منذ يوم الأحد الماضي، تاريخ إعتذار المرشح السابق ل​رئاسة الحكومة​ ​سمير الخطيب​، لم يطرأ أي جديد على مستوى الاستشارات القائمة ل​تشكيل الحكومة​ المقبلة، بل على العكس من ذلك تزداد الأمور تعقيداً، نتيجة دخول أفرقاء آخرين إلى لعبة المناورات، التي كان "بطلها" منذ اليوم الأول رئيس حكومة ​تصريف الأعمال​ ​سعد الحريري​.

على هذا الصعيد، كان التطور الأبرز هو إجتماع مجموعة الدعم الدولية، في العاصمة الفرنسية ​باريس​، الذي جدد الإلتزام بدعم ​لبنان​ والعمل على أمنه وإستقراره، مقابل الدعوة إلى تشكيل حكومة تملك القدرات والمصداقيّة لتنفيذ حزمة من الاصلاحات الاقتصاديّة، وتلتزم بنأي البلاد عن التوترات والأزمات الإقليمية.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى جملة من التوجهات التي باتت محسومة إلى حدّ بعيد، أولها رئاسة رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الحكومة المقبلة، إنطلاقاً من الدعم الذي حظي به من ​دار الفتوى​، وبالتالي لم يعد من الممكن أن تذهب الأكثرية النيابية إلى قرار معاكس، مع العلم أنها لم تكن في هذا الوارد أصلا، خصوصاً "​حزب الله​" و"​حركة أمل​"، وهو ما جرى التأكيد عليه أكثر من مرة في ​الساعات​ الماضية.

بالتزامن، بات من الواضح أنّ الحكومة المقبلة من المستحيل أن تكون من الإختصاصيين فقط، كما يريد الحريري، لا بل المصادر نفسها تؤكد أن رئيس حكومة تصريف الأعمال لم يعد معارضاً لفكرة أن تكون مطعّمة بوزراء سياسيين، شرط ألاّ يكونوا من الوجوه الإستفزازيّة، وتلفت إلى أن ما ينقل عنه من مواقف يأتي في إطار المناورات التي يمارسها منذ الإعلان عن إستقالته، وتشير إلى أنه يوجه سهامه بشكل مباشر إلى رئيس "​التيار الوطني الحر​" ​جبران باسيل​.

في الإطار نفسه، توضح هذه المصادر أنّ باسيل قرر الذهاب إلى مناورة أخرى، تقوم بالإعلان عن رغبة تكتله في الذهاب إلى المعارضة، بالتزامن مع عدم تسمية الحريري في الإستشارات النيابية الملزمة المقررة يوم الاثنين المقبل، الأمر الذي تؤكد أنّه غير واقعي من الناحية العمليّة، نظراً إلى أن هذا الطرح اقترن بأخرى ينصّ على تولي ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ تسمية الوزراء المسيحيين في الحكومة، خصوصاً أن جميع ​الكتل النيابية​ ​المسيحية​ الأساسية، في حال ذهاب "​لبنان القوي​" إلى المعارضة، ستكون خارج الحكومة.

من وجهة نظر المصادر السياسية المطلعة، الموقف الحازم على هذا الصعيد كان الذي صدر عن رئيس المجلس النيّابي ​نبيه بري​، الذي كلّف النائب ​سليم عون​ بنقل رسالة إلى باسيل مفادها بأنه يرفض تشكيل حكومة من دون "الوطني الحر"، وتؤكّد أنّه لا يمكن تجاهل هذا الموقف، الذي قد ينسحب على موقف باقي مكوّنات قوى الثامن من آذار، وبالتالي عرقلة مسار تشكيل الحكومة برمّته، نظراً إلى أنّ الحريري لن يملك الأكثريّة النيابية التي تؤمّن تسميته من جهة، ونيل الحكومة التي سيشكّلها ثقة ​المجلس النيابي​ من جهة ثانية، وتضيف: "لم يعد من الممكن الحديث عن أي تقدم فعلي قبل حل الأزمة بين الحريري وباسيل بالدرجة الأولى".

في المحصّلة، تشير هذه المصادر إلى أنّ الأيام الفاصلة عن موعد الإستشارات النيابية الملزمة، ستكون كفيلة في حسم الوجهة التي ستذهب إليها المشاورات الحكوميّة، لكنها تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول إستمرار الإستشارات في موعدها، نظراً إلى أنّ تأجيلها المتكرر كان يأتي في إطار الحرص على تأمين توافق يحول دون الذهاب إلى مواجهة جديدة أو تأليف طويل الآمد.