تضج الساحة ال​لبنان​ية وفي الكواليس وفي المجتمعات بأخبار ما جرى في ​بغداد​ وتداعيات اغتيال ​قاسم سليماني​ والظروف التي رافقت العملية خصوصاً انها جاءت بعد فك الحصار عن البعثة الدبلوماسية الاميركية واتخاذ الامور منحى إيجابياً الى حدّ ما... فما الذي جرى حتى تدهور الوضع والى أين ستذهب الأمور ومن له مصلحة في عمليات أمنية كبيرة إن في الرد الانتقامي أو في الرد على الرد؟

هل الرئيس ​ترامب​ يريد عملية عسكرية قد تصل الى حرب في سنة ​الانتخابات الاميركية​؟

وهل في غياب حكومة في ​اسرائيل​ يمكن القيام بعمليات عسكرية رداً على هجومات محتملة؟ والعمليات الانتقامية إذا حصلت؟ فمن أين تنطلق؟ من بغداد أم من ​سوريا​.

أما رد ​السيد حسن نصرالله​ في الخطاب التأبيني أمس، فواضح وصريح رداً على اغتيال قاسم سليماني، لا الشركات ولا المواطنون الاميركيون مستهدفون، بل كل المنشآت الاميركية والعسكرية في المنطقة هي الهدف الاساسي من ثم اخراج الاميركيين من كل المنطقة العربية، بحسب السيد حسن نصرالله.

***

ما يهم اللبنانيين غير حالة الانتظار لما قد يجري، هو معرفة موعد تشكيل ​الحكومة​ التي صار من الواضح ان الحاجة ماسة لاعلانها للانصراف لمعالجة أي وضع متدهور في المنطقة فهل حكماً سيكون عنوانها حكومة مواجهة لا سيما وان الاشارات لجهة استنكار ونعي سليماني جاءت من جهات رسمية لبنانية وهنا الاسئلة تتزاحم فإذا كانت الصورة التي قد تعطى عن هذه الحكومة بأنها حكومة لون واحد، فكيف سيتعاطى الخارج المأزوم والمتوتر معها؟

هل سيحيّد لبنان بدعم استقراره السياسي والاقتصادي والمالي حتى لا تزيد الفوضى في المنطقة بما في ذلك لبنان؟ وهل كما قيل، سيقوم الرئيس المكلف فور منح حكومته الثقة ولو بهزالة وهشاشة، بجولة عربية في محاولة لجلب الدعم المالي للبنان؟

وانطلاقا من هنا، ماذا سيكون دور ​فرنسا​ راعية مؤتمر "سيدر" والتي في اولويتها دعم استقرار لبنان فهل ستزخّم من جديد نشاطها للانطلاق بـ "سيدر" مع الحكومة الجديدة قبل ان يسقط الهيكل على الجميع؟

***

في انتظار الوصول الى اجابات عن الاسئلة الهواجس التي تقضّ مضاجع الناس، فهل سيعلن عن الحكومة في الايام المقبلة. ولكن من يجوجل الاسماء المقترحة وباستثناء اختصاصي وقد سميناه مراراً وتكراراً عثمان سلطان الناجح والشفاف وقد حسم أمره. ويا ليت كل الوزراء أمثاله.

فهل هذه الحكومة التي ستولد ستعطى ولو فرصة لأن الوقت طال والإنهيار قائم ولا مهل للبحث في خلفيات وصول رئيسها، هل هذه الحكومة هي حكومة الثوار وثورتهم وأحلامهم؟

***

تعب الناس وقرفوا من اللعب عليهم باسماء ممجوجة وبوجوه تنكّر كل مرّة وتخفي وراءها انتماءات لاحزاب أو لتيارات أو لاشخاص خرجوا من باب الحكومات السابقة ليدخلوا من شباك حكومة الاختصاصيين؟

وكما يتم التداول في الحقائب نرى اسماء وزراء ليسوا في حقائب اختصاصاتهم وهم كُثر أما التبريرات التي تعطى لذلك فكون الحقائب الاساسية والتي تعرف بالسيادية لا يمكن المجازفة بها ولا يمكن تبديل طوائفها.

هكذا يأتي الرد على مطالب الثوار وعلى انتفاضتهم وعلى إنهيار مالي واقتصادي واجتماعي بوجوه، صحيح انها غير مستهلكة، ولكنها لا تفي بالمطلوب... تحت عنوان "من الموجود جود"... وجوه ستخوض تجربتها الأولى ب​السياسة​ "بالناس"...

وجوه تأتي باهتة، وغير لماعة ولن تخرج الناس من العتمة ومن النفق.

وجوه تعلن لنفسها وللناس مسبقاً انها مؤقتة ولتقطيع مرحلة...

لم يُجهد المسؤولون عن ​تشكيل الحكومة​ في البحث عن اسماء من "خارج العلبة" كما يقال “out of the Box” مثل اسماء لمعت في الداخل من خارج المحسوبيات، من خارج المنظومة، من ​الجامعات​... من الشركات الناجحة، من ​القطاع الخاص​ بنبض ودم جديد، بآفاق جديدة؟

***

أين المشكلة في ان يدخل دم جديد الى الحكومة؟

دم يعبّر عن الثائرين في الساحات والمناطق؟

أين المشكلة في ان يُقدم من يشكل الحكومة على الاستغناء عن بعض "الوجوه العَفِنة" كما فعل حاكم دبي والإتيان بوجوه شابة صغيرة تُعبّر فقط عن احلام هؤلاء؟

"عفونة" أينما كان... وفوضى لم يسبق لها مثيل وانهيارات قادمة قد تكون الاسوأ في ​تاريخ لبنان​ وتنسينا لبنان الجميل الذي عرفناه...

انها حكومة: "من الموجود... جود".