أعلنت مجموعة من المحامين يتقدمهم ​معن الأسعد​ وسوزان مكي في بيان، أنها "باسم المبادرة الوطنية، تقدمت أمام ​مجلس القضاء الأعلى​ و​النيابة العامة التمييزية​، موجهة من المواطنين اللبنانيين: ​نجاح واكيم​ و​مصطفى حمدان​ و​زاهر الخطيب​ والعشرات من الشخصيات والنخب خارج السلطة السياسية الحاكمة بوجه الطبقة السياسية الحاكمة الفاسدة للحجز على أموالهم المنقولة وغير المنقولة وإيداعها خزينة الدولة ومنع سفرهم".

وقال الأسعد: "المعطيات لمحاربة الفاسدين موجودة لدينا، ويكفي أن الإعلام قد أوضح عن التفاصيل الدقيقة والصفقات المشبوهة والاستيلاء على المال العام من الطبقة السياسية الفاسدة هم وعائلاتهم وأزلامهم وكل من تبوأ منصبا عاما".

أضاف: "القضاء هو الملجأ الوحيد، ونطلب منه التحرر من الوحول الطائفية والمذهبية والتبعية لأي كان من السلطة السياسية، وهذا دوركم اليوم، وكلنا أمل بكم وبقضائكم بمحاسبة الفاسدين واسترداد الاموال المنهوبة، وهذا المطلب كان يجب أن يكون عفويا ولعل الذي تقدمنا به اليوم يعطي نتائج مع الثورة المحقة اليوم".

وفي ما يلي نص الرسالة:

"الموضوع: إيقاع الحجز الاحتياطي على ثروات الأشخاص الذين تولوا مناصب عليا في السلطة والادارة منذ عام 1992 ولغاية اليوم، ومارسوا عمليات النهب المتمادية للمال العام.

تعلمون، كما سائر اللبنانيين ان ​الدين العام​ في لبنان قد تجاوز المئة مليار دولار، اي ما يزيد عن نسبة 200% من الناتج المحلي. وقد اصبحت خدمة الدين العام سنويا تقارب نصف الانفاق العام المدرج في الموازنات العامة للدولة. السبب الرئيس الذي اغرق لبنان في هذا الكم الهائل من الدين العام، يعود الى انتشار ظاهرة الفساد والنهب متعددة الاشكال التي مارسها، على مدى سنوات، معظم من تولى السلطة، سواء في الوزارات او المؤسسات العامة. هذا ما تؤكده تقارير وضعتها منظمات دولية متخصصة. وفي لوائح الدول الأكثر فسادا، يصنف لبنان في طليعة هذه الدول.

هذا عدا عما نسمع ونقرأ، بشكل يومي، وفي تصريحات المسؤولين أنفسهم وما بات معروفا لدى غالبية المواطنين.

وزراء في لبنان يتهمون بعضهم البعض بالفساد، سياسيون يتهمون مسؤولين في السلطة والادارة بالوقائع والاسماء، الاعلام بمختلف اشكاله وشبكات التواصل الاجتماعي تضج بوقائع يومية عن ممارسات واختلاسات ونهب للمال العام كذلك.

وبالرغم من الخلل والضعف اللذين أصابا أجهزة الرقابة: التفتيش المركزي وديوان المحاسبة وغيرهما، الا ان هذه الاجهزة نفسها تتحدث، عبر تقاريرها الدورية، عن الفساد والمفسدين بالوقائع والارقام والأسماء. كما ان كبار المسؤولين في الدولة، عندما يتحدثون، ولو بشكل عام، عن مكافحة الفساد، فهذا خير دليل على وجود الفساد. وعندما يستنكفون عن أداء دورهم في المكافحة، فهذا ايضا خير دليل على انهم هم المرتكبون. وبالعودة الى تصريحاتهم والاتهامات، المباشرة وغير المباشرة، لبعضهم البعض، واستنادا لتقارير اجهزة الرقابة التي اصبحت بمتناول الجميع، نرى ان الاسماء الواردة تشكل الغالبية الساحقة ممن تولوا مواقع عليا في الدولة: رؤساء ووزراء ونواب ومديرون عامون ومسؤولون عن صناديق ومؤسسات مستقلة. اما الذين لم تشملهم هذه الاتهامات فلا يتجاوز عددهم اصابع اليدين.

بسبب هذا بات لبنان على شفير الانهيار، ولغاية اليوم لا يوجد في الافق بوادر جدية لمواجهة هذا المأزق الخطير والعمل على مواجهة الفساد ومعاقبة المفسدين.

دول متعددة في العالم عاشت مثل هذه الازمة وإن بدرجة أقل، الا انها استطاعت ان تتوصل الى حلول وطنية وقانونية، فعلى سبيل المثال لا الحصر: دولة ماليزيا، التي غرقت في الديون والعجز، وسادت فيها ظاهرة النهب والفساد، تمكنت من ايجاد الحل، حيث بادرت النيابة العامة هناك، استجابة لمطالب الرأي العام وتنفيذا لسياسات وطنية حكيمة، إلى فرض الحجز الاحتياطي على ثروات كافة المسؤولين، المنقولة وغير المنقولة، وإحالة اصحاب الثروات غير الشرعية على التحقيق، وتمكنت من استعادة معظم ما قد تم نهبه على مدى سنوات عدة وايداعه خزينة الدولة، وخرجت ماليزيا من كبوتها وأضحت في عداد الدول المتقدمة، بعد أن فرضت من خلال هذا التصرف الوطني والقانوني العلاج لأزمة المديونية وللجمود الاقتصادي.

يقول المسؤولون الوضع خطير، ولبنان على شفير الإنهيار ماليا واقتصاديا واجتماعيا، ويتداعون إلى اجتراح حلول تقنية لهذا المأزق متجاهلين عن عمد الأسباب الحقيقية التي أوصلتنا إليه، أي الفساد، فسادهم هم، ذلك لكي يهربوا من المساءلة والمحاسبة، ويحتفظوا بالثروات الحرام التي استحوذوا عليها من عرق الشعب وعافية الوطن.

الحل الوحيد الذي تبدأ به عملية إنقاذ لبنان من الإفلاس ماليا واقتصاديا هو استرداد المال العام المنهوب من قبل الذين مارسوا الفساد من خلال مواقعهم في السلطة على مدى 27 سنة، واستخدام هذا المال لإطفاء الدين العام وتحقيق النمو الإقتصادي. هذا ما يجمع عليه الخبراء، وهذا ما أكده مؤتمر المبادرة الوطنية الذي انعقد ببيروت في 29/9/2019.

لذلك، وحرصا على المصلحة الوطنية العليا، واستجابة لنداءات الرأي العام اللبناني، واستجابة لكافة الاقتراحات الواردة من عدة مصادر داخلية، نتقدم من النيابة العامة التمييزية، بطلب إيقاع الحجز الاحتياطي على ثروات كل من طالتهم تهم الفساد في السلطات كافة والادارة العامة، وإحالة المرتكبين على التحقيق، واسترداد الأموال المنهوبة وايداعها الخزينة العامة، خاصة ان التقارير الواردة من مؤسسات دولية ومحلية تشير الى ان حجم ايداعات هؤلاء المسؤولين المرتكبين في الخارج تفوق ضعفي الدين العام".