ذكّر المفتي الجعفري الممتاز سماحة ​الشيخ أحمد قبلان​ في خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في ​برج البراجنة​ بأن الحجّ وحدة دينية وسياسية وأخلاقية، هدفها تأكيد وحدانية الله، ووحدانية أمته، وخياراتها السياسية والاجتماعية والثقافية، بخلفية تأكيد العدل، ونبذ الظلم، ومقارعة الفاسد، ومخالفة الباطل، بكل مظاهره الفردية والعامة، بما فيها الأنظمة الجائرة والحكومات الغارقة بدماء المظلومين والمعذّبين، وأهمها التأكيد على مقدسات الامة وحمايتها، وفي طليعتها ​القدس​، لأن الحج طريق القدس، والقدس طريق الله الى السماء.

وأضاف قبلان: "إننا نؤكد دعمنا لأي مشروع سياسي ومالي واقتصادي، ينقذ البلد، وعلى هذا الأساس باركنا التسويات الرئاسية والحكومية، وشددنا على مبدأ التهدئة والوفاق، من أجل إنقاذ البلد ومنع سقوطه وتفريغ مشروع الدولة، وهذا موقفنا اليوم وغداً، فلماذا حتى هذه اللحظة إصرار البعض على تعطيل الدولة وشل البلد، إننا نحذّر من لعبة الوقت، والعودة الى المتاريس الطائفية والسياسية، لا سيما في هذه الظروف الدولية والاقليمية الخطرة، فهذا ما نخشاه ونخافه وننبّه اليه، ونصرّ على تجاوز ألغامه، لأن تداعياته ستكون كارثية على لبنان واللبنانيين، فالحذر الحذر من لعبة الأمم في لبنان، لأنها سبب حرائق ​الشرق الأوسط​، ودمار الشعوب والأوطان في المنطقة".

وأشار الى أنّ ما يجري هو جنون حقيقي بكل معنى الكلمة، تقوم به طبقة سياسية لم يشهد تاريخ لبنان مثيلاً لها، لدرجة أننا كمواطنين لم نعد نعرف ماذا يهيأ لهذا البلد، وكيف يريدون أن يكون، موحّداً أم مقسّماً؟ دولة مركزية مدنية يُحترم فيها الدستور ويُطبّق فيها القانون، أم مزرعة فدراليات طائفية، أم دولة فلتان وفوضى، دولة أوادم وكفاءات أم دولة عصابات ومافيات وصفقات وسرقات وخارجين على القانون.

وقال قبلان: "لقد شغلونا بشعاراتهم الإصلاحية، ووعودهم التغييرية، فيما الواقع يبيّن العكس، بل يُنذر بكارثة وطنية شاملة، فما نشهده من سجالات واستفزازات واتهامات متبادلة ومواقف تصعيدية لا ينمّ عن مسؤولية وطنية، ويُنبئ بالأسوأ، والبلد بكل ما فيه نحو النفق المظلم، في ظل حكومة معطّلة ومؤسسات مشلولة، وانقسامات تحولت الى عامودية وأفقية، ومؤشرات بانهيارات مالية واقتصادية قد تكون مقصودة ومخطط لها، لغايات ومآرب مبيته".

وفي الختام حذّر قبلان حيال هذا الواقع المأزوم الى درجة الانفجار كل القوى السياسية من مغبة انفلات الأمور، والاستمرار في لعبة التجييش الطائفي والمذهبي التي لامست الخط الأحمر، داعياً الى التروي والهدوء، والاحتكام الى المنطق الوطني والعقلائي واللاطائفي، الذي به ومن خلاله نتمكن من العبور الى الدولة الضامنة والحاضنة للجميع، مطالباً المسؤولين بالتحرك السريع لتهدئة الأوضاع، وقطع دابر الفتنة، ووضع الحد لهذا الفجور السياسي الذي لا مبرر لتضخيمه واستفحاله على هذا النحو، وكما قال الامام علي بن أبي طالب عليه السلام: "ما تخاصم عاقلان"، فلا تكونوا مجانين، فإلى الهدوء أيها الساسة، والى تجاوز الأمور ومقاربة الأحداث بالتي هي أحسن، وبما يضمن إطفاء النار لا اشعالها وإحراق البلد.