بعد "الفضائح" في "الاتصالات"، ها هي "الكهرباء" تنضم الى اللائحة مجددا، وهي التي لم تغب يوما عن لائحة "أزمات لبنان"، الى حد بات دين ​مؤسسة كهرباء لبنان​ لصالح الخزينة العامة ملياري دولار سنويا. مجددا نعود الى ملف شركات مقدّمي الخدمات، فالشركات الثلاث باتت عبئا ثقيلا على "المؤسسة" منذ تاريخ توقيع العقود معهم حتى اليوم، دون أن يحرّك أحد ساكنا، بل على العكس تماما ما يُبحث اليوم هو توسيع صلاحيات هذه الشركات.

منذ 7 سنوات تقريبا بدأت رحلة ​شركات مقدمي الخدمات​ مع "الفشل"، وهذا ليس تحليلنا بل يستند الى الوقائع التي تقول بان العمل الاساسي لهذه الشركات كان تركيب "العداد الذكّي"، الامر الذي لم يتحقق بعد صعوبات فنية كثيرة، وصعوبات ادارية وامنية حتى، ولكن رغم ذلك استمر التجديد للشركات، فكان التجديد الاخير منذ أشهر في مجلس الوزراء، مع تعديل بسيط هو دخول شريك الى جانب شركة "دباس" التي عانت من صعوبات ماليّة وواجهت الاعتراضات من قبل الجنوبيين الذين وجدوا كهرباءهم تحت رحمة الشركة التي توقفت عن القيام بعملها لأشهر.

اليوم ومع انطلاق الحديث عن خطة الكهرباء "الموعودة"، علمت "​النشرة​" من مصادر مطلعة ان مجلس ادارة كهرباء لبنان "المنقوص" يعد العدة لتوسيع مهام الشركات لتتلاءم مع هدف "خصخصة التوزيع"، الذي يطالب به مؤتمر "سيدر". وفي التفاصيل تشير المصادر عبر "النشرة" الى أن الشركات الثلاث تتولى قسما من اعمال مديريتي التوزيع في مؤسسة كهرباء لبنان، فتقوم بأعمال "الصيانة، التركيب، والجباية"، ويقوم موظفو كهرباء لبنان، المثبتون منهم والمياومون، بأعمال "الفوترة، والتدقيق، والمراقبة"، كاشفة ان الاتجاه المقبل هو لتسليم الشركات كل المهام بحيث لا يعود لمؤسسة كهرباء علاقة بمديريتي التوزيع.

بداية تتوقف المصادر عند المبدأ العام لهذا الأمر، فالخصخصة ليست محل نقاش الآن، ولن ندخل بها، ولكن بحال أردنا زيادة صلاحيات الشركات، فعلينا أولا أن نقيّم أعمالها، بحيث نبحث في مدى قدرتها على القيام بأعمالها والأعمال الإضافية، وفي الواقع المرسوم أمامنا نجد ان الشركات لم تقم بالاعمال المكلفة بها، والدليل "العداد الذكي"، لا بل أكثر من ذلك، تراجعت معدّلات الجباية عما كانت عليه قبل استلامها، بعيدا عن حقيقة أن بعض اللبنانيين في مناطق عدّة يدفعون اليوم فواتير تعود لبداية العام 2018، الأمر الذي خلق ازمات كبيرة للمؤجرين والمستأجرين.

ولا تقف الأمور هنا، بل اللافت هو الاعداد الكبيرة لطلبات تركيب "عدادات" الموجودة بأدراج الشركات والتي وصلت الى حدود 75 ألف معاملة، قبل القيام بالحسومات منذ فترة، ما يعني حكما أن العدد ازداد، وعلى افتراض ان التركيب تم، فمن يتحمل كلفة استبدال العدادات بالعداد الذكي عند اصداره، وهل تركيب عدادات عادية اليوم يعني انتهاء "حلم العداد الذكي"؟.

كانت "النشرة" تتابع ملف شركات مقدمي الخدمات منذ انطلاقته ولها في هذا السياق مقالات عديدة، كانت كلها تتحدث عن فشل هؤلاء، وما تقارير الشركة التي كانت تعمل كمستشارة لمؤسسة كهرباء لبنان "نيدز"، وتقارير ​التفتيش المركزي​ الا خير شاهد على هذا الفشل، فهل تكون مكافأة الفاشل بتوسيع صلاحياته بظل العقود نفسها التي تعاني من ثغرات كبيرة وتكلف الخزينة الاموال الطائلة بدون وجود خدمات جيدة؟ ام ان المنطق والعقل يقولان بأن يُعاد النظر بهذه التجربة من اولها حتى اليوم، ولا تؤخذ قرارات بهذا الحجم الا بعد تشكيل مجلس ادارة جديد لكهرباء لبنان وتعيين الهيئة الناظمة للقطاع، وعبر مناقصات جديدة؟.

هذا ليس كل شيء، اذ علمت "النشرة" من المصادر المواكبة لهذا القرار ان عددا كبيرا من المياومين سيحالون على "تقاعد قسري"، ومنهم من لم يتمّ الاربع سنوت في عمله، مع الإشارة هنا الى أن عدد المياومين بعد انتهاء الأزمة الشهيرة منذ سنوات، وصل الى حوالي 200 بينما هو اليوم تخطى الـ600 مجددا مع التوظيف الذي حصل بالسنوات الماضية. وتضيف المصادر: "اذا انتهى عمل دائرتي التوزيع بالكامل فسيكون امام المؤسسة حلان، الاول تعيين الموظفين في اماكن اخرى كفائض وبلا عمل، او اخراجهم من الخدمة، حيث يُحكى في هذا الإطار عن دفع 30 مليون ليرة لكل موظف منهم".

"النشرة" لا تتبنى موقفا معارضا او موافقا على مشروع "خصخصة التوزيع" في كهرباء لبنان، انما تطرح الأسئلة المذكورة اعلاه للاضاءة على هذا الملفّ، اذ لا يمكن أن يظلّ لبنان على مشارف العام 2020 بلا كهرباء، وبظل عجز مالي ضخم بسبب هذه الخدمة التي باتت "تحصيل حاصل" في اغلب دول العالم. فهل من يتحرك؟.