يقول الشاعر العربي: وصِرتُ إذا أصابتني سهامٌ.. تكسَّرتِ النصالُ على النصالِ

هذا البيت يذكِّرنا بأحوال الناس العاديين في ​لبنان​، الذين لم يعد فيهم مكان خالٍ من الوجع…

هل نتحدث عن وجع الغلاء الفاحش الذي يحرقهم بناره؟

أم عن ​المدارس​ و​الجامعات​ الخاصة؟

أم عن ​الدولار​ المفقود في ​المصارف​ والموجود سالماً معافى في جوارير الصيارفة؟

هؤلاء الناس الموجوعون تداعوا، على مواقع التواصل، للتلاقي غداً الأحد، في ​ساحة الشهداء​، والتعبير عن رفضهم الصارخ لهذا الواقع.

لكن هذا الحراك سيكون امتحاناً: فهل سيطلق الشرارة لانتفاضةٍ أم سينتهي بالفشل ويعود الناس المحبطون المتعبون إلى منازلهم مساء.

***

الناس في بلدنا صاروا معتادين على الوجع. لا يعترضون. وإذا اعترضوا، سريعاً يهدأون.

والأنكى أنهم مستعدون لكي يهللوا في أي لحظة للسياسيين الذين هم سببُ وجعهم!

فصحيح أن 30% من الناخبين شاركوا في الاقتراع، في ​انتخابات​ العام الماضي، لكنهم صوَّتوا لزعمائهم و"على قلبهم متل العسل"…

واليوم يصرخون مجدداً، لكنهم مع الأسف سيفعلون الأمر نفسه، إذا وجدوا أنفسهم أمام صندوق الاقتراع…

وهكذا، يتمادى حضرات السياسيين، ولا يخافون من الناس.

***

نعم. صَدِّق أو لا تصَدِّق: 1500 شركة أقفلت ومؤسسات باتت معروضة للبيع…

و​الشباب​ يركضون صوب السفارات طلباً لمكان يوفر لهم أماناً للمستقبل، لكن السياسيين يتصارعون على أمور لا يمكنها أن تنتظر دقيقة واحدة..

يتناقشون في جنس الملائكة، أو في جنس الدوائر: هل تكون صغرى أم كبرى أم وسطى؟ بنظام نسبي أم أكثري أم مختلط؟

وربما لا يلام بعضهم لأنه يشعر أساساً بأنه مغترب في وطنه لبنان، أو مستشرق… فكل أموره مصانة في الخارج!

ملايين الملايين من الدولارات و​اليورو​ والفرنك السويسري أبعدها السياسيون إلى مصارف ​أوروبا​. وكلها موضوعة بأرقام لا بأسماء، حفاظاً على السرّية.

ثم يقفون أمام الناس هنا وبراءة ​الأطفال​ في عيونهم.

أحدهم يدفعك إلى الشعور بـ "التحنُّن" عليه. تكاد تبعد اللقمة عن فمك وتعطيه إياها كي يبقى على قيد الحياة…

ترى، ألا يشعر هؤلاء بالعيب أو بالحرام؟

***

لكن، لوضع الأمور في نصابها، فإن الدعوة لكي تكتمل، يجب ان تكون أكثر شمولًا من خلال توضيح المعطيات:

فالذين تسببوا بما وصلنا إليه ليسوا فقط الذين شاركوا بالحرب بل بعض الذين تولوا زمام الامور بعد الحرب أي منذ نحو تسعة وعشرين عامًا وحتى اليوم.

حين انتهت الحرب وبدأت مرحلة ما بعد الحرب، لم يكن دين لبنان يتجاوز المليار دولار... اليوم يتجاوز المئة مليار دولار، فأين هي ظاهرة هذه الأموال؟ هل في ​البنى التحتية​؟ هل في البنى الفوقية؟

البعض يقول إنها ظاهرة في الجيوب وفي الحسابات.

***

هذا في لبنان، فماذا عن سوريا التي ما زالت الحرب فيها مندلعة منذ العام 2011؟

***

في متابعة لِما يجري في سوريا، نجد ما يلي:

أطلقت مجموعة من الصناعيين السوريين مبادرة لدعم ​الليرة السورية​ أمام العملات الأجنبية، بعد وصولها إلى مستويات غير مسبوقة، خلال الأسبوعين الأخيرين.

وأعلن رئيس ​غرفة صناعة حلب​ وعضو مجلس الشعب، ​فارس الشهابي​، إطلاق مبادرة في هذا المجال من قبل اتحادي ​الصناعة​ والتجارة، بالتعاون مع ​مصرف سوريا المركزي​.

وطلب الشهابي من ​رجال الأعمال​ الذين لديهم عقود وصفقات كبيرة، سحب جزء من إيداعاتهم في المصارف الخارجية وإعادتها إلى سوريا، معتبرًا أن هذا التحرك سيسهم في خفض سعر الصرف.

***

ونتابع ما يجري في سوريا: رئيس أحد الغرف التجارية يقول: "ان دور رجال الأعمال والمستثمرين والصناعيين يكون إما بضخ الدولار في السوق، أو سحب الودائع من الدول المجاورة وإيداعها في الجهاز المصرفي السوري.

***

هذا في سوريا التي ما زال منسوب الوطنية فيها يوازي منسوب الدمار والخسائر، فماذا عن "الوطنية اللبنانية"؟