"إنها حفلة جنون.... وما حدا عارف شي من شي، شو صاير"...

هذا هو لسان حال ال​لبنان​يين هذه الأيام... يتفرَّجون على ما يجري تحت قبة البرلمان، من مداخلات ومساجلات ونقاشات النواب، فيخالون انفسهم أنهم أمام "صندوق الفرجة"، وصندوق الفرجة في الزمن الغابر، لم يكن بعيدًا كثيرًا جغرافيًا عن ​ساحة النجمة​، بل كان يتهافت الصغار إلى "الفرجة عليه" وعلى صوره التي كان يُحرِّكها صاحب الصندوق.

***

اليوم هناك صندوق، لكن الصور متحرِّكة، وهي صور حقيقية لأناس يتمتمون ولا يعرف المتفرجون شيئًا عما يقولون. ومن "حفلة" الأمور غير المفهومة نستخرج المشاهد التالية:

كيف لموازنة أقرها ​مجلس الوزراء​، المكوَّن من معظم ​الكتل النيابية​، أن تلقى كل هذا الإعتراض من الكتل النيابية ذاتها؟ كيف يوافق ممثلو الكتلة في مجلس الوزراء على ​الموازنة​، ويعترض ممثلو الكتلة ذاتها في ​مجلس النواب​ على الموازنة؟

***

مشهدٌ آخر من صندوق الفرجة:

كيف يُقال ان لا موازنة من دون قطع حساب ثم يتم الترويج إلى اقتراح قانون بتمديد مهلة تقديم قطع الحساب إلى آخر ​السنة​؟

كيف يُقال إن ​صندوق النقد الدولي​ يقترح هذا الشرط أو ذاك، ونقبل بالشرط، ثم نقول إن لبنان ليس ملزمًا بأن يقبل بشروط صندوق النقد الدولي؟

***

مشهدٌ ثالث من صندوق الفرجة:

كيف يتحدثون عن انتظام عمل المؤسسات ومؤسسة مجلس الوزراء لا تعمل؟

هو الاسبوع الثالث من دون مجلس الوزراء شارف على الإنتهاء، من دون ان يلوح في الأفق أي مؤشر إلى ان مجلس الوزراء سينعقد قريبًا؟

ويبدو ان ​الحكومة​ دخلت في إجازة طويلة، وبرزت معادلة "لا مجلس وزراء من دون مجلس عدلي، وإحالة حادثة ​قبرشمون​ إليه".

***

مشهدٌ رابع من صندوق الفرجة:

لنفترض أن مجلس النواب صادق على الموازنة بعد ثلاثة أيام من ​النقاش​، وصدرت في قانون ونُشرت في ​الجريدة الرسمية​، واستطاع عشرة نواب تقديم طعن ب​قانون الموازنة​ بسبب عدم تضمنها قطع حساب، فكيف سيتم تقديم الطعن أمام ​المجلس الدستوري​ فيما المجلس الدستوري غير مكتمل؟

المجلس الدستوري السابق انتهت ولايته.

المجلس الدستوري الحالي غير مكتمل، فهناك الأعضاء الذين انتخبهم مجلس النواب، ويبقى الأعضاء الذين يجب ان يعينهم مجلس الوزراء، ومجلس الوزراء لا يجتمع، فكيف سيكتمل المجلس الدستوري؟ وما هو مصير أي طعن يمكن ان يقدّم؟

***

إنها الصور من "صندوق الفرجة" السياسي في هذا البلد، ومَن يدري؟ فقد تتلاحق الصور وتتلاحق المأسي.

ألله يستر!