يعطي الفلسطينيين امتيازات.

وفي طليعة ذلك، وقف إقفال المؤسّسات التجارية التي يملكها فلسطينيون مع تسطير محاضر ضبط للمخالفين، كما مالكي المؤسّسات اللبنانية. وتقديم تسهيلات لحصول الفلسطيني على إجازة عمل معفية من الرسوم، وأيضاً إجازة صاحب عمل، وهو ما كان قد جرى المطالبة به من قِبل "لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني".

وأيضاً فصل اشتراط الحصول على إجازة عمل بالتسجيل المُسَبق بالضمان الاجتماعي، وعدم تحديد عدد العمّال الفلسطينيين من المؤسّسات التجارية. وأيضاً عدم مُطالبة أصحاب العمل بإيداع مبلغ 100 مليون ليرة لبنانية في أحد المصارف، وحتى نسبة 25٪ من قيمة هذا المبلغ، على اعتبار أنّ اللاجئ الفلسطيني ليس أجنبياً.

وسيتم تعميم المستندات المطلوبة للحصول على إجازات العمل على الموقع الإلكتروني لوزارة العمل.

على أنْ تُتَابع الأمور من أجل إصدار المراسيم والتعديلات المطلوبة في ضوء الحوار اللبناني - الفلسطيني.

إعادة فتح "مؤسّسة عارف"

كما وقّع الوزير أبو سليمان أمس على طلب فض اختام الشمع الأحمر عن "مؤسّسة عارف للسيراميك" لصاحبها زياد عارف الحاج محمود، في منطقة ضهر العين - الكورة، بعد حصوله على إجازة عمل، ووجّه الوزير أبو سليمان كتاباً إلى النائب العام الاستئنافي في الشمال القاضي نبيل وهبي، من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لفض الأختام لتمكين صاحب المؤسّسة من مُزاولة نشاطه التجاري.

وعقد السفير دبور اجتماعاً مع "مجموعة العمل الفلسطينية" في مكتبه بالسفارة، وضعهم فيه بأجواء الاتصالات التي تجري على أكثر من صعيد بشأن مُعالجة واقع العمل للفلسطينيين.

إبراهيم وتسهيلات السفر

وفي خطوة هامة تُريح الأجواء، ولاقت استحساناً لدى الفلسطينيين، أصدر المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم تعليماته إلى دوائر الأمن العام من أجل تقديم تسهيلات لحاملي وثائق السفر الفلسطينية، الصادرة عن الأمن العام اللبناني، في سفرهم بالمغادرة أو الدخول عبر "مطار الشهيد الرئيس رفيق الحريري الدولي" أو المرافق العامة، وأيضاً ختم وثائق السفر لدى "الكونتوارات" الخاصة باللبنانيين وليس الأجانب، وعدم تعبئة بطاقات الدخول والمغادرة.

واستقبل اللواء عباس إبراهيم في مكتبه ظهر أمس، وفداً من التجّار الفلسطينيين في الجنوب الذين عرضوا له انعكاسات قرارات وزارة العمل المتعلّقة بتطبيق قانون العمل على اليد العاملة الأجنبية على أعمالهم.

أبو سليمان لدى "الاتحاد العمالي"

وزار الوزير أبو سليمان صباح أمس، مقر الاتحاد العمالي العام، حيث كان في استقباله رئيس الاتحاد بالوكالة حسن فقيه وأعضاء هيئة المكتب.

وعقد الوزير اجتماعاً مع قيادة الاتحاد تناول الشؤون العمالية، ووضع العمالة الأجنبية واللبنانية في ضوء الإجراءات التي اتخذتها وزارة العمل لضبط المخالفين.

وإثر انتهاء الاجتماع، تحدّث فقيه، فقال: "نرحّب بوزير العمل، وهو وزير العمال على طاولة مجلس الوزراء، وكان لنا كلام وإشادة بما قام به بالنسبة لعمال المطاعم والملاهي والمقاهي لجهة إحلال العمالة اللبنانية بدلاً من العمالة الأجنبية".

وأضاف: "كذلك بحثنا في تحديث قانون العمل الذي نحن جزء أساسي منه، خصوصاً أنّه قانون بالٍ منذ 1946، ولم يطرأ عليه أي جديد لجهة إعطاء العمّال حقوقهم. كما بحثنا مواضيع العمالة وتطبيق

القوانين والأنظمة المرعية الإجراء. ومعه أيضاً في خطوته للمحافظة على اليد العاملة اللبنانية. ونحن مع إعطاء وضع خاص للأخوة الفلسطينيين نظراً إلى حساسية هذا الأمر ونظراً للاحتلال في بلدهم، بينما وضع السوريين بدأ يتحسّن بعد تحسّن الظروف في سوريا ويمكن العودة. ومَنْ يريد البقاء في لبنان يجب أنْ تُطبّق القوانين والأنظمة لحماية اليد العاملة اللبنانية في ظل نسبة بطالة كبيرة في لبنان. وقد تمنينا عليه الإفساح في المجال والأخذ في الاعتبار واقع العامل الفلسطيني وفقاً للقوانين والأنظمة المرعية الإجراء".

وختم فقيه: "سمعنا من الوزير كلاماً مطمئناً في كل المواضيع التي طُرِحَتْ".

من جهته، اعتبر أبو سليمان أنّ "وزارة العمل دورها حماية اليد العاملة وحماية العمّال اللبنانيين، وبما أنّنا في ظل وضع اقتصادي صعب، فذلك يتطلّب حواراً اجتماعياً. وهذا الحوار يجب أنْ يتم مع الاتحاد العام وأرباب العمل ووزارة العمل أي الثلاثية كي يأتي الحوار فاعلاً".

وقال أبو سليمان: "أما بالنسبة إلى خطة مكافحة اليد العاملة غير الشرعية، فهي أدّت إلى توفير فرص عمل للبنانيين. ونحن نتابع هذه الخطوات والتدابير، وآمل أنْ يكون عمّال لبنان إلى جانبنا. أما بالنسبة إلى وضع العمّال الفلسطينيين، فلهم وضع خاص، وعندهم مأساة، ولسنا هنا لنزيد من مآسيهم، بل

هناك قوانين سنعمل على تطبيقها، وهي تعطي امتيازات ومنافع للعمّال الفلسطينيين. ووزارة العمل ستعطي الحقوق اللازمة لهؤلاء العمّال".

كتاب

وتسلّم وزير العمل كميل أبو سليمان كتابا من اتحاد نقابات عمّال فلسطين - فرع لبنان، هنا نصه: "تحية الطبقة العاملة الفلسطينية لسعادتكم وللبنان الشقيق.

إنّ الاتحاد العام لعمّال فلسطين واتحاد نقابات عمّال فلسطين في لبنان بما يمثّل، يطمح أنْ تنال رسالتنا هذه الاهتمام المناسب لما فيه خير للجميع في ظل الظروف المعقّدة التي تمر بها المنطقة.

إنّ الشعب الفلسطيني المُقيم قسراً في لبنان بسبب الاحتلال الإسرائيلي لوطننا فلسطين منذ بضع وسبعين عاماً، يتطلّع إلى أنْ ينصف من قبلكم في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة عامة ولبنان خصوصاً. إذ يأمل أنْ يعامل كما القانون الدولي الذي ينص على أنّه لاجىء وليس بأجنبي إذ إنّ الأجنبي يحتاج إلى إقامة وكفيل من أجل تقديم طلب إجازة العمل بينما العامل الفلسطيني مُقيم قسراً، ولا يحتاج إلى كفيل هذا من جهة، وبما أنّ قانون العمل 129 و128 المادة 59 والمادة 9 فقد استثنت المعاملة بالمثل لخصوصية القضية الفلسطينية وبسبب الاحتلال الإسرائيلي لوطننا فلسطين وسيطرته على الحدود

والمعابر، وما يتعلّق بموضوع الضمان من حيث الاستفادة من نهاية الخدمة، وإصابة العمل فقط، مع أنّه يدفع لكافة الفروع من أمومة وطبابة ومدارس، هذا من جهة أخرى.

مع عدم صدور مرسوم تطبيقي للقانونين بعد مرور تسعة اعوام.

أما على الصعيد العام للعمالة الفلسطينية التي تؤرّق البعض في لبنان، فهي حاجة ضرورية لأبناء شعبنا، إذ إنّ اللاجىء الفلسطيني لا يجوز أنْ نقبل فئة معيّنة منه في سوق العمل بلبنان، ونرفض فئة أخرى، وهي من كيان وصميم الشعب الفلسطيني. مع أنّ العمالة الفلسطينية لا تتعدّى 2% من العمالة الأجنبية.

إذ إنّ الأعمال التي شُرّعت للعمل للعامل الفلسطيني لا تكفي إلا لشريحة (فئة) قليلة منه، وهي جعلت الأولوية للعامل اللبناني، إذ إنّ العامل الفلسطيني لا ملجأ لديه، وهو مُحاصر ممنوع من السفر لمعظم الدول العربية تحت حجج عديدة، منها دعم القضية الفلسطينية من خلال البقاء في دول الطوق، وخصوصاً لبنان من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، والتي نحن نتمسّك بها، رافضين التوطين ومتمسّكين بحق العودة وبتطبيق القرارات الدولية وخصوصاً القرار 194.

إنّنا نتطلّع لدوركم البارز في العمل على إنصاف الطبقة العاملة الفلسطينية مع العمل على تقديم تعديل لقانون العمل يُتيح لعمّالنا أنْ يعملوا في مختلف المهن، وخصوصاً أنّ أبناء شعبنا يتدرّجون بالمدارس والثانويات والجامعات والاختصاصات في المؤسّسات التربوية اللبنانية، مما يلزم لبنان قانونياً بالسماح لهم بالعمل على الأراضي اللبنانية، وذلك دعماً للحقوق الفلسطينية والقضية الفلسطينية. لكي نستطيع معاً أنْ نصمد في وجه الاستهداف و"صفقة القرن" التي نرفضها نحن الفلسطينيين وأنتم وكل أحرار العالم".

وزير العمل الفلسطيني

وتلقّى الوزير أبو سليمان اتصالاً هاتفياً من نظيره الفلسطيني وزير العمل نصري أبو جيش وتناول البحث أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وأعرب أبو سليمان لأبو جيش عن تفهّمه لمعاناة الشعب الفلسطيني، مؤكداً "تقديم كل التسهيلات اللازمة بما يتعلّق بالمستندات المطلوبة لحصول الفلسطينيين على إجازات العمل كما ينص القانون اللبناني، وهي لا تكبّدهم أي رسوم عملاً بالتسهيلات الممنوحة لهم في القانون".

أبو فاعور

إلى ذلك، أشار وزير الصناعة وائل أبو فاعور إلى أنّ "موقفنا كحزب تقدّمي اشتراكي بدعم الشعب الفلسطيني واضح وحاسم. وحملة وزارة العمل تحتاج إلى إعادة نظر لجهة العمّال الفلسطينيين. وهناك خصوصية وقوانين يجب مراعاتها من قبل وزارة العمل. ونقاشنا مع وزير العمل أظهر تفهماً وإيجابية من قبله".