منذ سنوات لم يشهد ​لبنان​ ما يشهده في الوقت الراهن من أوضاع اقتصادية صعبة، لدرجة أن ما يجري من ارتفاع لسعر صرف ​الدولار​ مقابل ​الليرة اللبنانية​ أثّر بشكل كبير حتى على استقدام ​العاملات الأجنبيات​ الى لبنان...

في السنوات الماضية، تضخّم عدد العاملاتالمنزليات، فالبعض يستقدمهنّ بداعي الحاجة لأن ربّة المنزل تعمل وتحتاج الى من يعينها في شؤونها المنزلية فيما يستقدمهنّالبعض الآخر فقط "للتباهي" ولأن وجود "خادمة" في المنزل أمر لا غنى عنه حتى ولو أن ​المرأة​ لا تعمل وليست بحاجة لها، مع التشديد على أن كلمة "خادمة" تدل على رجعيّة فكريّة وأخلاقيّة!.

اعادة للعاملات!

"الهجمة في الوقت الراهن ليست على طلب العاملات الأجنبيات بل على اعادتهن الى المكاتب". هذا ما تؤكّده هناء يونس التي تملك مكتباً لاستقدام العاملات، لافتةً عبر "النشرة" الى أن "طلبات استقدامهنّ متوقف"، مختصرة المشهد بالقول "الشغل واقف منذ بدء أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة".

تضيف هناء يونس أن طلبات "إعادة العاملات لأنّ أغلب الناس باتت لا تقبض، وللنقص في الدولار، ونحن كمكتب يحضرون الينا للبحث عن كفيل آخر"، مشيرةً الى أن "المشكلة تقع على عاتقنا أيضا لأنه عند إعادة أيّ عاملة نضطرّ الى اخراجها من لبنان، وهنا تقع الكارثة بسبب دفع كامل التكاليف".

مشكلة الدولار

قضية إعادة العاملات الأجنبيّات يؤكدها أيضاً نقيب مكاتب العاملات الأجنبيات في لبنان ​علي الأمين​، مشيراً الى أنه "مع بداية ​الأزمة​ وعدم القدرة على الدفع للعاملات بالدولار حوّل البعض الدفع الى الليرة وعلى أساس سعر الصرف الرسمي وهنا حصلت المشكلة، واضطررنا أن نتدخل وأن نقنع البعض أنّ العاملة لا دخل لها باختلاف سعر صرف الليرة"، لافتا الى أنه "جرّاء هذا الامر وغيره أعيد عدد من العاملات ولكن حتى الان المسألة محدودة"، متوقعا أن تتعاظم مع الوقت".

"بدأت أزمة العاملات الأجنبيات في لبنان مع بداية سنة 2019 عندما تخلّفت ​الدولة​ عن توقيع اتفاقيّات مع ​أثيوبيا​ و​الفيليبين​". وهنا يشير علي الأمين الى أن "هذا الأمر أدّى الى ارتفاع تكلفة احضار العاملة من ألف دولار تقريبا الى أكثر من ألفي دولار، اضافة الى أزمة ارتفاع ​سعر الدولار​ مقابل الليرة، وصولاً الى أزمة المصارف،ما أدى الى تراجع يصل الى 60% في هذا القطاع ومع نهاية العام المنصرم وصل الى حوالي 80%".

يرى علي الأمين أنه "ومع الوقت ستتعاظم الأمور وتكبر المشكلة، خصوصاً وأنهلا مقدرة لأحد على الدفع بالعملة الصعبة"، مشيراً في نفس الوقت الى أن "​الأمن العام اللبناني​ يتساهل كثيراً في ترحيل العاملات الأجنبيّات خصوصاً الذين حضروا بصورة غير شرعية".

انخفاض الاعداد

مصادر وزارة الشؤون الاجتماعيّة أكدت من جهتها عبر "النشرة" أن "الوزراة توافق على استقدام العاملات الاجنبيّات فقط، والطلب على هذا الموضوع بنسبة قليلة جداً، ولكنها ترفض الموافقة على باقي الفئات كاستقدام عمّال تنظيفات مثلاً"، متسائلة "لماذا الموافقة على هكذا طلبات واللبناني يجلس دون عمل وهو الأوْلى في هذا الظرف".

وتكشف المصادر أن "أعداد العاملات المنزليات اللواتي دخلن الى لبنان من مختلف الجنسيات إنخفض من 5890 في تموز 2019 الى 1966 في كانون الأول من العام ذاته(1).

إذاً، أثّر ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية على استقدام العاملات الأجنبيات، والعديد من العائلات بدأت بإعادتهن، وتطالب المكاتب بالتفتيش عن وكيل آخر يستطيع تأمين المبلغ الشهري لهنّ... فهل تضع هذه الأزمة حداً "لظاهرة" العاملات الأجنبيات في المنازل؟!.