عند انتخاب مجلس نواب جديد، وفي أول جلسة يعقدها، توزَّع على النواب الجدد

" القرطاسية" التالية :

نسخة عن الدستور

نسخة عن النظام الداخلي ل​مجلس النواب

رقم اللوحة الزرقاء الخاصة بكل نائب .

***

نوابنا الكرام ممكن نائب أو أثنان لا يفرحون باللوحة الزرقاء، أما الدستور فأكاد أجزم، ومعي الكثير من اللبنانيين، أن 127 من النواب، باستثناء نائبٍ واحدٍ فقط، لم يفلفشوا في صفحات الدستور، وبعضهم لم يعد يعرف أين وضع النسخة .

أقول هذا الكلام، وبضمير مرتاح، لأن ما شاهدته في الجلسة العامة لمجلس النواب، للمصادقة على ​الموازنة​، يرقى إلى مستوى الفضيحة، للأسباب التالية:

هل نعرف ان الموازنة هي واحدة من أهم واجبات مجلس النواب؟

لو لم يكن الأمر كذلك لَما تضمَّن ​الدستور اللبناني​ فصلاً كاملاً عن الموازنة بما يقارب العشر مواد .

ومع ذلك، ضُرب الدستور بعرض الحائط، فناقشوا موازنة وضعتها حكومة مستقيلة في حضور رئيس حكومة، منفردًا لم يحضر معه أي من وزرائه.

هذه هرطقة ...

***

الهرطقة الثانية ان رئيس ​الحكومة​ قال إنه يتبنى الموازنة !!!!

لا شيء في الدستور يتحدث عن "تبنّي" الموازنة .

الموازنة يجب ان يوافق عليها ثلثا أعضاء ​مجلس الوزراء​ لتُحال إلى مجلس النواب، لو كان الأمر غير ذلك لكانت كل الموازنات تُنجَز بمجرد ان يقول رئيس الحكومة :

"تبنيتها" بكل بساطة!

***

الفضيحة الإضافية ان خمسة نواب تكلموا في الجلسة ونائباً واحداً فقط قال الحقيقة، فهل يُعقَل أن من أصل 128 نائبًا، لا أحد لديه ملاحظات على الموازنة؟

أما الفضيحة الأكبر فإن الموازنة تمت المصادقة عليها من دون قطع حساب، وهذا ما يعرضها الى الطعن أمام ​المجلس الدستوري​ .

***

لكن شرّ البلية أن هذه الموازنة "معمولة" لغير زمان، أعدها مجلس الوزراء السابق قبل 17 تشرين الأول ووضع نفقاتها وإيراداتها بموجب الأوضاع التي كانت سائدة قبل 17 تشرين الأول لجهة الإيرادات الضريبية والجمركية وعائدات الخليوي وتراخيص ​البناء​ و​الضرائب​ على ​المصارف​ .

اليوم، وبعد 17 تشرين الأول، ماذا تبقّى؟

1- بقيت النفقات على حالها ولكن ماذا عن الإيرادات؟

2- الإيرادات الضريبية انخفضت الى سبعين في المئة.

3- الإيرادات الجمركية انخفضت مئة في المئة إذ لا استيراد .

4- تراخيص البناء انخفضت خمسين في المئة.

5- عائدات الخليوي انخفضت بنسبة معينة .

إذا كانت هذه هي ابواب إيرادات خزينة ​الدولة​، وهذه الأبواب مقفلة، لا بل "مدربسة"...

فمن أين ستؤمن الحكومة الإيرادات؟

لا قروض من الخارج ولا ​مساعدات​، فأبواب "سيدر" في خبر كان حتى إشعار آخر، وحتى لو أصدرت ​وزارة المال​ سندات خزينة، فمَن سيسوّقها؟ ومَن سيشتريها؟ وللعِلم فإن السندات اللبنانية الحالية في الخارج تتهاوى .

***

بناء على كل ما تقدَّم، عن أي موازنة تتحدثون؟

وما قيمة الموازنة التي تمت المصادقة عليها في مجلس النواب إذا كانت أرقاماً بأرقام أو سمكاً في البحر .

كان يُفترض بالحكومة الحالية ان تنتظر الثقة وتسترد الموازنة،

ولا بأس أن تأخرت أسبوعين أو حتى شهراً للمصادقة على موازنة جديدة تنزل إلى النصف على الأقل

وتأخذ بعين الاعتبار وضع الخزينة بعد 17 تشرين .

***

نعرف أننا نصرخ في وادٍ سحيق وبحرٍ عميق، لا قعر له...

وما علينا إلاّ ان ننتظر الآتي إلينا، وهو أوجع مما عشناه على مدى 27 عاماً زائد ثلاث سنوات مما أوصلنا الى الهلاك الجماعي.