نوّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ ​أحمد قبلان​، ممثِّلًا رئيس ​المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى​ الإمام الشيخ ​عبد الأمير قبلان​، خلال رعايته حفل التخريج الّذي أقامته "​الجامعة الإسلامية​ في ​لبنان​" لطلاب الجامعة- خلدة الوردانية للعام الدراسي 2018-2019، إلى "أنّنا نخوض معكم معركة إنتاج الإنسان والوطن، من باب القدرات العلميّة في بلد يعاني معاناة لم نرَ مثلها، يعاني من غياب الضمير، فائض ​الفساد​، وتقاسم الكعك السياسي والطائفي، ما يعني أنّنا بحاجة ماسّة إلى إنتاج أجيال قادرة على ربح إنساننا".

ولفت إلى أنّ "الله حين بيّن معنى خلقه للإنسان، أكّد أنّه سخّر له الكون ودلّه على الطريق وحشّد له الإمكانات، من ثمّ كشف له حقائق الدهر ومعنى المصير، وذلك لأنّ الموعد ليس الخلود بالدنيا، بل ليعبر إلى الحياة الأبدية الأعظم من ثمّ ليصافح الله بحقائق عمله ونتائج علمه". وركّز على "أنّنا مطالبون بتأكيد القيمة العلميّة والمقعد الجامعي وتأمين المزيد من المساعدات الممكنة الّتي تساعد أجيالنا على اجتياز القدرات العلميّة للارتباط بسوق المصالح الّتي تهمّ ناسنا وبلدنا ومجتمعنا، على قاعدة "أكبر العبادة ما كان خدمة للإنسان وتأكيدا لحاجاته المدنية"، وعلى طريقة "من يريد أن يربح وطنًا عليه أن يربح نظام التعليم فيه وإلا لن يبقى وطن ولن تبقى أجيال".

وأكّد الشيخ قبلان، أنّه "يجب أن نربح معركة العلم وهذه أمانة، لكن بالمقابل لا يجوز بأيّ شكل من الأشكال أن نخسر هويّتنا وثقافاتنا، والأهم من هذا وذاك أن لا نخسر صلتنا بخالقنا، لأنّ صنع القنبلة النووية كان إنجازًا علميًّا هائلًا، إلّا أنّ من يملك ثقافة جزّار حولها سلاح إبادة وقتل"، مبيّنًا أنّ "كذلك الحال بالصناعات والتقنيات المختلفة، منها الطب وصناعة ​الأدوية​، لدرجة أنّ شركات براءة الاختراع ربحت معركة إنتاجها الطبي على حساب مئات الملايين الّذين تجرّعوا الموت غصةً وما زالوا، لأنّ من يملك الاسم التجاري همّه المال وليس الإنسان، وهذه وحشيّة مخيفة لا يجوز تمكينها من ناسنا ومجتمعنا وحاجات وطننا، بخاصّة أنّ التجربة أكّدت أنّ المال إذا تمكّن من السلطة أفسدها، وحوّل البلد وناسه سوقًا للصفقات، ولبنان خير نموذج لذلك الواقع القذر".

وشدّد على أنّ "من هنا، فإنّ الإنسان المتعلّم بوعيه ونخوته وثقافته ضرورة علميّة وحاجة إنسانيّة، لأنّه ضمانة لتوظيف العلم بالمكان الصح والهدف الصح، ما يعني بحاجات الإنسان وأولويّاته وليس بالحروب والفظاعات وأسواق فئران التجارب البشريّة، وجبهات حرب المال، الّتي خلّفت وتخلّف مئات الملايين من الضحايا المظلومين". وأشار إلى أنّ "الإنسان أوّلًا وليس السلطة، الإنسان بحاجاته ومصالحه وليس المال، الإنسان كسبب لوجود الوطن والدولة وليس الدولة كبالوعة لناسها وأجيالها. الإنسان بما هو إنسان بعيدًا عن دينه وعرقه ولغته، لكن على قاعدة الإنسان بفطرته، وليس الإنسان الوحش، الإنسان المنتج للعلم، وليس المنتج للدمار الشامل".

وأعلن أنّ "المفروض علينا التطوير وتوسيع الاختصاصات، وتأكيد الوفرة الإجتماعيّة كأساس لتوفير العلم، والمفروض عليكم تأكيد روح الإنسان في ما تختصّون به وتعملون فيه، لأنّكم أيّها الخريجون ستشكّلون أنتم وبقية هذا الجيل تاريخ هذا البلد لخمسين سنة مقبلة، وكما تكونون يولّى عليكم، بالثقافة والتنّوع والمهنة والابتكار وال​سياسة​ والنواتج الإنسانيّة".

وذكر "أنّنا أكّدنا مرارًا وتكرارًا أنّ أولويّة هذا البلد تكمن بالمشاريع الإنتاجيّة، والنفقات الحكوميّة على البنية الأساسيّة التحتية، وبخاصّة العلم ونظام التعليم والقدرات السوقيّة وأدوات الرقابة". ورأى أنّ "بصراحة أكثر إذا كان كلّ وزير ملكًا على رأس وزارته كما هو الحال بنظامنا السياسي الحالي، فتوقّعوا المزيد من النزيف والفشل، بخاصّة أنّ من يتقاسم السلطة مصرّ على تأكيد الحصص الطائفيّة والمواطن الطائفي والوظيفة الطائفية و​الموازنة​ الطائفية والوطن الطائفي، فيما خطابنا الديني منذ زمن الإمام ​موسى الصدر​ يؤكّد ضرورة أن يكون مشروع الدولة مشروع مواطنة لا مشروع طائفة، مشروع إنسان لا مشروع حيتان، ودولة شعب بحقوقه وليس دولة طوائف تتقاسم البلد والسلطة".