مجلس الوزراء​، بعد طول غياب، يعود إلى الإلتئام، صحيح انه في الأسبوع الماضي عقد جلسة كانت أشبه بجلسة ما بعد "المصالحة والمصارحة" التي انعقدت في ​قصر بعبدا​، لكن الصحيح أيضًا أن مجلس الوزراء معطَّل منذ الثاني من تموز حين طارت الجلسة التي جاءت بعد يومين من حادثة ​قبرشمون​.

لنتخيَّل أنه في بلدٍ يحتاج إلى كل دقيقة وإلى كل ثانية، وانه يسابقُ الوقت، تستطيع حكومتُه ان تعطِّل نفسَها ستة اسابيع، لا لسبب إلا لأنها تريد "تقويم كلامها".

***

وأكثر من ذلك، لا تكتفي بذلك، بل تضع جدول أعمال لجلستها، أقل ما يقال فيه إنه حرام للبلد وللناس.

جدول الأعمال مؤلف من 46 بندًا لا تعكس ان ​الحكومة​ تعيش نبضَ الناس وهمومهم بل اهتمامات الوزراء وبعض أصحاب المصالح، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يرد في البند ما قبل الأخير:

"جميعُ طلبات المشاركة في اجتماعات ومؤتمرات خارج ​لبنان​ المستوفية لشروط العرض موجودة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء".

بربّكم، أين أصبح موضوعُ التقشف من باب وقف السفر والاستعاضةِ عنه بتكليف بعثات لبنان في الخارج بتمثيلِ لبنان في المؤتمراتِ والاجتماعاتِ؟

***

عشرةُ بنود (من اصل جدول أعمال من 46 بندًا) لها علاقة مباشرة ب​مجلس الإنماء والإعمار​، وكأن مجلسَ الوزراء أصبح "مديرية" في هيكلية مجلس

الإنماء والإعمار... وهذا "الإهتمامُ الزائدُ" بمجلس الإنماء والإعمار له أهدافه وغاياتُه التي يعرفها المعنيون.

***

ونصل إلى "البند الملك" في جدول الأعمال وهو البند الرقم 18 والذي يرد فيه:

"عرض الرسائل الموجهة من مكتب المحاماة في ​الولايات المتحدة الاميركية​، بوكالته عن السيدين بيار و​موسى فتوش​ وموضوعُها عرض الدخول في حوار تسوية بخصوصِ المبالغ المحكوم لهما بها تفاديًا لاتخاذ اجراءاتٍ قانونية وشيكة في ​الولايات المتحدة الأميركية​ ضدّ ​الدولة اللبنانية​.

يعني هذا البند ان النزاعَ بين السلطة التنفيذية وإحدى الشركات لم ينتهِ فصولًا وأوصل إلى ما أوصل إليه من مترتبات مالية... السؤال هنا: لماذا أوصلت الدولة نفسها الى هذا الدرك؟

***

الهاجس "البسيط" الذي يتحكم بالمراقبين هو: ألا يستحقُ ​الشعب اللبناني​ من حكومته جدول أعمال "أكثر قيمة"؟

ألا يستحق بندُ ​النفايات​ ان يكون بندًا أولَ على جدول الاعمال؟

ماذا عن الروائح المنبعثة في محيط ​المطار​؟ إذا كانت من ​الكوستابرافا​ فلتتم معالجة المشكلة. وإذا كانت من المزارع و​المسالخ​ المحيطة بالمطار فليتم الإنتهاء من هذه القصة، أما ان تبقى الأمور هكذا، فهذا غير مسموح.

***

في المُحصّلَة، يستحق الشعب اللبناني من حكومته جدولَ أعمال محترمًا لا تكون فيه حصة مجلس الإنماء والإعمار الحصة الأهم والأكبر، فالدولة "لا تشتغل" عند مجلس الإنماء والإعمار.

واللبيبُ من الإشارة... يفهم.