كما جاء في المقال المنشور في موقع جريدة ​الثبات​ بتاريخ السابع من الجاري تحت عنوان: “بعد “تعاظم” الدور الإماراتي .. الحريري يتمسك ب​السلطة​ ويخشى على فريقه من السجن”، من المؤكد والمحسوم، أنه لا يمكن فصل الواقع اللبناني عن محيطه، ويبدو أن الأمور تتجه في المنطقة الى خفض التصعيد، خصوصاً في ضوء التقارب ليس الإماراتي – السوري فحسب، بل الخليجي بشكل عام، والخليجي ​اليمن​ي أيضاً، كذلك التقارب السعودي – القطري المستجد.

ولا يمكن أيضاً التغاضي عن ما حكي عن مفاوضات ايرانية – اميركية بمسعى من ​سلطنة عمان​، والتي قد تكون متعثرة، لكنها مستمرة، وإن بوتيرة بطيئة، بحسب معلومات مصادر قربية من محور ​المقاومة​.

كل ذلك يترافق مع إقدام ​واشنطن​ على تخفيض 40 بالمئة من عدد جنود الاحتلال الأميركي في سورية، والاحتفاظ بعدد من الجنود، عند آبار ​النفط​ في الشرق السوري.

وكانت هذه الإدارة إتخذت قبل ذلك قراراً بالانسحاب الكامل من ​الأراضي السورية​، غير أنها عدلت عنه في ضوء بدء الحملات الإنتخابية الرئاسية الأميركية، برأي المصادر.

وسط هذه الأجواء، يظهر جلياً تعثر تفاهم الأفرقاء السياسيين اللبنانيين الفاعلين على تأليف حكومة جديدة، خصوصاً أن الرئيس ​سعد الحريري​، المعني الأول بعملية التأليف، كونه الأكثر تمثلياً في الشارع السني، لايزال متمسكاً بشروطه السابقة، أي تأليف “حكومة تكنوقراط”، الطرح المرفوض نهائياً من فريقي ​التيار الوطني الحر​، والثامن من آذار، وعبر عن ذلك صراحةً وبوضوح، الأمين العام ل​حزب الله​ ​السيد حسن نصرالله​ في كلمته المتلفزة الأخيرة، لذلك فقد يكلّف الحريري ولا يؤلف، اذا لم يبد أي مرونة عند بدئه في عملية التأليف المرجوة، ودائماً برأي المصادر.

وقد يكون سقف الحريري السياسي منخفضاً، لأنه قد لا يسمى من كتل نيابية وازنة، كحزب الله، والتيار الحر، و​القوات اللبنانية​، حفاظاً على صدقيتها لدى جمهورها، وهي التي تبنت بدورها أي القوات مطالب “الحراك الشعبي”، وشعاراته، تحديداً “كلن يعني كلن”، بالتالي لن تدخل في حكومة يرأسها الحريري، الذي لم يتجاوب أيضاً مع مسعى القوات، لإعادة لملمة شمل ما يسمى “بقوى 14 آذار”، خصوصاً بعد حادثة قبرشمون في الصيف الفائت، ثم بدء الحراك في تشرين الأول المنصرم.

وهذا ما قد يتهدد ميثاقية أي تشكيلة حكومية يطرحها الرئيس المكلف على ​رئيس الجمهورية​، اذا لم تشارك كتلتا التيار والقوات في ​الحكومة​ المرتقبة، وهما الأكثر تمثيلاً في الشارع المسيحي، وبالتأكيد لم تمنح هاتان الكتلتان الثقة ل​حكومة الحريري​ المفترضة، في حال استمر على عناده، على حد تعبير المصادر.

أضف الى ذلك، من المسلم به أن حزب الله، لن يشارك في اي حكومة، لا تضم ​ممثلين​ عن حليفه “البرتقالي”. وهنا بدا جلياً أن وضع الحريري بات مرتبكاً، قبل التكليف والتأليف، وهو من حاول إرباك الحزب والتيار، من خلال استخدام “لعبة الضغط في الشارع”، لتحقيق إملاءات الخارج على لبنان، تحديداً ​الولايات المتحدة​، التي وضعت “فيتو” على مشاركة الوزير ​جبران باسيل​، وحزب الله في الحكومة، تحت طائلة إستمرار الضغط في الشارع، وعلى ​الاقتصاد اللبناني​ ايضا.

ولكن إحجام الحزب والتيار عن المشاركة في الحكومة المرتقبة، يفقدهها الحماية السياسية، فبدلاً من أن يضغط الحريري على المقاومة والتيار، “إنقلب السحر على الساحر”، وهو من بات تحت الضغط، وفي حالة إرباك، بعد إعلان باسيل استعداده عدم المشاركة في الحكومة، ودائما بحسب راي المصادر المذكورة.

والأكثر من ذلك، وإنطلاقا من الأجواء الإقليمية المذكورة أعلاه، فأن فريق المقاومة غير مستعجلٍ، على إبرام اي تسوية داخلية شاملة، لا تتوافق مع حجم الإنجازات، التي نجح في تحقيقها في المنطقة، خصوصا في اليمن وسورية وسواهما، في إنتظار عقد تسوية شاملة لحل النزاعات في المنطقة، خصوصا في ضوء استمرار سريان القرار الدولي، بعدم إنهيار الأوضاع اللبنانية برمتها، لذلك وضع السيد نصرالله، الخطوط ​العريضة​ للحل الحكومي المرتجى، وفقاً لرؤيته، وشدد راهناً، فقط على أمرين، لا حكومة من لون واحد، ولحكومة “تكنوقراط”، تختم المصادر المذكورة.