بعد المخاض العسير لولادة ​الحكومة​ أتى اليوم دور إقرار ​الموازنة​ في جلسة ل​مجلس النواب​ دعا اليها رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه برّي​ الاسبوع الماضي وأجّلها الى الاسبوع الجاري، وبدا واضحاً أن هذا التأجيل كان ل​تشكيل الحكومة​ التي ستحضر الجلسة النيابية لاقرار موازنة 2020 التي وضعتها الحكومة السابقة، والتي أدخلت ​لجنة المال والموازنة​ تعديلات عليها بعد أيلول 2019... ولكن وسط هذا كلّه تساؤلات عدّة تطرح حول دستورية الجلسة خصوصاً وأن الحكومة لم تَنَل ثقة المجلس النيابي!.

"في المبدأ لا يجوز إقرار الموازنة في مجلس النواب في ظلّ وجود حكومة لم تنل ثقة المجلس النيابي بعد ولم تبدأ العمل لأسباب عدّة". هذا ما أكده الخبير الدستوري ​عادل يمين​، لافتاً عبر "النشرة" الى أن "أولى الاسباب هي لكون ​قانون الموازنة​ يأتي بمبادرة من ​السلطة​ الدستورية، وهو القانون الوحيد الذي حصر الدستور المبادرة فيه بالسلطة التنفيذية إذ لا يمكن تقديم الموازنة بموجب إقتراح قانون مثلاً"، مضيفاً: "الدستور يسمح إسترداد أيّ قانون إذا كان مشروع قانون، واقرار مجلس النواب لقانون الموازنة قبل أن تكون الحكومة قد نالت الثقة يكون حرمها من هذا الحق". هذا ما شدّد عليه المحامي ​أنطوان صفير​ أيضاً، مشيراً الى أن "مجلس النواب منعقد بصورة استثنائيّة، من هنا يجب الذهاب الى نيل الحكومة الثقة قبل أن تنعقد جلسة اقرار الموازنة".

يضيف المحامي صفير: "إذا لم تنل الحكومة الثقة قبل إقرار الموازنة فإنه لا يُمكن أن تُساءَل في مجلس النواب، خصوصاً وأن للحكومة استرداد مشروع الموازنة أو تتبنّاه كما هو في حال نالت الثقة، وهذا لا يمكن أن يحصل في الوضع الحالي". عاد عادل يمين ولفت الى أن "الموازنة تعبّر عن الرؤية الماليّة للحكومة إضافة الى أنه وفي حال إقرارها فهو يعدّ نوعاً من "الترخيص" من مجلس النواب بالجباية والانفاق، وبالتالي يجب أن تضع الحكومة خطة للاقتصاد"، مشيرا الى أنه "إذا كانت لدى الحكومة الحالية رؤية مختلفة للموازنة،فيجب أن يترك لها المجال لتسترده"، معتبراً أن "إرجاء الجلسة لبضعة أيام كان هو الأفضل لتنال الحكومة الثقة".

"إذا ارتأى مجلس النواب أن الأوضاع لا تسمح بأيّ تأخير لتشكيل الحكومة ولو لبضعة أيام فعندها عملا بمبدأ الضرورات تبيح المحظورات وان الظروف الاستثنائية في البلاد توجب إنعقاد الجلسة". وهنا أكد عادل يمين أنه "وتحت هذا البند يعمد مجلس النواب الى اقرار الموازنة وبعدها يكون للمجلس الدستوري وفي حال طعن بالقانون وبدستورية الجلسة أن يبت في الامر". أما أنطوان صفير فشدد على أنه "لو أن الحكومة لا تزال في حكم المستقيلة ولم تتألف بعد أخرى جديدة كان يمكن أن نضع المسألة في خانة أن الضرورات تبيح المحظورات"، لافتاً الى أننا "في حالة مختلفة تماماً ولم يمضِ على ولادة الحكومة أكثر من أسبوع".

في المحصّلة ​جلسة مجلس النواب​ لاقرار موازنة 2020 انعقدت في ظلّ حكومة لم تنل ثقة مجلس النواب بعد، وبحسب الخبراء فإنّ الجلسة مخالفة للدستور، وقد تتعرّض للطعن أمام ​المجلس الدستوري​... وهنا أسئلة كثيرة تطرح: هل هذا المخرج ارتآه رئيس الحكومة حسّان دياب حتى لا يحمل هو عبء موازنة ستأخذ وقتا في اعادة الدرس وادخال تعديلات عليها والوضع الحالي لا يسمح بذلك؟!.