اخذ موضوع ​النازحين السوريين​ والعاملين الفلسطينيين في لبنان الكثير من الاخذ والرد، وخصصت له مساحات كبيرة في وسائل الاعلام، والاهم الاهم ان مناصري الحديث عن "العنصريّة" وفق مفهومهم الخاص ادلوا بدلوهم في هذا الموضوع. ولانّ النقاش لا يزال قائماً بين المتّهِمين ب​العنصرية​ والمتَّهَمين بها، لا بد من التوقف عند مسألة بالغة الحساسية والاهميّة وتتعلق بصحة المواطن اللبناني. قد يكون العمل في مختلف المجالات، مادة دسمة للنقاش حول صحة استخدام عاملين اجانب من عدمها، ولكن الخطر الكبير يتأتّى ممّا لفت اليه العديد من الاطبّاء لجهة دخول أناس سوريين وفلسطينيين على خط الصحّة العامّة (قد يكونون من الاطباء المعترف بهم ام لا)، ويعمدون الى تقديم خدمات طبّية الى مواطنين لبنانيين خلال النهار قبل ان يعمدوا الى العودة الى مخيّماتهم او الى ​سوريا​ في مساء اليوم نفسه. واشتكى الاطبّاء من هذا الواقع الذي لا يؤدّي فقط الى الحدّ من عمل الاطباء اللبنانيين، بل الى تخفيض مستوى الطبابة في لبنان بشكل عام وتعريض حياة المرضى اللبنانيين للخطر، خصوصاً وانه لا يمكن محاسبة هؤلاء "الاطباء" في حال حصلت مضاعفات صحيّة لأعمالهم، واستشهد الاطباء اللبنانيّون بحالات عدّة من ​توقيفات​ واعتقالات قامت بها الاجهزة الامنيّة اللبنانيّة لمثل هذا النوع من الاشخاص الذين يمارسون مهنة الطبّ دون ترخيص شرعي، واعتبروها نقطة من بحر المخالفات التي تجري كل يوم.

واشار الاطباء اللبنانيون الى انّ ​نقابة الاطباء​ في لبنان تحرّكت في اتجاه المسؤولين الرسميين واثارت معهم هذه القضيّة، وسألوا عمّا يمنع تطبيق القوانين على غرار ايّ بلد في العالم لجهة ممارسة الطب في بلد ثانٍ، مع كل ما يتطلّبه هذا الامر من تدقيق وتمحيص لان ّصحة الانسان هي الاغلى بالنسبة اليه، علماً ان لبنان يتمتع بسمعة جيدة جداً على صعيد الطبابة في محيطه كما في العالم، ومن المؤسف العمل على تغيير هذه الصورة بسبب بعض "الاطباء" الطارئين على المهنة، وفق ما يقوله الاطباء اللبنانيون.

وبالفعل، فإنّ الاعذار التي يمكن ان تقدّم لتبرير قيام هؤلاء الاشخاص بـ"هوايتهم" الطبيّة، تبقى غير ذي قيمة اذا ما قورنت بصحة الانسان، فاذا كانت الاوضاع الاقتصاديّة والماليّة هي السبب في اللجوء اليهم فإنّ خطر فقدان الحياة او دفع اموال طائلة جراء التعقيدات الصحّية التي يمكن ان تطرأ، لن تكون الحلّ بل ستزيد الامور تعقيداً. واذا كان الهدف من اللجوء الى هؤلاء الاشخاص كبديل عن الاطباء اللبنانيين، فعلى المرء ان يحسن الاختيار وان يلجأ الى من يتمتع بمستوى افضل وليس من تحيط به الشكوك والتساؤلات حول صحة ما يقوم به. وليس للعنصريّة ايّ مكان في هذا المجال، لانّ كل الحجج تسقط عندما يتعلّق الامر بالحياة والصحة، علماً ان الحديث عن العنصريّة يبقى مجرد كلام في الهواء عندما لا تنطبق القوانين المرعيّة الاجراء على حقّ كل شخص اجنبي (عربياً كان ام غربياً)، وليس ابسط وافضل من التمثّل بأيّ بلد في العالم يستقبل اناس من جنسيات مختلفة على اراضيه، انما وفق قوانين وشروط محددة تحفظ له ولمواطنيه حقوقهم.

انّ هذه المسألة الخطيرة، توجب على الجميع، من مسؤولين رسميين وامنيين ونقابيين وبشكل اساسي البلديات، العمل على وضع حدّ لها بالسرعة اللازمة، لانه لا ينقص اللبناني ان يتعرّض لخطر جديد يهدّد حياته، وعلى المقرّات الطبّية ان تطبّق القوانين عند استخدامها لايّ ممرض او طبيب غير لبناني، تماماً كما هو الامر عند استخدامها لاطباء لبنانيين، والا نصبح جميعاً عرضة لاهواء ومصالح ضيّقة وتصبح حياة اللبناني مجرد سلعة يتمّ المتاجرة بها لاسباب كثيرة فيما المطلوب واحد وهو الحفاظ على هذه الصحة والحياة.