لئلا نُدرَج في خانة المغالاة في التشاؤم، نقول: "ما أضيقَ العيش لولا فسحة الأمل"... ولكن هل الأمل واقعيٌ هذه الأيام؟ مسكينٌ لبنان! صيفيته كانت في نزاع مع التوتر، ولكنها بإذن الله، وحتى الآن، إستطاعت أن "تظمُط":

في شهر تموز هدَّدت حادثة قبرشمون ​موسم السياحة​، طار تموز على هذه المخاوف، لكنه مرَّ.

في شهر آب، هدّد الإعتداء الإسرائيلي على ​الضاحية الجنوبية​ ما تبقَّى من شهر آب، أما الاسابيع الثلاثة الأولى منه، فكانت "مهدّدة" من "ستاندارد أند بورز" و"فيتش" و"موديز"، وفي كل يوم، هبَّة باردة وهبَّة ساخنة حول تطور الأوضاع، وكيف ستتدرَّج هذه التطورات؟ هل في الإتجاه السلبي؟ أم في الإتجاه الإيجابي؟

***

عمليًا، الصورةُ غير واضحةٍ كليًا: هناك جهودٌ كبيرة تُبذَل، ولكن هل تؤتي ثمارها؟

على المستوى العسكري والأمني، تلقّف ​رئيس الجمهورية​ كرة التطورات فدعا إلى مجلس أعلى للدفاع ليكون ملف المبادرة في أيدي الشرعية اللبنانية، وحسنًا فعل وقام بهذه المبادرة لأنه بهذه الطريقة أوصل رسالة إلى الخارج ولا سيما إلى مَن يعنيهم الأمر، أن القرار في يد الشرعية اللبنانية.

***

ولأن الخطر المالي والإقتصادي يوازي الخطر العسكري والأمني، فلقد جرت إعادة تشغيل المحركات على كل المستويات:

بدا من خلال نوعية الإجتماعات أن هناك قرارًا بعدم السماح بالتقهقر المالي مهما كلف الأمر ومهما كان الثمن: أكثر من اجتماع في الاسبوع، هذا شيء جيِّد: الأسبوع الفائت إجتماع اقتصادي برئاسة رئيس الجمهورية، وفي الأيام القليلة المقبلة طاولة

حوار إقتصادية دُعي إليها اكثر من عشرين شخصية رئاسية ووزارية ونيابية وحزبية ومالية واقتصادية.

أما جدولُ الأعمال فإنه ووفق مصادر موثوقة سيتضمّن:

إنجازُ موازنة العام 2020 وفقَ مواعيدها الدستورية، مع التركيز على وجوب ترشيقِها "وتخفيفِ الأَحمال" عنها لجهة شطبِ بنودِ المصاريف غير الضرورية.

التسريعُ في تنفيذ ​خطة الكهرباء​ لِما يشكله هذا القطاع من نزف يطاول خزينة الدولة.

السعي لإطلاق مشاريعَ استثمارية توفِّرُ فرصَ عملٍ في وقتٍ تزداد نسبةُ العاطلين عن العمل.

***

لكن في المقابل، ما زالت هناك بعض النقاط التي يُستشف منها أنها لا تراعي الشفافية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، مطروحٌ على جدول أعمال جلسة ​مجلس الوزراء​ الخميس، طلب إحدى الوزارات إجراء تأمين للآليات بطريقة الإتفاق بالتراضي.

السؤال هنا: لماذا يستمرُّ العمل بصيغة "التراضي"؟ متى ينتهي الأمرُ من هذا العيب؟ ومتى تكون هناك جرأةٌ للعمل وفق المناقصات؟

***

والعجب العجاب في هذه الأيام ان صاحب الحق تُنتهَك حقوقه، فيما منتهكو حقوق الدولة لا أحد يجرؤ على الإقتراب منهم. وجهُ الفضيحة في هذا المجال حيتان الصخور و​المقالع والكسارات​ الذين ينهشون ​المشاعات​ من دون حسيب أو رقيب لا بل بغطاء من "الحسيب والرقيب"، وتريدون أمثلة؟ انظروا ماذا يجري في منطقة جزين حيث هناك كسّارة تنهش الجبل وتعود لأحد "المتنفِّذين". انظروا ماذا يجري في ​منطقة عكار​ والضنيه حيث المتنفذون يواصلون نهشهم للطبيعة .

في المقابل، يسأل المتابعون لهذا الملف: هل يُعقَل ان تُترَك الأمور على غاربها في عكار وجزين؟

أما مَن هم شرعيون وقانونيون ويدفعون ​الضرائب​ كاملة وزيادة، ك​آل فتوش​، تتعرض مصالحهم للضرب والتوقيف؟

وهناك ايضًا وايضًا البند "الدائم" المتعلِّق بالسفر، والذي بات يرِد على الشكل التالي: "جميعُ طلباتِ المشاركة في اجتماعات ومؤتمرات خارج لبنان"!

لقد بات هذا البندُ يأتي مبهمًا، ربما خشيةً من الرأي العام، فهل خزينةُ الدولة في بحبوحةٍ للإستمرارِ في مثل هذه الأَسفار؟

***

هل هذه هي العلامات والاشارات لدور "سيدر" في تعزيز الشفافية؟