عادت الدعوة لـ"الهجرة الجماعية" وتفريغ المخيمات في لبنان من عائلاتها وجيل الشباب، يؤرق بال المسؤولين الفلسطينيين خشية أن تكون تتماشى مع "​صفقة القرن​" بطريقة غير مباشرة، تحت عناوين مختلفة، منها الرغبة بالعيش بحريّة وكرامة وبعيدا عن السؤال مع الضائقة الاقتصادة الخانقة وارتفاع نسبة البطالة والعيش بمرحلة "انتظار قاتلة"، في وقت تقف فيه "​القوى الفلسطينية​" عاجزة عن تأمين مقومات البقاء والصمود ريثما تتم العودة.

ورصدت أوساط فلسطينية بارزة لـ"النشرة"، سلسلة من التطورات المتسارعة في هذا الاطار، اولها: تنظيم "الهيئة الشبابية لفلسطينيي لبنان للجوء الإنساني" و"الهيئة الشبابية لفلسطينيي سوريا في لبنان"، اعتصام ثانٍ للاجئين الفلسطينيين في لبنان واقرانهم من سوريا، امام ​السفارة الكندية​ في جل الديب في بيروت، بعدما كسروا حاجز الخوف في الاعتصام الاول الذي نظم بالطريقة ذاتها، في السادس من آب الماضي، وطالبوا فيه بصوت عال وحناجر غاضبة بـ"اللجوء الانساني"، هربا من الحرمان والاهمال الذي يترنحون تحت وطأته في لبنان منذ 72 عاما.

وابلغت الاوساط ذاتها، ان الاعتصام جاء حاشدا كما سابقه وفاق عدد المشاركين فيه 2500، بينما في الاعتصام الاول لم يتجاوز 800 شخصا، وفي ذلك تطور لافت، فيما قدم المشاركون بحافلات دفعوا ثمن إيجارها من جيوبهم والبالغة خمسة الاف ليرة لبنانية ذهابا وإيابا لابعاد اي شبهة عن تحركهم الانساني، ومن مختلف ​المخيمات الفلسطينية​ وخاصة مخيمي "عين الحلوة ونهر البارد"، ولوحظ مشاركة لافتة من النساء وجيل الشباب تحديدا الى جانب العائلات.

وأكد المعتصمون انهم يطالبون "بأبسط حقوقهم ويعتبرون ان "الاونروا" هي سبب مأساتهم لأن لها وصاية على الشعب الفلسطيني ضمن إتفاقية الـ 1951 وانها انشئت لتشغيل واغاثة الشعب الفلسطيني وهي اليوم في تقليص مستمر ودائم للخدمات التي تقدمها له وتتصرف على اساس المحسوبيات والواسطات والفصائلية"، مشددين على ان "الخدمات التي تقدمها الاونروا غير مرضية وغير كافية وغير مقبولة بحسب القوانين والاعراف وهي تعمل على تقليص هذه الخدمات خصوصا الطبية منها" لذلك يطالبون "باللجوء الإنساني لكي يعيشوا بكرامة في بلد آخر لأنهم في لبنان محرومون من كل الحقوق المدنية والإنسانية"، مطالبين دول الاتحاد الأوروبي "بفتح الأبواب أمامهم ليس فقط من أجلهم بل من أجل أطفالهم ومستقبلهم وهم يرفضون المتاجرة بقضيتهم".

ثانيا: الضجة الكبرى التي اثارها مسؤول فلسطيني حين كشف "إن نحو 40 ألف فلسطيني غادروا لبنان في السنوات الأربع الأخيرة من طريق الهجرة الشرعية عبر المطار، من دون احتساب من سلك الطرق غير الشرعية برا، تزامنا مع معلومات بأن المشروع الأميركي المرتبط بـ"صفقة القرن" يهدف إلى توطين ما بين 75 إلى 100 ألف فلسطيني في لبنان وتهجير الباقي إلى أكثر من بلد، وما تحدث عنه مسؤول آخر عن "تفاهم أميركي مع كندا لاستقبال 100 ألف فلسطيني (40 ألفاً من فلسطينيي لبنان و60 ألفاً من فلسطينيي سوريا)، وتفاهم أميركي مع إسبانيا لتستقبل 16 ألف فلسطيني من لبنان، إضافة إلى تفاهمات مماثلة مع بلجيكا وفرنسا.

ثالثا: استقالة أحد منسقي "الهيئة الشبابية الفلسطينية للجوء الإنساني في لبنان"، عقب لقاء عقد مع بعض اركان السفارة الكندية في لبنان، وتبين من خلاله استحالة الحصول على موافقة جماعية للهجرة، لان ذلك يرتبط بالامم المتحدة ووكالة "الاونروا" وقدرة كندا على الاستيعاب وسواها، رغم قيام الهيئة بتسجيل اسماء الراغبين بالهجرة في مختلف المناطق والمخيمات الفلسطينية، وكانت المفاجأة وفق احد الذين سجلوا اسماء الراغبين بالهجرة ان الاعداد كبيرة، وتفوق 44 ألف طلب للفلسطينيين القاطنين في المخيمات وخارجها، ومن بينهم أكثر من 3 آلاف طلب للفلسطينيين السوريين، وبينهم نحو 500 لبنانيا متزوجين من فلسطينيات يملكون بطاقة الإعاشة وأغلبها لفلسطينيي 1948، وجزء قليل منها لفلسطينيي 1967، ولهذا السبب تكرر الاعتصام الثاني لايصال رسالة الى السفارة الكندية ان طالبي الهجرة تحت شعار "اللجوء الانساني" كثر ويفوق توقعاتهم، وقدموا كتابا الى السفارة الكندية تضمن مطالبهم وابرزها "طرح هذا الموضوع في المجلس النيابي الكندي"، خاصة بعد ابلاغ ممثلي السفارة الكندية في الاعتصام الاول صعوبة "الموافقة الجماعية على طلب الهجرة"، مع تفهم "حقهم في الحياة بظروف كريمة".

وفيما تستعد الهيئة لتنظيم اعتصام ثالث لطلب اللجوء الإنساني إلى استراليا يوم الأربعاء المقبل في ساحة الشهداء، قرب مبنى ​الأمم المتحدة​ ومجمّع السفارات، تعتبر كندا هي رئيسة "اللجنة المتعددة الأطراف الخاصة باللاجئين" وهي إحدى اللجان الخمسة التي انبثقت عن "مؤتمر مدريد للسلام" الذي عقد في 30 تشرين الأول 1991، وترأس اللجان الخمسة أميركا.

وكانت كندا قد أوقفت دعمها المالي لوكالة "الأونروا" في شباط 2010 وعادت واستأنفت الدعم في آذار 2016. بينما أعلن رئيس الوزراء الكندي السابق جان كريتيان في سنة 2000 أن بلاده مستعدة، في إطار حلّ دولي متفق عليه، لاستقبال 75 ألف لاجئ من لبنان بمعدل 15 ألف سنويا وقالت النائبة الكندية كارولين بيرش في ندوة عقدتها في دمشق في 18 نيسان 2005 انها ستعمل على توطين آلاف الفلسطينيين المقيمين في لبنان في كندا.

خلاصة القول، وفق الكاتب الفلسطيني علي هويدي أن يكون قد تم إحياء وتفعيل "لجنة اللاجئين" التي ترأسها كندا بما يتوافق مع ما يسمى بــ"صفقة القرن" التي تستهدف الوكالة كمقدمة لإستهداف قضية اللاجئين وحقهم في العودة والمرفوضة فلسطينياً بالدرجة الأولى... فيما المطلوب بيان توضيحي رسمي من السفارة الكندية في بيروت أو مِمَّن يرأس اللجان الخمسة!...