شدّد رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، خلال لقائه الرئيس المصري ​عبد الفتاح السيسي​، على هامش مشاركته في أعمال الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في ​نيويورك​، في مقر ​الأمم المتحدة​، على "أهميّة تعزيز التعاون بين البلدين وتأمين أسس متينة لتنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه خلال الزيارة الّتي قام بها لمصر".

وتناولت المحادثات العلاقات الثنائيّة بين البلدين وسبل تطويرها على الصعد كافّة. وكانت جولة أفق حول أبرز التطورات على الساحتين الاقليمية والدولية والأوضاع في ​الخليج​، لاسيما بعد التطورات الأخيرة الّتي حصلت عبر استهداف مصافي ​النفط​ التابعة لشركة "​أرامكو​" ​السعودية​، والتجاذبات الحاصلة حول هذا الموضوع.

وتطرّق الحديث أيضًا إلى ما يُعرف بـ"صفقة القرن"، فجرى التأكيد على أنّ أيّ صيغة لا يوافق عليها الفلسطينيّون، لا يمكن أن توافق عليها ​الدول العربية​ وهذا الموقف واضح وجامع وقد سبق التأكيد عليه. وتوقّف الرئيسان أيضًا خلال اللقاء عند وضع الفلسطينيين والمعاناة الّتي يواجهونها. أما بالنسبة لقضية ​اللاجئين الفلسطينيين​، فجرى التشديد على أنّ لا بدّ من عمل عربي مشترك لتحريك هذه القضيّة المجمّدة.

وبعد ذلك، دار حديث حول التعاون الاقتصادي، ولاسيما في المجال الزراعي وتصريف الإنتاج ال​لبنان​ي، وتمّ الاتفاق على متابعة المواضيع عبر الوزراء المختصّين.

ولفتت مصادر الوفد المصري، إلى أنّ "الرئيس عون ثمّن العلاقات الأخوية المميّزة الّتي تربط الدولتين الشقيقتين"، معربًا عن تقدير بلاده لمصر كـ"ركيزة أساسيّة في دعم وحفظ الاستقرار بلبنان والمنطقة العربية ككل"، ومشيدًا بـ"التجربة المصريّة المُلهمة الّتي تعزّز من أولويّات النجاح التنموي، والّتي تعدّ نموذجًا يُحتذى به في دول المنطقة".

وأوضحت أنّ "اللقاء تناول سبل تعزيز أطر التعاون الثنائي القائمة بين البلدين، بما في ذلك إمكانيّة الاستفادة من الخبرة المصريّة في عدد من المجالات، كمشروعات ​الكهرباء​ و​البنى التحتية​ والطاقة، كما تمّ تأكيد أهميّة تعزيز علاقات التبادل التجاري بين مصر ولبنان، والعمل كذلك على زيادة حجم الاستثمارات المتبادلة". وأفادت بأنّ "اللقاء تطرّق أيضًا إلى مناقشة الأوضاع في ​سوريا​، وكذلك عدد من الملفات العربيّة الأُخرى، حيث تمّ التوافق حول استمرار التنسيق والتشاور المتبادل والمكثّف في هذا الصدد".

وحضر اللقاء عن الجانب اللبناني، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، رئيسة بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة أمل مدللي، السفير اللبناني لدى واشنطن غابي عيسى والمستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية ميراي عون الهاشم.

أمّا عن الجانب المصري، فحضر وزير الخارجية سامح شكري، مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، مدير مكتب الرئيس محسن عبد النبي والمتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي.

من ثمّ، التقى الرئيس عون في مبنى الأمم المتحدة، القائمة بأعمال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بالعنف ضدّ الأطفال ​فرجينيا​ غامبا، بحضور الوفد المرافق، وتمّ البحث خلال اللقاء في سبل التعاون مع لبنان لحماية الأطفال ومكافحة تعرّضهم للتجنيد والاستغلال لاسيما خلال النزاعات المسلحة.

وأعربت غامبا عن رغبتها في "الحضور إلى لبنان للتداول مع هيئات تعنى بشؤون الاطفال في سبيل تأمين الحماية لهم، ووضع حدّ للعنف والانتهاكات الّتي يتعرّض لها هؤلاء، عبر بدء حملات توعية لعدم تجنيدهم واستغلالهم بأعمال عسكريّة وغير عسكريّة".

وأكّد الرئيس عون من جهته "الاهتمام الخاص الّذي يحظى به الطفل في لبنان من مختلف النواحي"، موضحًا أنّه "إذا كانت هناك من ممارسات معيّنة تحصل في ​المخيمات الفلسطينية​ كما جاء في تقرير إحدى المنظمات الدولية، فإنّ لهذه المخيمات وضعًا خاصًا، ومن الممكن العمل على التوعية في هذا المجال".

وقدّمت غامبا سلسلة اقتراحات في هذا الإطار تَقرّر أن يتمّ درسها بالتفصيل مع الجانب اللبناني في لقاءات لاحقة.

كما التقى الرئيس عون في وقت لاحق، رئيس وزراء كندا السابق جان كريتيان على رأس وفد، وعرض معه للعلاقات بين البلدين وسبل تطويرها ودور اللبنانيين في كندا الّذين ينسجون أفضل علاقات الصداقة مع الشعب الكندي.

واستذكر كريتيان زياراته إلى لبنان والحفاوة التي كان يستقبل بها، مشيرًا إلى أنّ "ذلك دليل على ما يجمع بين البلدين". وطلب "دعم لبنان لعضوية كندا في ​مجلس الأمن الدولي​ في العام 2221-2222".

وتطرّق البحث أيضًا إلى الدور الّذي يمكن أن تلعبه كندا في تعميم دور "أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار" الّتي أطلقها الرئيس عون وأقرّتها الأمم المتحدة قبل أيّام. وتمّ التوافق على ضرورة توسيع أطر التعاون الاقتصادي بين البلدين في مجالات عدّة، من خلال تبادل الخبرات وتواصل رجال الأعمال وتفعيل الاستثمار.

بعدها، التقى الرئيس عون رئيسة وزراء ​النروج​ ايرنا سولبيرغ على رأس وفد، الّتي رحّبت بإنشاء "أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار" في لبنان، لاسيما وأنّ النروج كانت من الدول الراعية لإنشاء هذه الأكاديمية. وتناول البحث التعاون الاقتصادي بين البلدين، خصوصًا في مجال قطاع ​النفط والغاز​، لاسيما وأنّ النروج ساعدت في الكشف الأوّلي على مواقع النفط والغاز في لبنان، ووضعت خبرة مؤسّساتها في هذا المجال بتصرّف لبنان.

وطلبت الرئيسة سولبيرغ خلال اللقاء، دعم لبنان لعضويّة النروج في مجلس الأمن في العام 2221-2022. وتناول اللقاء أيضًا الأوضاع في ​الشرق الأوسط​ وعلى الحدود الجنوبية، فأكّد الرئيس عون "التزام لبنان تطبيق ​القرار 1701​"، لافتًا إلى أنّ "​إسرائيل​ هي الّتي تنتهك هذا القرار وبشكل دائم برًّا وبحرًا وجوّاً".

وشكر الرئيس عون، النروج على "دعمها للبنان في مختلف المجالات ورعايتها إنشاء "أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار"، مقدّرًا "جهود سلوبيرغ وحرصها على نسج علاقات متينة مع لبنان".