اطلق رئيس حزب القوات اللبنانية ​سمير جعجع​ رصاصات من العيار الثقيل في حلقته التلفزيونية، أصابت بشكل أساسي ​حزب الله​ والتيار الوطني الحر، الأمر الذي قطع "شعرة معاوية" التي تربط حزبه بالتيار الوطني، فكان انسحاب ممثلي التيار من الحلقة كبداية لما سيستمر اليوم وغدا. سجالات وردود واتهامات لعلّ أبرزها ما جاء على لسان النائب ​سيزار ابي خليل​ "الافتراضي" متوجها ضمنيا الى جعجع بالقول: "انت ضلّيت سنتين تعرقل الكهربا لأنّك مستفيد من تجارة المازوت الاحمر والأخضر للمولدات... لسانك فضحك، صح فيك قول: من فمك ادينك يا اسرائيل".

في هذا السياق، وبحسب مصادر مطلعة مواكبة الطرفين، فإن الأجواء توحي بأن العلاقة بينهما عادت إلى نقطة الصفر، نتيجة التراكمات التي تعود إلى ما قبل الإنتخابات النيابية السابقة، حيث كل فريق يتّهم الآخر بعدم الإلتزام ببنود إتفاق معراب، التي كانت أساساً لدعم ترشيح العماد ​ميشال عون​ لرئاسة الجمهورية.

اليوم، الحديث عن إعادة ترميم العلاقة بات صعباً جداً، خصوصاً بعد مواقف جعجع الأخيرة، التي أوحت بنيّة لدى الرجل بالتصعيد في الفترة المقبلة، لا سيّما مع إنضمام رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​ إلى هذا التوجه. ولكن وبحسب المصادر فإن المشكلة الأساسيّة في حديث جعجع الأخير، تكمن بأنه ذهب بعيداً في التصعيد وصولاً إلى "المسّ" برئيس الجمهورية، بعد أن كان يحصر المشكلة برئيس "التيار الوطني الحر" ​جبران باسيل​، لناحية تعبيره عند سؤاله عن سبب عدم حديثه مع عون حول ما يحصل، الأمر الذي استدعى إنسحاب ممثلي التيار من الإستوديو.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "بعد ما حصل، لا يمكن الحديث عن قطيعة بين الجانبين بشكل كامل، لكن المعالجة باتت أصعب من الماضي بكثير، وربما تحتاج إلى إعادة تحريك عرابي التسوية النائب ​إبراهيم كنعان​ والوزير السابق ​ملحم الرياشي​، لكن في ظل الأوضاع الحالية لا يمكن الرهان على نجاحهما في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، من دون أن يعني ذلك أن التوتر الحالي سوف ينعكس على المصالحة في الشارع، ولو بدا واضحا ما بدأ على مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت في زمننا هذا تشكل ساحات المعارك.

من جهته يشير عضو تكتل "​لبنان القوي​" النائب ​أسعد درغام​، في حديث لـ"النشرة"، تعليقا على المواقف الأخيرة التي أطلقها جعجع، إلى أن من حقّ الأخير أن يقول ما يريد، لكن التوقيت خاطىء، لا سيما أن البلاد تمر في مرحلة ما بعد إقرار الموازنة ومن المفترض أن تنطلق الحكومة لتعالج الملفّات الأساسيّة.

ويشدد درغام على أن التصعيد لا يخدم لبنان في ظلّ الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، لافتاً إلى أن مثل هذه المواقف لا تساعد بحلّ الأزمة الإقتصاديّة ولا بمواجهة التحدّيات التي تواجه لبنان ولا تساعد أيضا على تعزيز التضامن الحكومي.

من جهته يرى عضو كتلة "الجمهورية القوية" ​عماد واكيم​ أن ما قاله جعجع ليس الا الحقيقة الواضحة، وما على التيار الوطني ونوابه ومسؤوليه إلاّ ان يستدركوا ما يحصل ونحن الى جانبهم بتصحيح الاخطاء. ويضيف في حديث لـ"النشرة": "لن نرد على الردود، خصوصا الولاّدية منها، ولكن ما يجب التوقّف عنده هو رد وزير الطاقة السابق الذي اتهمنا "بالمازوت"، رغم ان الناس باتت على علم كامل بملفّ الكهرباء، مشيرا الى أن سيزار كان وزير الطاقة، وعلى افتراض ان الامر صحيح فلماذا سكت كل هذا الوقت؟.

بالنسبة الى درغام فإن علاقة التيار مع جميع المكوّنات اللبنانيّة لا تتأثر بموقف من هنا أو هناك، لأنّ مواقف "الوطني الحر" مبدئيّة وطنيّة ويتعامل مع الجميع على أساس المصلحة الوطنيّة، لكنه أكّد أن مواقف جعجع لا تساعد في ترميم العلاقة بين الجانبين.

اذا، يبدو أن الازمات السياسية تتوالى، وقرب انتهاء أزمة تُعيد جمع الحكومة، لا يعني أن أزمة جديدة لن تطرق باب مجلس الوزراء قريبا، فهل تنفجر العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية؟!.