لا يحتاج الامر الى "مبصّرين" لاكتشاف المأزق الذي يجد الحزب ​التقدمي الاشتراكي​ نفسه فيه اليوم، فهو منذ انتخاب ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​، يُعاني من شعور بالوحدة، تُرجم خلال تشكيل حكومتي ​سعد الحريري​ قبل ​الانتخابات النيابية​ وبعدها، وتأكد خلال مرحلة استقالة ​الحكومة​ السابقة وما تلاها من استشارات نيابية.

خلال مرحلة الاستشارات تعرّض الحزب التقدمي لطعنة سياسية عبّر عنها رئيس الحزب ​وليد جنبلاط​ في تصريح على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعلن يومها أن حزبه الذي لم يسمّ رئيس الحكومة المكلّف ​حسان دياب​، لن يشارك في الاستشاراتداخل ​المجلس النيابي​ ولن يشارك في الحكومة حتماً، إنما خلال مرحلة التشكيل، صدم جنبلاط المتابعين عندما تحدث عن رفض العرض الوزاري المقدّم للدروز، ومن ثم استعادة نغمة اتّهام الحكومة بأنها حكومة اللون الواحد، الأمر الذي يطرح السؤال التالي: أين هو ​الحزب التقدمي الاشتراكي​ اليوم؟.

ترى مصادر سياسية متابعة ل​تشكيل الحكومة​ أن الاشتراكي يتعامل مع الملفّات بحسب المصلحة الخاصّة، وبالتالي عندما اقترب البلد من الانهيار سحب يده واعلن الجلوس جانبا، وعندما لاحت في أفق الوضع الاقليمي بشائر قبول لحكومة حسان دياب عاد جنبلاط الى محاولة الدخول الى الحكومة ولو عبر التكنوقراط.

وتضيف المصادر: "تواصل رئيس الحكومة المكلف مع الحزب التقدمي الاشتراكي كما مع القوى السياسية، وأعلن انفتاحه على القوى كافة كونه مصمّما على تشكيل حكومة مقبولة من الجميع"، مشيرة الى أن جنبلاط أكد قبوله بدياب رئيسا للحكومة عندما تحدث عن الحصة الدرزيّة فيها، مشددة على أن المواقف السياسية الجنبلاطية التي لحقت موقفه هذا تشير بأكملها الى أنها محاولة لتحسين الشروط في المفاوضات المستمرّة، معتبرة ان إسم الوزير الدرزي المُعتمد للحكومة المقبلة هو أكبر دليل على وجود جنبلاط، اذ أن مشرفيّة على علاقة جيدة معه ولا يشكل استفزازا له.

بالمقابل تنفي مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي مشاركة الحزب في أيّ موضوع له علاقة بتشكيل الحكومة الحاليّة، مشيرة عبر "النشرة" الى أنّ الحزب اعلن موقفه خلال مرحلة الاستشارات النيابيّة الملزمة ولا يزال مصرّا عليه، وهو أنه لا يريد المشاركة في أي حكومة مقبلة سواء كانت برئاسة حسان دياب أم غيره.

وتضيف المصادر: "عندما تحدّث رئيس الحزب وليد جنبلاط عن الحصّة الدرزيّة وما هو مقبول وما هو مرفوض لم يكن الأمر متعلّقا بموقف سياسي، بل يتعلق بأمر مبدئي وهو مكانة ​الدروز​ في ​الحياة​ السياسية ال​لبنان​يّة"، مشدّدة على أن ما يُثبت موقفنا هو الموقف الصادر عن خصوم الحزب بالسّياسة داخل الطائفة، الأمر الذي لا يدع مجالا للشك بخلفيّات موقف جنبلاط.

وترى مصادر التقدمي الاشتراكي أنّ الحزب الذي يقوم بمراجعة داخليّة وإعادة تنظيم داخلي، لن يتعاطى مع الحكومة من منطلقات سلبيّة، بل على العكس سيكون إيجابيّا مع التطورات، ولكنه لا يمكن الا أن يُهاجم حكومة اللون الواحد ويحذر منها، لأنّها تشكل خطرا على لبنان، والتحذير يجب أن يكون قبل ولادتها لا بعدها.

اذا، لا يزال موقف الحزب التقدمي الاشتراكي من الحكومة مبهماً، ولعلّ أكثر ما يُفيده بالمرحلة الحاليّة هو اعتذار حسّان دياب، وانتظار التطورات في المنطقة.