أوضح مطّلعون على الموقف السعودي، في حديث إلى صحيفة "الجمهورية"، أنّ "​السعودية​ تَعتبر أنّ ​الحراك الشعبي​ ال​لبنان​ي داخلي لا ينبغي لها ولا لغيرها أن تتدخّل فيه، فهو يخصّ اللبنانيين ومستقبلهم قبل الآخرين، فضلًا عن أنّه حراك شعبي خرج إلى الشارع مُطالبًا بلقمة العيش وإنهاء ​الفساد​، ومعبّرًا عن نقمة عن أداء النظام والقوى السياسيّة الّتي بممارساتها تتحمّل المسؤوليّة عمّا آلت اليه أوضاع البلاد".

وركّزوا على أنّ "السعودية لا يمكن أن تتدخّل في هذا الشأن الداخلي البحت، كما أنّها لا تستطيع أن تقف ضدّ مطالب شعب يطمح إلى حياة حرّة كريمة، خصوصًا أنّها تلتزم مساعدة لبنان منذ أيام الملك المؤسس عبد العزيز". ولفتوا إلى أنّ "السعودية وعلى رغم أنّها تَعتبر أنّ البعض يَستخدم لبنان "منصّة عدائيّة" ضدّها، ستستمرّ في دعمها لهذا البلد، وليست في وارد تجاهله أو ترهيل العلاقات اللبنانية- السعودية".

وذكر المطلّعون أنّ "في الشهر الماضي، كانت ​الرياض​ ستوجّه دعوة رسميّة إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​ لزيارتها، حيث كانت ستجتمع اللجنة العليا اللبنانيّة- السعوديّة هناك، وتنتهي إلى توقيع 17 اتفاقيّة بين البلدين في مختلف المجالات كان يجري التحضير لها منذ نحو سنتين؛ ولكن ما يشهده لبنان منذ 17 تشرين الأول الماضي واستقالة للحكومة عَطّل كلّ هذه الخطوات وتَرك مصيرها مرهونًا بما سيؤول اليه الوضع الداخلي".

وشدّدوا على أنّ "الوضع السائد يتحمّل تبعاته الجميع من مسؤولين وقوى سياسيّة مشاركة في السلطة أو غير مشاركة، وأنّ الرياض كانت قد أبلغت إليهم منذ حصول ​التسوية الرئاسية​ انّها تؤيّد ما يُجمِع عليه اللبنانيون ولن تَتدخّل فيه، وأنّ عليهم أن يتحمّلوا المسؤوليّة في كلّ ما يَنتج عن هذه التسوية، سواء كان الأمر سلبيًّا أو إيجابيًّا". وأشاروا إلى أنّ "السعودية كانت في تواصلها مع المسؤولين والقيادات اللبنانية في الرياض أو في ​بيروت​ تُحذّر من الوصول إلى الأزمة الّتي تعيشها البلاد الآن، وتدعو إلى توقّف الخلافات والمناكفات بين القوى السياسية الّتي تنعكس سلبًا على أوضاع لبنان الماليّة والاقتصاديّة، وتعطي صورة سيّئة عنه خارجيًّا، بما يدفع المستثمرين إلى الهروب منه أو الإحجام عن الاستثمار فيه".

وبيّنوا أنّ "على رغم من ذلك، أعادت السعودية رعاياها، هي ومعظم ​دول الخليج​، إلى هذا البلد في خطوة تساهم في دعم ​الاقتصاد اللبناني​، وتعزّز الثقة العربية الدولية به"، منوّهين إلى أنّ "السعوديين يسألون الآن عمّا سيؤول إليه الوضع اللبناني بعد ​استقالة الحريري​، وعن ماهيّة الحكومة الجديدة ومدى قدرتها على معالجة الأزمة الّتي يخشى أن تتفاقم وتزداد خطورة خلال الاشهر الثلاثة المقبلة".

كما أكّد المطّلعون أنّ "الرياض غير مستقيلة من دورها اللبناني، ولكنّها وفي خضمّ كلّ ما تعرّضت له ولا تزال، لم تسمع من أحد كلمة تضامن معها في كلّ ما تواجهه ولو على سبيل الانسجام مع علاقات الأخوة العربية الّتي تربط بينها وبين لبنان، إلّا أنّها رغم ذلك غير متوقّفة طويلًا عند هذا الأمر الّذي لن يدفعها إلى الابتعاد عن هذا البلد الشقيق، علمًا أنّ البعض يَطلب منها الآن التدخّل والمساعدة على إنتاج حلول للأزمة إنطلاقًا من كونها مفوّضة عربيًّا رعاية تنفيذ "​اتفاق الطائف​"، الّذي أقرّه النواب اللبنانيون في مؤتمرهم الّذي انعقد لشهر في مدينة الطائف".

وأفادوا بأنّ "السعوديين لا يتوقّفون عند استقالة الحريري في أسبابها والخلفيات. وسواء قرّر العودة إلى ​رئاسة الحكومة​ أو أصرّ على عزوفه المُعلن، فإنّهم لا يتوقّفون عند الأسماء المرشّحة أو الّتي تُرشّح لتولّي رئاسة الحكومة. إلّا أنّهم يرون في مكان ما، أنّ الحريري رشّح ويرشّح بعض الأسماء المقبولة لخلافته، لكنّ الآخرين يسارعون الى إحراقها، وكان الوزير السابق ​محمد الصفدي​ مثالًا، حيث أعلنه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ​جبران باسيل​ رئيساً للحكومة، قبل ان يبلّغ الحريري اسمه إلى رئيس الجمهورية ​ميشال عون​".

وأعلنوا أنّ "ما يهمّ السعوديين هو تشكيل حكومة فاعلة تتصدّى للأزمة وتعالجها، وهم لا يتوقفون عند تسميتها بـ"التكنوقراط" أو "التكنو- سياسيّة"، وإنّما من باب النصيحة، وليس من باب التدخّل في هذا الشأن الداخلي اللبناني، أن تكون هذه الحكومة ذات صلاحيّات استثنائية تمكّنها من اتخاذ خطوات سريعة وفعّالة لإنقاذ البلاد من الانهيار".