فجأة ومن دون معرفة الأسباب، عادت ​القوات اللبنانية​ الى الشارع يوم الثلثاء الفائت لمواكبة أسبوع الغضب الذي أعلنت عنه مجموعات ١٧ تشرين الأول ٢٠١٩. وكما في المرة الماضية تحت راية ​العلم اللبناني​ فقط، ومن دون أن تعلن رسمياً عن ذلك. عمّمت على المحازبين والمناصرين مساء الإثنين الفائت، وتحركت صباح الثلثاء، بين جبيل و​الشيفروليه​. وحتى لو أن شعارات القواتيين وأعلامهم وأغانيهم غير موجودة في ساحات التحركات وطرقاتها المقطوعة، ليس من الصعب أبداً إكتشاف الهويّة السّياسية للمناصرين، خصوصاً عندما يصرحّون الى وسائل الإعلام مصوّبين تحديداً على خصومهم السياسيين.

أسئلة كثيرة طرحت حول هذه العودة الى الشارع بعدما خرجت منه منذ مدة وتحديداً بعدما توقف ​قطع الطرقات​ في الزوق و​البترون​ وغزير والشيفروليه وغيرها من المناطق. أسئلة كثيرة طرحت، والأجوبة عنها كثيرة أيضاً بحسب المصادر المقربة من ​معراب​. أولاً هناك من يعتبر أن السبب الرئيسي خلف العودة القواتية، يعود الى الحراك الحكومي الأخير الذي أعاد الحرارة الى قنوات الإتصال بين الأفرقاء السياسيين المعنيين، وأبرز ما جاء فيه، زيارة رئيس ​التيار الوطني الحر​ الوزير ​جبران باسيل​ الى ​عين التينة​، وما دار بينه وبين رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ من مشاورات دفعت بباسيل الى تعديل مضمون المؤتمر الصحافي الذي عقده الثلثاء، لناحية عدم الإعلان عمّا سُرّب عن خروجه وفريقه نهائياً من اللعبة الحكوميّة والتخلي عن دعم رئيس ​الحكومة​ المكلّف حسّان دياب. هذا الحراك الحكومي الذي شكّل مؤشّراً أساسياً لقرب الإعلان عن التشكيلة الحكوميّة، التي سبق للقوات أن قررت البقاء خارج تركيبتها، دفع بها الى اللجوء مجدداً الى التصعيد، علّ أن يطيّر هذا التصعيد الحكومة من جديد.

أضف الى هذا السبب، هناك من يرى في عودة القوّات الى الشارع، أمراً طبيعياً، لماذا؟ يجيب مصدر قواتي، "لأننا كنا كفريق سياسي ولا نزال مع حراك ١٧ تشرين الأول، ولأننا أول من إستقالوسحب وزراءه من ​حكومة سعد الحريري​، الأمر الذي ساعد كثيراً على إستقالتها، ولأنّنا نؤمن بأنّ إدارة البلد بالطريقة التي كانت معتمدة سابقاً لم تعد تُجدِ نفعاً على صعيد وقف الإنهيار ومواجهة كل الأخطار الماليّة والإقتصادية والمعيشيّة التي يعاني منها ​الشعب اللبناني​، ومع عودة الروح الى هذا الحراك والإعلان عن أسبوع الغضب، كان من الطبيعي أن تكون القوات في مقدمة المنتفضين على الوضع القائم" يختم المصدر القواتي.

ورداً على كل الإتهامات التي توجه الى القوات بأنها تتحرك في الشارع المسيحي وتقطع الطرقات لتصفية الحسابات مع ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ والتيار الوطني الحر، يقول المصدر القواتي، "فلنفكّر أولاً بلبنان في ظل الأوضاع التي نعيشها قبل أن نفكر بالعهد وبالحسابات الضيقة، فقناعتنا لا تزال ثابتة بلبنان أولاً ومن هذا المنطلق نتحرك حفاظاً على ما تبقى".

في المقابل، تفضل مصادر التيار الوطني الحر عدم التعليق على ما يقوم به القواتيون، مكتفية بالقول وبإختصار، "إنها غيمة وتمرّ، وسيأتي يوم الحساب الشعبي على قطع الطرقات".

حتى لو ولدت حكومة ​حسان دياب​، ستبقى القوات في المعارضة، عينها على ​الإنتخابات النيابية​ المبكرة لتحسين تمثيلها، فهل تتطابق حسابات حقلها مع حسابات البيدر المسيحي في صناديق الإقتراع؟.