تسارعت وتيرة الاتصالات واللقاءات لمُعالجة تداعيات إجراءات وزارة العمل بحق ​اللاجئين الفلسطينيين​ في لبنان، بين الحرص على إيجاد حلول هادئة وبنّاءة ومُثمرة، وبين مَنْ يسعى إلى استغلال ذلك وتوظيفه ضمن مُزايدات "بازار" التجاذبات الداخلية من القوى السياسية اللبنانية.

وكشفت مصادر مُطلعة ومُتابِعة لـ"اللـواء"، عن أنّ صيغة جديّة للحل تبلورت، وجرى طرحها خلال سلسلة من الاتصالات واللقاءات، ويُنتظر تنفيذ آلياتها، وهو ما يحتاج إلى بعض الوقت.

وتتوزّع الصيغة، بين مُذكّرات في وزارة العمل، ومراسيم أخرى من مجلس الوزراء في أوّل جلسة يعقدها، في ضوء توجّه الرئيس ​سعد الحريري​ إلى دعوته للانعقاد، والمرهونة بانتظار نتائج مساعي المدير العام للأمن العام اللـواء ​عباس إبراهيم​، بشأن حادثة الجبل في قبر شمون، التي اقتربت مُعالجاتها من خواتيمها.

وصولاً إلى إحالة الملف إلى مجلس النوّاب لإصدار تعديلات على القوانين المطلوبة.

وتتركّز المساعي المبذولة على بحث المواد القانونية، وفق تباين الروئ بين المسؤولين اللبنانيين، لجهة مَنْ يعتبر أنّ:

- الفلسطيني بحاجة إلى إجازة عمل - ويُعفى من دفع رسومها.

- الفلسطيني ليس بحاجة إلى ذلك، على اعتبار أنّ لجوءه إلى لبنان بشكل قسري، بفعل الاحتلال الإسرائيلي لوطنه، ووُلِدَ في لبنان، وهو ما تثبته سجلات وزارة الداخلية والبلديات - دائرة الشؤون السياسية، التي يحمل بطاقة هوية صادرة عنها، ما يُشكّل إقامة دائمة له.

وفي ضوء التوافق اللبناني حول هذه الصيغة، يُمكن الإعلان عن الخطوات المُقبلة، لجهة مُعالجة ذلك بالمراسيم المطلوبة داخل مجلس الوزراء، أو الاضطرار إلى تعديل جديد، يُضاف على تعديل الفقرة الثالثة من المادة 59 من ​قانون العمل​ رقم 129، الذي تم بتاريخ 24 آب 2010، والتي استثنت الفلسطيني من دفع رسوم الحصول على إجازة عمل - وهو ما أكدته "الرؤية اللبنانية المُوحّدة للتعامل مع اللاجئين الفلسطينيين" الصادرة عن "مجموعة العمل اللبنانية" المُشكَّلة من الأحزاب المُمثَّلة في مجلسَي الوزراء والنوّاب - لتصبح استثناء الفلسطيني من إجازة العمل.

والصيغة التي يحتاج تنفيذها إلى بعض الوقت، تُقابل بحرص على عدم التصعيد والتوتير، وضبط الحراك المطلبي الفلسطيني في إطاره السلمي، منعاً للاستغلال ممَّنْ يريد الاصطياد بالمياه العكرة.

وأيضاً ضبطاً لمستوى خطاب الشارع المسيحي، والحؤول دون استثمار هذه القضية بشكل خاص في تسعير الابتزاز الطائفي والمذهبي.

وينطلق حرص الضبط، لبنانياً وفلسطينياً، من قطع الطريق على إعادة التموضع، الذي بدأت ملامح عودة انقسامه تُكرّس حول طريقة التعاطي مع الملف الفلسطيني، وتصويب البعض بتصويره بأنّه خروج عن القانون، وهو ما يُفيد - هذا البعض - في حساباته لشد العصب الطائفي والمذهبي، وتقاذف التهم بين أطراف مُتعدّدة، بما في ذلك إبراز هذا الملف ليطغى على هفوات وأخطاء ارتكبها المحرّضون، وحتى على حادثة الجبل!

وفي المشهد الأبعد، المخاطر المُحدِقة في ظل إصرار إدارة الرئيس دونالد ترامب على تنفيذ "صفقة القرن"، التي رفضها الرئيس الفلسطيني ​محمود عباس​، وصولاً إلى إعلانه خلال اجتماع القيادة الفلسطينية في مقر الرئاسة في رام الله، وقف العمل بالاتفاقيات المُوقّعة مع الجانب الإسرائيلي.

وكذلك استهدافاً للبنان الداعم للقضية الفلسطينية والرافض للصفقة، وهو ما أُجمِعَ عليه من الرؤساء الثلاثة، إلى كافة مُكوّنات الشعب اللبناني، والذي كان موضع تقدير فلسطيني شامل.

وكان محور هذه الاتصالات، رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، الرئيس الحريري، رئيسة "​كتلة المستقبل​ النيابية" النائب ​بهية الحريري​، وزير العمل الدكتور كميل أبو سليمان، رئيس "لجنة الحوار اللبناني - الفلسطيني" الوزير السابق الدكتور ​حسن منيمنة​، اللواء إبراهيم والسفير الفلسطيني في لبنان ​أشرف دبور​.

الرئيس بري

وأمس، تواصلت اللقاءات، حيث إلتقى الرئيس بري بالوزير أبو سليمان في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة.

ونُقِلَ بأنّ الأجواء كانت إيجابية، بهدف أجل إيجاد الحلول القانونية لأزمة عمل اللاجئ الفلسطيني.

وفي هذا الإطار، جرى اتصال بين الرئيس بري والسفير دبور، لبحث الصيغ المطروحة.

وكان أبو سليمان قد إلتقى، أمس الأول، الرئيس الحريري في السراي الكبير، بحضور الوزير السابق منيمنة والوزير السابق الدكتور غطاس خوري.

كما التقى أبو سليمان في مكتبه بالوزارة، المدير العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في لبنان ​كلاوديو كوردوني​، برفقة المسؤولة عن العلاقات الخارجية في المنظمة ماري شبلي.

وتناول البحث خطة وزارة العمل لتنظيم اليد العاملة غير اللبنانية، وتأثيرها على اللاجئين الفلسطينيين، حيث عرض أبو سليمان لتفاصيلها وحيثياتها، مُعرباً عن استعداده لتقديم كل التسهيلات للفلسطينيين تحت سقف القانون.

وأكد كوردوني أنّ "حصول الفلسطينيين في لبنان على إجازات عمل لا يُؤثّر إطلاقاً على وضعهم كلاجئين في ما يتعلّق بالتقديمات التي تمنحهم إياها الأونروا".

من جهته، تمنّى أبو سليمان على الدول المانحة تعزيز دعم "الأونروا"، كي تستطيع مُواصلة خدمة الشعب الفلسطيني، والتخفيف من الصعوبات التي يُواجهها، مُشدّداً على أنّ "المسألة مسؤولية انسانية تقع على عاتق المجتمع الدولي ككل".

وسيلتقي أبو سليمان صباح الإثنين المقبل، وفداً حقوقياً فلسطينياً لمُناقشة ملف عمل اللاجئين الفلسطينيين.

كذلك أجرت النائب الحريري سلسلة اتصالات في هذا الإطار.

اتساع دائرة التحرّكات

واتسعت دائرة الحراك الفلسطيني، حيث عمَّ الإضراب العام المخيّمات الفلسطينية في لبنان. فللجمعة الثانية انطلقت مسيرات الغضب في كافة المخيّمات، والتي تزامنت مع إطلاق حملة تأييد

لمواقف الرئيس الفلسطيني "أبو مازن"، بوقف العمل بالاتفاقات مع الكيان الإسرائيلي، وتأييد التصدّي لـ"صفقة القرن".

ورفع المتظاهرون الأعلام اللبنانية والفلسطينية والرايات الحزبية.

وفي مقدّمة المخيمات، كان التظاهرة الخاصة، في مخيّم عين الحلوة المُقفلة مداخله كافة منذ نحو 12 يوماً.

ولفت الانتباه الإضراب الذي شهده مخيّم مار إلياس - وسط العاصمة بيروت، حيث عمّه الإضراب فأغلقت المؤسّسات والمحال أبوابها، وأُقفلت مداخله بالإطارات المطاطية، وهي المرّة الأولى التي يشهد هذا المخيّم إضراباً بهذا الحجم.

كذلك في منطقة الشمال عمَّ الإضراب العام المخيّمات، فيما أقفل الفلسطينيون الذين يملكون مؤسّسات تجارية أبواب محلاتهم في مدينة طرابلس وعدد من بلدات المنطقة.

كذلك تضامن العديد من الفلسطينيين خارج لبنان مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومطالبهم المُحقة.

فقد شارك أبناء غزّة في الجمعة الـ68 من "مسيرات العودة وكسر الحصار"، التي حملت عنوان: "لاجئو لبنان".

كذلك شهدت العديد من الدول تحرّكات أمام السفارات اللبنانية، خاصة في بريطانيا وألمانيا والسويد.

وفي إطار التحرّكات أيضاً، دعا "اللقاء السياسي الشعبي اللبناني - الفلسطيني" أبناء الشعبين اللبناني والفلسطيني للمشاركة في التظاهرة الجماهيرية في صيدا مساء يوم الثلاثاء المقبل، تنطلق من ساحة الشهداء الساعة 7.00، وتُختتم في ساحة النجمة بكلمة للأمين العام لـ"التنظيم الشعبي الناصري" النائب الدكتور أسامة سعد.

وقد استحصل النائب سعد على ترخيص من محافظ الجنوب منصور ضو لتنظيم التظاهرة.