بعدما حقَّق رئيس الجمهوريَّة العماد ​ميشال عون​ وعده، وباتَ ​لبنان​ بالفعل "مركزًا دائمًا للحوار بين مُخْتلف الحَضارات والدِّيانات والأَعْراق"، وبعدما بقي الرَّئيس عون، ولسَنَتين (بين 2017 و2019)، مُتشبِّثًا بإِنْشاء "أَكاديميَّة الإِنْسان للتَّلاقي والحِوار"، برزت أَسْئلةٌ كَثيرةٌ ومنها: متى ستُنْشأ هذه الأَكاديميَّة؟ كيف سَتكون هيكليَّتها؟ ومَن هي الجِهة الَّتي ستُموِّلها وتُديرها؟...

وقد كانَت هذه الأَسْئلة أَيْضًا، مِن أَبْرز ما طَرَحَته عليَّ الزَّميلة الإِعْلاميَّة شادية الحاج حجَّار، في المُقابلة الصِّحافيَّة الَّتي أَجْرتها مَعي عبر الهاتِف، وقد بُثَّت مُباشرةً على أَثير "صوت المحبَّة"–أُسْتراليا.

لا شكَّ أَنَّ الرَّئيس عون، يرى أَنَّ "الحاجة مُلحَّةٌ إِلى مؤسَّسةٍ تُعْنى بالتَّرْبية على السَّلام، إِذْ وَحْدها ثَقافة السَّلام والسَّماح، تُعلِّم مَبادئ العَيْش معًا، أَو ما يُسمِّيه البَعْض "العَيْش المُشْترك"... وحينَ يَحْترمالإِنْسان حرَّية المُعْتقد والرَّأْي وحقَّ الاخْتِلاف، فهوَ لَقادِرٌ على مُواجَهة الإِرْهاب، كما وأَنَّ ذلك كَفيلٌ بتَأْسيس مُجْتمعاتٍ قادرةٍ على إِرْساء السَّلام بين الشُّعوب والأُمم.

إِنَّه الفِكْر الرُّؤْيويُّ الَّذي يُحقِّق مراحِلَه الرَّئيس عون، خُطواتٍ مَلْموسةًوواقِعًا مَعْيوشًا... وهذا ما دَأَبْنا مُنْذ نيِّفٍ وأَرْبع سَنواتٍ، على العَمل مِن أَجْله في جَمْعيَّة "جائِزة الأَكاديميَّة العَربيَّة"، إِذ أُتيحت للمُتعلِّمين، من عَشرات المَدارس الخاصَّة والرَّسميَّة، فرصةُ التَّعْبير - مِن خلال التَّباري التَّربويِّ - عَن هذا الهَدف الإِنْسانيِّ السَّامي، باسْتِخْدام الكلمة واللَّوْن واللَّحن والمَسْرح... وها نَحْن اليَوْم نَشقُّ الطَّريق إِلى المَوْسم الخامِس من مُباريات "جائِزة الأَكاديميَّة العربيَّة"، دورة 2020، بعَزْمٍ أَكْبر وإرادةٍ أَصْلب...

إِنَّنا في "جائِزة الأَكاديميَّة" نُشاطِر الرَّئيس العِماد عون، حقيقةً مَفادُها أَنَّ لُبْنان نَموذجيٌّ لتَأْسيس أَكاديميَّةٍ دَوْليَّةٍ لنَشْر هذه القِيَم، بالنَّظر إِلى "مُجْتمعه التَّعدُّديِّ الَّذي يَعيش فيه المَسيحيُّون والمُسْلمون معًا ويَتشارَكون الحُكْم والإِدارة، ولِما يَخْتزن مِن خُبُرات أَبْنائه المُنْتشرين في كلِّ بِقاع الأَرْض، وما يُشكِّل بالتَّالي مِن عُصارَة حَضاراتٍ وثَقافاتٍ عاشَها اللُّبْنانيُّون على مرِّ العُصور".

الأَكاديميَّة ما زالَت فِكْرةً؟

لكنَّ "أَكاديميَّة الإِنْسان للتَّلاقي والحِوار" ما زالَت "فِكْرةً"، فيما الخُطْوةُ التَّالية تَكْمن في مُوافَقة عشر دُوَلٍ، على الانْضِمام إِلى اتِّفاق إِنْشائِها، ومِن ثمَّ تَوْقيع الاتِّفاق، ليَدْخل حيِّز التَّنْفيذ. وسَبق أَنْ أَعدَّ لبنان، مَشْروع اتِّفاقٍ دوليٍّ تُنْشأ على أَساسه "الأَكاديميَّة"، وقد عُمِّمَ على الدُّول كلِّها بإسْتِثناء إِسْرائيل.

بعد ذلك تُشَكِّل الدُّول العَشْر مع لبنان مَجْلس أُمَناءٍ، يَضع "هَيْكليَّةَ الأَكاديميَّةِ"، فيما تَدْرس الدُّول الآن، مَشْروع الاتِّفاق، لتُبْدي مُوافَقتها عليه، أَوْلتَطْرح مُلاحظاتها ومُقْترحاتها على النَّصِّ الَّذي وُضع في لبنان في صيغته الأَوَّليَّة، وباللُّغات العربيّة والفرنسيَّة والإنكليزيَّة.

إِنَّ المُفاوَضات هذه، أَو الأَخْذ والرَّد مع الدُّول، تَتطلَّب وَقْتًا طَويلاً. وإِلى الآن أَبْدت 4 دول مُوافَقتها على الانْضمام إِلى الاتِّفاق، لتَكُون مِن "الدُّول المُؤَسِّسة"، ومِنْها دولةٌ عربيَّةٌ وثانيَةٌ آسيويَّةٌ، وثالِثةٌ أُوْروبيَّةٌ، في حينيتحفَّظ المَعْنيُّون عن ذكر أَسْماء هذه الدُّول.

المَضْمون

وأَمَّا على صَعيد مَضْمون الاتِّفاق، فهُو يُشير إِلى أَنَّ"الأَكاديمية تُنْشأ بعد تَوْقيعها مِن 10 دُول، وتَأْليف مَجْلس أُمَناءٍ، يَكون قيِّمًا على رَسْم سِياسة الأَكاديميَّةِ، ووَضْع برنامَجِها وهَيْكليَّتِها وأُسُس الأَقْسام فيها... ويَكون مَرْكز مَجْلس الأُمَناء في لبنان".

وعلى مُسْتوى تَمْويل إِنْشاء الأَكاديميَّة وإِدارتها، تَقع المَسْؤوليَّة والأَعْباء على عاتِق لبنان والدُّول المُؤسِّسة، ومَن يَرْغب من الدُّول الأُخْرى في المُساهَمة في التَّمْويل، إِذ إِنَّ الأَكاديميَّة ذات مَنْفعةٍ عامَّةٍ وهي مُفيدةٌ لكلِّ الدُّول، ومَفْتوحَة لكلِّ الحَضارات والثَّقافات. والعِبْء الَّذي يتحمَّله لبنان الرَّسْميّ، مَعْنويٌّ وإِداريٌّ وماليٌّ، كَما ويَلْحَظ تَقْديم الأَرْض الَّتي ستُنْشأ عليها الأَكاديميَّة إِضافةً إِلى تَشْييد مقرّ الأكاديميَّة، وللحَديثِ صِلةٌ...