فتح البيان الصادر عن اللجنة الخماسية، أول من أمس، الباب أمام طرح الكثير من علامات الإستفهام حول ما إذا كان هناك من معطيات جدية، دفعت سفراء اللجنة، التي تضم أميركا وفرنسا والسعودية وقطر ومصر، للذهاب إلى وضع إطار زمني، خصوصاً أن البعض رأى أن هذا البيان هو الأهم، إلى جانب ذلك الذي صدر بعد الإجتماع الذي عقد في العاصمة القطرية الدوحة، والذي تم التلويح فيه إلى خيار العقوبات على المعرقلين من الأفرقاء اللبنانيين.

في هذا السياق، تذهب مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن تأكيد الحديث عن إطار زمني في البيان مرتبط بعاملين أساسيين: الأول هو الإنتخابات الرئاسية الأميركية، على إعتبار أن واشنطن لن تكون بعد هذا الإطار قادرة على الإهتمام بالملف اللبناني بالشكل المطلوب، أما الثاني فهو التهديدات الإسرائيلية بالذهاب إلى عدوان واسع في بداية الصيف المقبل، وبالتالي المطلوب إنتخاب رئيس يقود إلى تسوية قبل ذلك.

بالنسبة إلى هذه المصادر، الأولوية لا تزال، حتى الآن، تتعلق بالذهاب إلى تسوية في قطاع غزة، يكون لها إنعكاساتها على الجبهة الجنوبية، أي أن ما يحصل على مستوى اللجنة الخماسية هو أنها تقوم بتحضير الأرضية لتكون جاهزة بعد الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار، تماماً كما يفعل المستشار الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين على مستوى الملف الحدودي، لكنها تشير إلى أن السؤال يبقى حول المسار، بحال لم يتم التوصل إلى هكذا إتفاق.

هنا، تعتبر المصادر نفسها أن المشكلة ستكون كبيرة جداً على مستوى مختلف ملفات المنطقة، لكنها في المقابل ترى أن الولايات المتحدة، التي كانت الراعي الأول لهذا البيان، ما كانت لتقدم على مثل هذه الخطوة فيما لو لم يكن لديها ما تستند إليه، بالنسبة إلى الحرب في غزة، خصوصاً أن في الأروقة الدبلوماسية الكثير من الطروحات التي تتناول الأوضاع في القطاع بعد الحرب، لا سيما أن هناك تسليماً، محلياً وإقليمياً ودولياً، بعدم إمكانية الفصل بين الملفين السياسي والعسكري.

من جانبها، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن الحديث عن رفع مستوى الضغوط على الأفرقاء المحليين إعلامي أكثر مما هو واقعي، وتوضح أنه من المستبعد، في ظل الأجواء القائمة على مستوى المنطقة، أن يبادر أعضاء اللجنة الخماسية إلى خطوات تصعيدية، في حال عدم التجاوب معهم من قبل القوى اللبنانية المؤثرة، لا سيما أنّ الفريق المعني بهذه الضغوط، أيّ "حزب الله"، ليس من النوع الذي ينفع معه هذا الأمر.

بناء على ذلك، ترى هذه المصادر أنه من المفترض السؤال عما إذا كان من الممكن الذهاب إلى إنتخاب رئيس بمعزل عن الأوضاع العسكرية في المنطقة، حيث تلفت إلى وجود من يسوق لنظرية أن ضرورة إنتخاب الرئيس تنطلق من أهميّة وجوده لمواكبة تطورات المنطقة، خصوصاً المفاوضات المتعلقة بالحدود، إلا أن ذلك يدفعها إلى السؤال حول ما إذا كان "حزب الله" في وارد تقديم تنازلات، طالما أن هذه المفاوضات ستكون أولى مهمات الرئيس المقبل.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، إعطاء الرئيس المقبل مهمة التفاوض، يعني أن الحزب لن يكون في وارد تقديم أيّ تنازل، خصوصاً أنه سبق له أن ربط الضمانات التي يريدها بشخص الرئيس نفسه، وبالتالي ترى أن الإنتخاب قبل وضوح الرؤية على مستوى المنطقة، قد يتطلب الرضوخ لمطالب الحزب في هذا المجال، الأمر الذي تشير إلى أنه أيضاً مستبعد، لأن المعادلة ستكون أعقد لعدة إعتبارات، لا تتعلق فقط بالأوضاع الداخلية، بل تشمل أيضاً الواقعين الإقليمي والدولي.

في المحصّلة، تهديد الخماسيّة أو ذهابها إلى وضع إطار زمني، لا يمكن الركون إليه، بالرغم من أنّه الأوضح، نظراً إلى أن الأساس يبقى أن معادلة الإنتخاب غير موجودة، وإمكانية الفرض غير متوفرة، إلا إذا تم التوصل إلى وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وجنوب لبنان، ما يفتح الباب أمام البحث في مختلف الملفّات العالقة، من ضمن تسوية سيكون عنوانها إعادة ترتيب الأوضاع في المنطقة بشكل عام، فهل تكفي مهلة الشهرين لذلك؟.