} من الحبل المعقود الى حبات المسبحة }

صلاة المسبحة قديمة العهد فان المسيحيين الاوائل كانوا يستعملون الحبل المعقود عقداً معدودة، ومع تأسيس الاديرة والرهبانيات في حوالى القرن الرابع، كان الرهبان يصلون الفرض مشتركين. وكانت هذه ​الصلاة​ مقتصرة على الصلاة الربية اي «الابانا» و«السلام الملائكي» والمزامير البالغ عددها مئة وواحداً وخمسين مزموراً. اما الرهبان العاملين في الحقل فكانوا يستعيضون عن ترتيل المزامير بتلاوة الصلاة الربية، ثم مئة وخمسين مرة السلام الملائكي.

(المسبحة الوردية، منشورات جمعية: جنود مريم)

} ​البابا​ يوحنا بولس الثاني

واسرار: النور }

وكانت تتركز على اسرار الفرح والحزن والمجد. اما اسرارالنور فقد اتت في الرسالة البابوية التي صدرت عن ​الفاتيكان​ في تشرين الاول سنة 2002 وقد وجهها قداسة الحبر الاعظم يوحنا بولس الثاني وأسماها اسرار النور لانه سر المسيح الذي هو النور.

} القديس عبد الاحد يؤسس صلاة الوردية }

انشأ صلاة الوردية كما كتب المؤرخ كاستيوس في ​فرنسا​ القديس عبد الاحد الذي ولد في ​اسبانيا​ سنة 1170 وتوفي سنة 1221.

وقد انتشرت في تلك الايام بدعة: «الالبيجازيين» مع اوبئة مخلة بالاداب فالتجأ القديس عبد الاحد الى مغارة في غابة قريبة من مدينة تولوز في فرنسا وراح يصلي طالباً شفاعة العذراء مريم وبعد ثلاثة ايام من ​الصوم​ والصلاة والتقشف والابتهال تراءت له العذراء وشجعته واشارت عليه ان يتخذ صلاة الوردية دواء شافيا وسلاحا ضد اعداء الكنيسة سنة 1213. فراح بكل حماس بنشرها بين الناس وفي سنة 1216 اسس رهبانية الدومنيكان (الاخوة الوعاظ) ومن بين الرهبان كان الاب دي لاروشفا.

} الملاك يقيد الحية القديمة }

في رؤيا يوحنا ظهر ملاك من السماء ونزل حاملاً بيده سلسلة قوية قيد بها التنين «الحية القديمة» هذه السلسلة قال عنها بعض الاباء هي ترمز الى المسبحة الوردية.

} الوردة على ​المياه​ }

وقد قال كتاب الحكمة: كالوردة المغروسة على ضفاف المياه وفي سفر الجامعة «كالوردة المغروسة في اريحا».

} الاتراك يزحفون على اوربا والريح توقفهم }

في سنة 1571 زحف الاسطول التركي على ​ايطاليا​ قاصداً احتلال اوربا فطلب البابا بيوس الخامس النجدة من دول ايطاليا واسبانيا وفرنسا و​المانيا​ و​النمسا​ فأتته النجدة ومشى الاسطول المسيحي لمجابهة الاسطول التركي وتجابه الجيشان قرب جزيرة ليبانتيا وهي جزيرة من جزر اليونان في 7 تشرين الاول سنة 1571. وعاكست الرياح المراكب ​المسيحية​ فتراجعت واخذها التشتت وتقدمت المراكب التركية منتصرة ووصل الخبر الى الفاتيكان ودب الخوف والرعب في قلوب الناس فأتوا راكضين الى ساحة الفاتيكان وهم يبكون وينوحون. وأطل عليهم البابا من شرفته طالباً منهم ان يأخذوا ورديتهم ويصلوا ودخل هو غرفته وركع يصلي المسبحة الوردية واذا بالريح تنقلب مع مراكب المسيحيين معاكسة الاعداء الاتراك فأخذوا بالتراجع والانهزام وانتصر ​المسيحيون​ واطل البابا من شرفته وبشر الناس بانتصار الجيوش المسيحية وانكسار الجيوش التركية وانتهت الحرب وبقيت الاعلام التركية محفوظة في متحف الفاتيكان الى ان ارجعها البابا بولس السادس بزيارته الى ​تركيا​ سنة 1965.

} بعد مئة سنة الاتراك يعودون }

بعد مئة سنة على انكسارهم في حربهم البحرية ضد اوربا قرروا هذه المرة اعادة الكرة براً وحاصروا مدينة ​فيينا​ مدة عشر سنوات. وكان الملك البولوني «جلسوبيسكي» يقود الجيوش الاوربية المسيحية. ولما رأى ان الانتصار مستعص وان ​السلاح​ لا يفيد صعد الى تلة صارخاً طالباً النجدة من العذراء مريم وهو يلوح لها بمسبحته (الوردية، تاريخها وكيفية تلاوتها طبع ونشر جمعية «جنود مريم» ص 15) واذ بالذخيرة تنفد عند الاتراك فيتراجعون عن الحسار ويتركون المدينة وتنتهي الحرب في 13 ايلول 1683. فطلب من البابا اينوشنسيوس الحادي عشر تخصيص شهر تشرين الاول بكامله للوردية المقدسة واستجاب البابا الطلب.

} المسبحة في اليد وعلى العنق وتحت الوسادة }

وفي معظم ظهوراتها طلبت العذراء ان يصلوا الوردية ويعودوا الاطفال على تلاوة المسبحة لتكون سلاحا نقاوم به الاعداء المنظورين وغير المنظورين ووضع الوردية تحت وسادة المريض قالت ذلك للقديسة انجال مؤسسة راهبات الاورسولين.

وفي ظهوراتها للقديسة كاترين لابوريه طلبت منها تلاوتها كل يوم مع الراهبات سنة 1830 في ​باريس​.

وفي ظهوراتها في لورد طلبت العذراء من برناديت سوبيرو ان تصلي المسبحة دائماً مع الجماهير.

وفي ظهورات فاطيما في ​البرتغال​ طلبت العذراء من الاولاد الثلاثة ان يتلوا المسبحة الوردية خاصة لانتهاء الحرب في ​العالم​ وفي احدى رسالاتها طلبت صلاة الوردية في العائلات في الاديرة والكنائس. وطلبت: ان احملوا المسبحة حول اعناقكم وفي جيوبكم انها وسيلة دفاعكم في وجه العدو وهي خلاصكم (​السيدة العذراء​ 6 ايلول 1969 سال داميانو ايطاليا صفحة 19، الوردية)

} خاتمة }

يقول القديس فرنسيس دي لاسال ان خير اسلوب للصلاة هو تلاوة المسبحة ويقول البابوات ان تلاوة المسبحة هي الوسيلة الفعالة لاسترضاء القدرة الالهية.

هي نبع تفكير لاهوتي في سر يسوع المسيحي وسر حياته الخلاصية وفي سر انسانيته والوهيته هنا تلتقي التيولوجيا والانتربولوجيا في مسار تفكيري عميق ينقلنا من اسرار الفرح الى اسرار الحزن الى اسرار المجد الى اسرار النور فنعيش سر المسيح في حياتنا.