بعد أن كان من المتوقع أن يبادر رئيس الحكومة المكلف ​حسان دياب​ إلى طلب موعد من رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، على اثر اللقاء الذي جمعه ورئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​، والذي قاد إلى معالجة أكثر من عقدة حكومية، ما دفع وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال ​علي حسن خليل​ إلى التأكيد أن البلاد باتت على عتبة ولادة الحكومة الجديدة، طرأت أكثر من عقدة في طريق دياب إلى القصر الجمهوري.

حتى الساعة، يجمع مختلف العاملين على خط التأليف بأن هذه العقد ليست مستعصية، وبالتالي من الممكن معالجتها في وقت سريع، لكن من الناحية العملية لا يمكن الرهان على هذه المعطيات، نظراً إلى أن التجارب السابقة أثبتت أن أي عقدة من الممكن أن تؤدي إلى التأجيل لأشهر لا أيام فقط.

في هذا السياق، يمكن الحديث عن 4 عقد أساسية لا تزال تحول دون ولادة حكومة دياب، منها ما يتعلق بتمثيل الطوائف، ومنها ما يتعلق بتمثيل القوى السياسية المنضوية في صفوف الأكثرية النيابية التي سمّت رئيس الحكومة المكلف، والتي تبدأ من تمثيل الدروز والكاثوليك وتصل إلى تمثيل كل من "​الحزب السوري القومي الإجتماعي​" و"​تيار المردة​".

بالنسبة إلى العقدة الأولى، توضح مصادر مقربة من "​الحزب الديمقراطي اللبناني​" أن المشكلة تكمن في المعايير التي تطبق على مستوى تأليف الحكومة، حيث تم التوافق على أن تبقى الحقائب موزعة على الطوائف بالشكل الذي كانت عليه في الحكومة السابقة، لكن عند الوصول إلى الدروز تبدّلت المعطيات، فبعد أن كان لدى الطائفة حقائب الصناعة والتربية بالإضافة إلى وزارة الدولة لشؤون النازحين، المطروح اليوم أن يكون التمثيل عبر وزارة الشؤون الإجتماعية والمهجرين ووزارة الدولة لشؤون النازحين.

وتشير هذه المصادر إلى أن الحزب لا يمكن أن يقبل بهذا الطرح في ظل الظروف الراهنة، لا سيما أنه سيعتبر تنازلاً بعد خروج "الحزب التقدمي الإشتراكي" من الحكومة، وبالتالي المطلوب معالجة تمثيل الدروز بالشكل المطلوب، وتلفت إلى أن طرح الحصول على الصناعة، بالإضافة إلى المهجرين والنازحين، غير مقبول، بينما من الممكن أن تكون المعالجة عبر الحصول على الصناعة والشؤون الإجتماعية.

بالنسبة إلى العقدة الثانية، توضح مصادر متابعة، عبر "النشرة"، أن موقف طائفة الروم الكاثوليك، الذي عبر عنه البطريرك ​يوسف العبسي​، يعود إلى طرح تمثيل الطائفة عبر وزير واحد وحقيبة واحدة، من خلال طرح اسم منال مسلم لوزارة البيئة، الأمر الذي اعتبرته الطائفة إنتقاصاً من حقوقه التمثيلية، وتؤكد أن الإعتراض ليس على الاسم بل على التمثيل بوزير واحد وحقيبة واحدة، وبالتالي المعالجة من الممكن أن تكون عبر منح ممثل الطائفة في الحكومة حقيبة أخرى، بالإضافة إلى حقيبة البيئة، وتشير إلى أن البطريركية تدعو إلى العدالة في التمثيل حسب الأصول، خصوصاً أن هناك عرفاً يؤكد أن تمثيل الكاثوليك يجب أن يكون مماثلاً لتمثيل الدروز في أي حكومة.

بالنسبة إلى العقد حول التمثيل السياسي، لا تزال المعادلة عند تيار "المردة" هي نفسها من حيث طرح رئيسه النائب السابق ​سليمان فرنجية​ في الأيام الماضية، أي حجم تمثيل تكتل "لبنان القوي" ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الحكومة، ويعتبر أن هذا الفريق يضمن 8 وزراء يصوّتون بتوجه واحد داخل مجلس الوزراء، فبالإضافة إلى ستة وزراء للتيار وحزب "الطاشناق" ورئيس الجمهورية يشكل الوزيران الدرزي والسني جزءاً من هذا التكتل، فيصبح العدد 8، بالتالي هو إنطلاقاً من ذلك يطالب بالحصول على وزيرين، فيما لو كان عدد وزراء "الوطني الحر" يصل إلى ما يعرف بالثلث الضامن أو المعطل.

بالنسبة إلى "القومي"، تنفي مصادر مقربة منه، عبر "النشرة"، أن تكون هي عقدة في تشكيل الحكومة، مشيرة إلى أن الحزب قوة سياسية عابرة للطوائف موجودة في البلاد وله كتلة نيابية من 3 أعضاء، وبالتالي يعتبر أن من حقه الطبيعي أن يطلع على أي تشكيلة أو أن يزكي أو أن يسمي، موضحة أن الحزب لم يسمّ بل زكى اسماً معيناً كان مطروحاً من قبل رئيس الحكومة المكلف في الأصل، هو نقيبة المحامين السابقة أمل حداد.

وفي حين تشير هذه المصادر إلى أن الحزب يؤكد أنه مع الإسراع في تشكيل الحكومة لتتولى المسؤولية، تلفت إلى أن الحزب يشدد في المقابل على أنه إذا ذهبت الأمور، في ما يتعلق بالتزكية، إلى سياق آخر سيكون لكتلة الحزب موقف آخر، وقد يكون في حل من منح الحكومة الثقة في المجلس النيابي.

في المحصلة، هذه هي أبرز العقد التي لا تزال تحول دون ولادة الحكومة المقبلة، والتي من الممكن أن تعالج خلال وقت قصير أو تؤدي إلى المزيد من المماطلة بإنتظار الوصول إلى تسوية ما.