في اليوم الأول لتكليف رئيس الحكومة المكلّف ​حسان دياب​، كانت كل المعطيات توحي بأن نجاحه يتوقف على الحصول على الغطاء الدولي وعدم معارضة الشارع، بعد أن حصل على الأكثرية النيابية في الاستشارات الملزمة.

في الوقت الراهن، يبدو أن القوى الدولية والاقليمية سلمت بقرار الأكثرية، حيث لم يظهر أي موقف دولي معارض لتكليفه، بانتظار شكل الحكومة التي يدعو البعض إلى أن تتألف من اختصاصيين بشكل كامل، وهو ما أكد رئيس الحكومة المكلف على رغبته بالوصول إليه في نهاية المطاف.

في المقابل، لا يبدو أن القوى الأساسية في الأكثرية، "التيار الوطني الحر" و"​حزب الله​" و"​حركة أمل​"، في طور عرقلة مهمة دياب بأيّ شكل من الأشكال، حيث لم يصدر من داخلها من يرفض صيغة الأخصائيين التي تحدث عنها.

في ظل هذه المعطيات، ترى مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، أن هناك من لا يريد أن يترك دياب يستكمل مشاوراته بهدوء تام، خصوصاً بعد أن لمس أن الحراك الشعبي يريد أن يعطي رئيس الحكومة المكلّف فرصة، وبالتالي انتظار التشكيلة الحكوميّة التي سيعلن عنها لاحقاً، وهو ما دفع رئيس حكومة تصريف الأعمال ​سعد الحريري​ إلى رفع السقف، عبر توجيه الإتّهامات بأنّ حكومته ستكون حكومة وزير الخارجية والمغتربين ​جبران باسيل​.

وتلفت المصادر نفسها إلى أنّ الحريري هو المسؤول عن "المشاغبة" التي كانت قائمة في الشارع، لا سيّما أنّ نواب "المستقبل" كانوا أول من بادر إلى التصويب على دياب، في الوقت الذي كان فيه يكتفي بعبارة "الله يوفقه"، بعد أن تراجع عن دعوة أنصاره إلى الخروج من الشارع، والطلب منهم التعبير عن رأيهم بشكل سلمي.

من وجهة نظر هذه المصادر، لا يمكن لرئيس حكومة تصريف الأعمال أن يترك الشارع على هواه، بعد أن أعلن بنفسه عدم رغبته في العودة إلى رئاسة الحكومة، في حين أصر ​الثنائي الشيعي​، أيّ "حزب الله" و"حركة أمل"، على هذه العودة منذ لحظة إعلانه عن استقالته، وبالتالي كان عليه أن يبادر إلى إتخاذ خطوات عملية تؤكّد حسن نيته، في حال لم يكن راغباً في الاستمرار بنهج "المشاغبة"، الذي كان من المتوقع أن يعود إليه بعد فترة الأعياد، إلا أنه قرر الإنتقال إلى "المشاغبة" في السياسة، قبل أن يعود إلى الشارع بعد ذلك.

على هذا الصعيد، تستغرب المصادر السياسية المطلعة لجوء "المستقبل" إلى هذا النهج، رغم إعلانه سابقاً عدم مسؤوليته عما يحصل في الشارع، خصوصاً أن أحداً لم يكن راغباً في ​استقالة الحريري​ أصلاً، ولا رافضاً لعودته إلى رئاسة الحكومة لاحقاً، وبالتالي كان من الممكن أن يطلب ذلك بشكل مباشر ليحصل عليه.

وتشير هذه المصادر إلى أنّ الحريري لا يزال على ما يبدو في المربّع الأول، أيّ يرغب في العودة إلى ​السراي الحكومي​ وفق الشروط التي حصل عليها دياب، في حين أنّ هذا الأمر غير وارد بسبب اختلاف الظروف المحيطة بالرجلين، ما يعني أنّ ما يمكن الموافقة عليه مع دياب، على المستوى الحكومي، لا يمكن أن ينطبق على الحريري.

في المحصّلة، تجدد المصادر نفسها التأكيد أن مشكلة رئيس حكومة تصريف الأعمال الأساسية ليست مع الأكثرية النيابية بل مع حلفائه أولاً، المحليين والخارجيين، بالإضافة إلى الإخفاق في قراءة المشهد السياسي ثانياً، وترى أن الأفضل له تسهيل مهمة دياب في التكليف، ربما من خلال المشاركة في الحكومة، كي يحافظ على خط العودة مع الأكثرية، بعد أن فقد ثقة من يفترض أن يكونوا حلفاء له، خصوصاً أنه قد يكون أول من يدفع ثمن "المشاغبة" الحالية.