قبل أن يصل نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ​ديفيد هيل​ إلى العاصمة اللبنانية بيروت، سبقته رسالة أميركية تتعلق ب​رئاسة الحكومة​ المقبلة، مفادها العودة إلى تعويم اسم سفير لبنان السابق في الأمم المتحدة ​نواف سلام​، كمرشح بديل عن رئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​.

هذه الرسالة، تبلغتها بعض المراجع اللبنانية بشكل واضح، قبل ساعات من موعد ​الاستشارات النيابية​ الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المقبلة، بالرغم من رفض الاسم سابقاً من جانب قوى الثامن من آذار، لا سيما "​حزب الله​"، بعد أيام قليلة من استقالة الحريري، حيث طرح من قبل الأخير كمرشح توافقي بديل عنه.

في هذا السياق، تؤكد مصادر قيادية في قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، أن تعويم سلام على رأس قائمة أهداف الزائر الأميركي، بالإضافة إلى ملفات أخرى باتت معروفة، وتشير إلى أن واشنطن لم تسحب الاسم من التداول رغم الجواب السابق على طرحه من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال، لا بل هو المرشح الأفضل بالنسبة لها.

وتلفت المصادر نفسها إلى أن بعض المجموعات المحسوبة على واشنطن في ​الحراك الشعبي​، عملت على التسويق له أيضاً طوال الفترة السابقة، على اعتبار أنه من الشخصيات التي يمكن وصفها بالتكنوقراط، وتضيف: "المستغرب هو تماهي بعض المجموعات الصادقة في الحراك مع هذا الطرح، رغم معرفتها بالجهات التي تقف خلفه".

وتشير هذه المصادر إلى أن مطلب التكنوقراط سوّق على أساس أنه الخيار الوحيد المقبول من جانب الحراك الشعبي، ويبدو أن المطلوب اليوم العمل على تظهير أن سلام هو أبرز مرشحيه لرئاسة الحكومة، في ظل حالة التخبّط التي يعيشها الحراك على مستوى تحديد هويته وخياراته.

على هذا الصعيد، تكشف المصادر القيادية في قوى الثامن من آذار أنه بعد تأجيل موعد الإستشارات النيابية، نتيجة إنقلاب موقف حزب "القوات اللبنانية" على الوعد بتسمية الحريري، نظراً إلى أن تكتل "​لبنان القوي​" سبق له أن أعلن موقفه الواضح من تسمية رئيس حكومة تصريف الأعمال قبل ذلك، يجري العمل على رفع عدد النواب المؤيدين لتسمية نواف سلام، عبر إنضمام كتلة "الجمهورية القوية" إلى القائمة التي تضم حزب "الكتائب" ورئيس "حركة الإستقلال" النائب ​ميشال معوض​، وربما بضعة نواب آخرين.

إنطلاقاً من ذلك، يصبح من الضروري طرح علامات إستفهام حول إمكانية حصول الإستشارات النيابية الملزمة في موعدها، المقرر يوم غد الخميس، في ظل إستمرار الأجواء نفسها التي رافقت الموعد السابق يوم الاثنين الماضي، بالإضافة إلى دخول معطيات أخرى معرقلة، لا سيما أن رئيس حكومة تصريف الأعمال لن يقبل بظروف التكليف التي سبق له أن رفضها، من دون تجاهل الموقف المستجد ل​دار الفتوى​ الذي أعلن عنه رئيس حزب "الحوار الوطني" النائب فؤاد مخزومي.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، الجواب على رسالة هيل الحكومية قد يكون الأهم في الوقت الراهن، نظراً إلى الإصرار عليها من جانب الولايات المتحدة، وتؤكد بأن اسم سلام مرفوض بشكل حازم من جانب كل قوى الثامن من آذار، لا سيما "حزب الله"، وبالتالي لا يمكن أن يمر في الإستشارات النيابية الملزمة ليصبح رئيساً مكلفاً ب​تشكيل الحكومة​ المقبلة، وتؤكد بأن الحريري لا يزال هو المرشح الأفضل الذي تتمسك به هذه القوى، بغض النظر عن التبدل الذي حصل في موقف "التيار الوطني الحر".

في المحصّلة، وسط هذه الفوضى هناك مشهد سريالي يُرسم، يتمثل بالتسويق للمرشح البديل عن الحريري من قبل بعض المقرّبين منه والقياديين في تياره السياسي، خصوصاً من يُحسبون على رئيس الحكومة الأسبق ​فؤاد السنيورة​، بينما من كانوا يُصنفون ضمن دائرة خصومه، منذ العام 2005 حتى اليوم، يُصرون على رفض الإنقلاب عليه، الذي تقف خلفه جهات دولية وإقليمية ومحلية.