إذا إعتقد بعض من الإقتصاديين والعارفين في الشأن المالي أن الصعوبات الحقيقية التي تنتظر ​الحكومة​ في موازنة ٢٠٢٠ تكمن في عدم فرض ضرائب جديدة على الطبقات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود، وهذا ما يعتبره "حزب الله" و"حركة أمل" و"الحزب التقدمي الإشتراكي" من الخطوط الحمر التي لا يمكن القبول بها، فهذا لا يعني أبداً أن الصعوبات تقتصر فقط على الضرائب التي تُدرج ضمن خانة الواردات. ففي العنوان الآخر المعروف بـ"النفقات"، صعوبات وتحدّيات كثيرة وكبيرة، وما من خبير أو محلّل يمكنه توقّع كيف يمكن للقوى السّياسية المتمثّلة في الحكومة قبل مجلس النواب، أن تتخطى هذه الصعوبات التي يمكن وبمجرد طرح البعض منها، أن تعيد الى الشارع المعترضين على موازنة ٢٠١٩ من عسكريين متقاعدين وأساتذة وموظفين في القطاع العام.

"في سلم أولويات هذه الصعوبات" يقول مصدر متابع، "تأتي معالجة الرواتب والأجور في القطاع العام، هذا من دون أن ننسى رواتب التقاعد، وهذه من ضمن العناوين الأساسيّة التي ركز عليها الموفد الفرنسي المكلّف متابعة مقررات مؤتمر "سيدر" بيار دوكين في زيارته الأخيرة للبنان. وفي هذا السياق، يبرز من بين الإقتراحات الإقتصاديّة المقدمة كحلول، إقتراح تجميد زيادات الرواتب والأجور في القطاع العام لثلاث سنوات.

ليس بعيداً من الرواتب، تأتي صعوبة التوصّل الى إصلاح فعلي وحقيقي لنظام التقاعد في القطاع العام، وهنا يروي المتابعون لزيارة دوكين أن الموفد تفاجأ بهذا النظام مؤكّداً أنّ ما من بلد في العالم يقدّم للموظف كل هذه التقديمات بعد تقاعده، حتى في الدول التي تنعم بوضع مالي وإقتصادي جيد.

أضف الى الرواتب والأجور ونظام التقاعد، ستكون القوى السّياسية على الطاولة الحكوميّة أمام مشكلة حقيقيّة إسمها خفض النفقات بالمواد والخدمات الإستهلاكيّة التي تحتاجها المؤسسات العامة كالمحروقات والقرطاسية وغيرها، وخفض مساهمات الدولة للجمعيّات الخيريّة والمدارس المجانيّة الخاصة، وهذا ما يمكن أن يؤدّي الى كباش سيّاسي، خصوصاً أن هذه الجمعيات والمدارس إمّا تابعة وإما مدعومة أو مغطاة وبأكثريتها الساحقة من قبل الطوائف والأحزاب والتيارات السياسية.

أما خدمة الدين العام فلها حصّة كبيرة ومهمّة من هذه الصعوبات وهنا تقول المصادر، يجب أن تتفاهم الحكومة مع المصارف على ضبط قيمة خدمة الدين العام وعدم السماح بإرتفاعها بعد اليوم، وهذا ما يمكن أن يستنفر الأخيرة.

وإذا كان هناك إتفاق سياسي ولو في العلن على تجميد التوظيف بشكل كلّي في الإدارات والمؤسسات العامّة، ومنع الإستثناءات إلا بقرار يتّخذه مجلس الوزراء، فخفض عجز الكهرباء في موازنة العام ٢٠٢٠ من ٢٥٠٠ مليار ليرة الى ١٥٠٠ مليار ليرة لن يكون من الأمور السهلة جداً أمام الحكومة.

كل هذه العناوين المندرجة تحت عنوان النفقات، إضافة الى تلك التي تأتي ضمن خانة الواردات، تحضر كعنوان أول خلال الإتصالات والمشاورات واللقاءات التي تعقد بين المعنيين الأساسيين، وعلى رأسهم رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل، ومن دون أن ننسى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الذي يتمثّل التكتل الذي يرأسه بكتلة لها ثقلها في الحكومة.

فهل ستمرّ موازنة ٢٠٢٠ بسهولة لا يتوقعها أحد، وبسرعة يطلبها المجتمع الدولي والدول المانحة؟!. الجواب خلال الأسابيع المقبلة لا بل مطلوب أن يأتي قبل نهاية العام ٢٠١٩ وإلا...