رأت مراجع ماليّة واقتصاديّة حياديّة لصحيفة "الجمهورية"، تعليقًا على الأزمة النقديّة و​الاقتصاد​يّة، أنّ "الحلول كانت وما زالت سياسيّة قبل أن تكون اقتصاديّة وماليّة، رغم الأسباب الّتي تدفع إلى عدم تجاهل العناصر الإقتصاديّة والنقديّة الّتي كانت سببًا في ما حصل، لمجرّد أن اهتَزّت العلاقات السياسيّة بين ال​لبنان​يّين في الداخل كما المظلّة الإقليميّة والدوليّة الّتي كانت تحمي لبنان".

ولفتت إلى أنّه "طالما هناك مَن حذّر من خطورة الرهان على هذه المظلّة ما لم يلاقِها اللبنانيون بما تحتاجه من تدابير وإجراءات لضمان استمرار هذا التوجّه الدولي وتوفير الأجواء الّتي تساعد حكومات هذه الدول ومؤسّساتها المانحة، بما يضمن إقناع شعوبها بضرورة المضي في دعم لبنان من موازناتهم وخزينتهم وإقناع دافعي ​الضرائب​ في بلدانهم بأنّ ما يجري استثماره في هذا البلد له أبعاده الاستراتيجيّة الوجيهة الّتي تفرض استمرار تقديم هذا الدعم".

وركّزت هذه المراجع على أنّ "الإستخفاف الّذي عَبّر عنه اللبنانيون باعتبار أنّ المساعدات الّتي يتلقّاها لبنان باتت من واجبات هذه الدول والمؤسّسات المانحة، ليس في محلّه على الإطلاق. فقد أخطأ كثيرون عندما ظَنّوا أنّ مثل هذه المساعدات و​القروض​ هي من واجبات ​المجتمع الدولي​ والهيئات المانحة، فسارعوا إلى التذاكي في التعاطي معها والتعمية من خلال إعداد تقارير وموازنات تحاكي المجتمع الدولي بما يرضيه من كلام معسول وإحصائيّات وهميّة، إلى أن تحوّلت هذه "الكذبة" أسلوبًا معتمدًا في الفترة الأخيرة، قبل ان تتفتّح عيون المجتمع الدولي ومؤسساته على مجمل هذه الارتكابات".

وأعربت عن اعتقادها أنّ "الدبلوماسيّين الغربيّين توغّلوا أخيرًا في كثير من الكواليس الماليّة والإداريّة، وباتوا على عِلم بكلّ شاردة وواردة وصولًا إلى مرحلة ترجمتها في الملحقات الخاصة بـ"مؤتمر سيدر واحد" والهيئات الرديفة الّتي شكّلت ويُشرف عليها السفير ​بيار دوكان​، الّذي كلّفه الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​ متابعة البرامج الّتي أقرّها هذا المؤتمر وقدّم للبنان 11 مليارًا و800 مليون دولار كمساعدات وقروض بعيدة المدى، وبات تنفيذها رهنًا بالآليّات الّتي رسمت سقوفها سلسلة الاجتماعات الّتي عُقدت في ​باريس​، وباتت صيغة معتمدة لا يمكن الخروج عنها في حال بلغت التحضيرات مراحل التنفيذ".

وشدّدت على أنّ "من لا يحتسب كلّ هذه الإجراءات سيبقى قاصرًا عن فَهم طريقة التعاطي مع لبنان رغم اشتداد الأزمة الماليّة والنقديّة. أضف الى ذلك أنّه لا يمكن تجاهل الرفض الخليجي لإعادة وَصل ما انقطع، قبل أن يثبت اللبنانيون وأهل الحكم والحكومة تحديدًا أنّهم باتوا على استعداد للعودة إلى مبدأ "​النأي بالنفس​" وهو ما باتَ أمرًا صعبًا جدًّا، فالحكومة الجديدة التصقت بتهمة كونها "حكومة ​حزب الله​"، وهو ما لا يشجّع على اعتماد الآليّات السابقة الّتي دأبت ​الحكومة اللبنانية​ اتّباعها".

كما بيّنت المراجع أنّ "بوابة ​حكومة حسان دياب​ إلى العالم الخليجي والغربي باتت رهنا باعتماد هذه ال​سياسة​، وخصوصًا في هذه المرحلة الّتي اشتدّ فيها النزاع الخليجي- الإيراني والأميركي- الإيراني، ليصبح لبنان على خط الزلازل السياسيّة والإقتصاديّة فاقدًا مبدأ "الخصوصيّة اللبنانيّة" الّتي طالما تباهى بها المسؤولون، وهو أمر يدعو إلى اقتناع شامل بأنّ مشروع الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى المنتِج دونه سنوات من الكد والجهد، وأنّ الأزمة لا تنتظر مثل هذا التوجّه البعيد المدى".