تتخبط الشعوب في أزمات إقتصادية، نتيجة سياسات غير حكيمة لأنظمتها، وإجراءات غير احترازية لحكوماتها ومصارفها المركزية، فيظهر هنا ثلاثة أطراف من القوة الشعبية: الأول من يحاول الخروج بأقل التكاليف فيقوم بتهريب أمواله إلى الخارج، وتسييل ممتلكاته خوفاً على نفسه، وعادة من يقوم بذلك هم البعض من الفئة الميسورة، والثاني الذي يسيرون كيفما كان لا هم لهم سوى قوت يومهم، وهم عادة الطبقة الفقيرة، والثالث هم المواطنون الأخيار الذين يخافون على إقتصاد وطنهم ويسألوننا كل يوم ما العمل، وكيف يمكن للفرد منا أن يحاول دعم إقتصاد الوطن بالقدر الذي يمكنه ذلك، وهم الطبقة المتوسطة بالأغلب، الذين يؤمنون بأهمية الوطن ورفضوا عروضاً من أجل البقاء فيه، ويمارسون مهامهم على أرضه.

ونتيجة ​الأزمة​ الاقتصادية التي يتخبط بها ​لبنان​ منذ سنوات، إلا أنها بدأت تظهر بشكل فاضح في الأشهر الماضية وانفجرت على إثرها "ثورة" 17 تشرين الأول 2019، يسأل الكثير من المواطنين عن دورهم في هكذا أزمات. لهؤلاء نجيب:

- دور التاجر، أن يقوم بوضع سلع ومنتجات لبنانيّة من كافة الأشكال والنوعيّات في مؤسسته بشكل علني واضح، وهنا عليه أن تكون نسبة هذه السلع المعروضة أعلى من مجموع السلع للبيع في المتجر، والمنتجات اللبنانية ليست فقط اللبنة والجبنة كما يظن البعض، بل تتميز المنتجات اللبنانية بجودتها في معظم فروع السلع، ويقوم الكثيرون بشرائها في أنحاء ​العالم​، وهي تمتدّ للمجوهرات، الملبوسات والأحذية، دهانات المنازل، قطع السيارات ولوازمها، الأدوات المنزلية والبلاستيكية، المواد الغذائية والكحولية، وغيرها الكثير.

- دور المستهلك، أن يقوم بالمفاضلة بشراء سلع ومنتجات لبنانية من ملبس، وغذاء ودواء، على حساب السلع المستوردة من الخارج، فإن كانت عاداته الشرائيّة تتوجب عليه سابقاً أن يشتري، سلعة صنعت في دولة فلانيّة، فعليه أن يقوم بشراء ذات صنف السلعة تلك إلا أنها صنعت في لبنان.

- دور التاجر والمستهلك، يؤدي إلى تخفيض ​العجز​ في الميزان التجاري، وإلى تخفيض كمية العملات الصعبة التي تخرج من السوق لتمويل الاستيراد، واستمرارية عمل المؤسسات الإنتاجية اللبنانية، وبقاء نسبة العمالة فيها، وضد سياسات التقشّف التي قد تتبعها مؤسّسات في تخفيض الإنتاج، وطرد أي مواطنين عاملين في تلك المؤسسات أو تخفيض دواماتهم وبالتالي أجورهم.

- تخفيض التكديس، أي شراء المنتجات والسلع مرّة في الشهر وتكديسها في المنازل، وعدم التردد الدائم إلى المتاجر، وذلك له أثر في الأزمات إنّه يثير الخوف والهلع عندما تدخل أيّ مؤسسة ولا تجد فيها أيّ حركة، هنا على المواطنين شراء ما يلزمهم أسبوعياً أقله.

- التردد على المقاهي و​المطاعم​ التي يعمل لديها موطنون، إقتصادُ أي وطن يعتمد على كافة قطاعاته وليس على قطاعٍ واحدٍ، ويتميز لبنان بخدمة الضيافة منذ عقود مرّت، ويظهر ذلك بوجود مطاعم، مقاه وملاهٍ في كافة أرجائه، وبالتالي على المواطن وخاصة أصحاب ​الأجور​ الثابتة أن يقصدوا ويترددوا على تلك المؤسسات، فذلك يساهم في إنعاش قطاع الخدمات فيه، وببقاء عمل تلك المؤسسات، ويساهم في تحريك العجلة الاقتصاديّة، خاصة المؤسسات السياحيّة التي يعمل لديها مواطنون.

- ضرورة إستخدام العملة الوطنية، في كافة المشتريات الخاصة والرسمية، ما يعني زيادة الطلب عليها.

- تخفيض طلب الدولارات، وذلك من خلال عدم التحويل إلى عملات صعبة في الداخل، خاصة في حال عدم الحاجة لها، وفي ضوء أن كافة المشتريات والمدفوعات تتمّ بالعملة الوطنية.

- إرسال عملات صعبة إلى الوطن، على الجاليات التي تعمل في الخارج القيام بشراء سلع لبنانية، وترويجها إلى رفاقهم، وأقرانهم حتى من مواطني تلك الدول وهذا يساهم في زيادة الطلب على المنتجات اللبنانية في الخارج، وبالتالي في تدفق عملات صعبة إلى الوطن، فتتكون إشارات دعم للمؤسسات اللبنانيّة في كافة فروعها.

- ​السياحة​ الداخلية، أهميّة تفعيلها من خلال الأفراد والعائلات حيث هناك ضرورة زيارة مدن وبلدات لبنانيّة، وقضاء الأوقات فيها، والتبضّع منها؛ إذا ما أردت السفر فلم لا تقوم بقضاء يومين في بلدة لبنانيّة ما، وتقوم بالحجز في أحد فنادقها، وتترد على مؤسّساتها السياحيّة خلال تلك الفترة.

- السياحة الخارجية، أهمية جعل لبنان الوجهة الأكثر زيارة من قبل المواطنين في الخارج، وتفضيل قضاء أوقاتهم في بلداتهم على حساب بلدات ومدن في الخارج.

-دعم العائلات، على المواطنين العاملين في الخارج، إرسال عملات صعبة إلى ذويهم وخاصة أصحاب المداخيل الحرّة غير المرتبطة بأجور معيّنة، وذلك للمساهمة في بقاء قدراتهم الشرائيّة على ما هي عليه، وعدم تأثرهم بالأزمات الاقتصاديّة.

- دور الموظف، للعامل والموظف في أيّ إدارة حكوميّة أو مؤسّسة خاصّة دور أساسي وفاعل في زيادة الإنتاجيّة، كما في عدم المطالبة بزيادات على الأجور إحساساً مع ربّ العمل في ظلّ الأزمة.

- دور الصحافي، في نقل الخبر العاقل، وتقليل التوتّر غير المفيد لا للأفراد ولا للمؤسسات، والقيام بدور تعريفي ببلدات لبنان المختلفة، وبالنشاطات التي يمكن القيام بها وبعرض نماذج عن سلع ومنتجات لبنانيّة على الجمهور.

ما هذه الاقتراحات، إلا آراء برسم المواطنين الأخيار الذي يرغبون بالمساهمة في مساندة إقتصاد وطنهم، وهم بذلك مقاومة داخليّة في وجه ما يتعرّض له لبنان وشعبه من أزمات إقتصاديّة ومعيشيّة، وهم بذرة الخلاص التي ستؤدّي إلى قيامة لبنان وعودته أفضل مما كان سابقاً.

*مستشار اقتصادي