لبنان​ على موعد، يبدو قبل يوم الاثنين مع قرار مصيري يتعلق وللمرة الأولى بسمعته على صعيد دفع مستحقاته وسنداته المتعلقة بالديون.

حتى ​الساعة​ تنقسم الآراء بين محورين:

محور أول وعلى رأسه رئيس ​الحكومة​ ​حسان دياب​ وحاكم ​مصرف لبنان​ ​رياض سلامة​ اللذان يشجعان على المضي قدماً بدفع استحقاقات آذار ونيسان وحزيران،

ومحور ثانٍ في عداده رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ يدعو الى إعادة هيكلة الدين والتفاوض مع الجهات الدائنة للمرحلة المقبلة.

وفي الوسط يقف وزير ​المال​ الجديد ​غازي وزني​ المعروف بحكمته واتزانه وأخيراً وضع الان بيفاني ذو العقل المالي في وضعه السليم بجانبه الذي ينقل عنه قوله ان اتخاذ قرار بالدفع هو قرار حكومي فيما قرار عدم الدفع يجب ان يكون وطنياً أي ان يشرك فيه ​رئيس الجمهورية​ جميع الأطراف السياسيين لكي تكون المسؤولية على مستوى الجميع وليتحمّل الجميع مسؤولية هكذا قرار...

***

هنا بيت القصيد... دخلنا في دائرة الخطر والتي من شأن اتخاذ أي قرار فيها أخذ البلاد بإتجاه من اتجاهين:

الاتجاه الأول: إذا لم ندفع هناك مؤسسات مالية ومصارف قد يكون مصيرها على المحك ومعها سمعة لبنان وإستحقاقاته وسنداته الباقية ولسنوات بعيدة.

أما الاتجاه الثاني: إذا دفعنا واستمرينا في إستنزاف احتياطي مصرف لبنان من العملات الأجنبية بإعتباره هو من سيؤمن تمويل هذه السندات عن ​الدولة اللبنانية​، ونكون في هذه الحالة نعرّض هذا الاحتياطي أو ما تبقى منه للخطر ونكون في الوقت عينه قد دخلنا في "دائرة اللهب" على صعيد تأمين حاجات الدولة في أكثر من قطاع.

***

ماذا نفعل؟ لا يُحسد وزير المال على وضعيته ولا الحكومة التي بدأت عراقيل الداخل تواجهها قبل عراقيل وضغوط الخارج وما أكثرها خصوصاً عندما نعرف ان لا جداول

رسمية ولا مواعيد حددت لإجتماعات لرئيس الوزراء عربياً وهو ان قبل دعوة دولة خليجية عرضت مساعدة أو هبة قد يعرّض نفسه لإحراج مع دولة خليجية أخرى.

ماذا نفعل هنا وشروط ​صندوق النقد الدولي​ قاسية ولكنها تبدو ضرورية ومع ذلك ثمة من يتحسس في الداخل من حلول صندوق النقد الدولي وبدأ برفع العشرة في وجهه وفي وجه دفع مستحقات لبنان الخارجية.

في الانتظار، ثمة ما يُبكي ويُضحك في الوقت عينه، صحيح ان بعض ​المصارف​ تتحمّل جزءاً كبيراً من مسؤولية ​الأزمة​ والذي يعيشه الناس يومياً وصحيح ان هناك مسؤولية على مصرف لبنان الذي استمر رغم كل المحاذير في تمويل عجز الدولة وديون الدولة ومدفوعات الدولة.... ولكن،

وهذا هو المبكي والمضحك في آن، هل يعقل ان تنتهي الأزمة عند حدود ان المصارف هرّبت أموالها وأصحاب المصارف نقلوا أموالهم الى خارج لبنان خلال الأزمة؟

هل هذا هو سبب خراب لبنان؟

***

بإستثناء المسالة الأخلاقية هل ثمة ما كان يمنع تحويل الأموال الى الخارج وهل ثمة قانون يمنع ذلك؟ إضافة الى ذلك يتبيّن ان ستين في المئة من التحويلات ذهبت لعقود ائتمانية، هل هذا هو خراب لبنان؟؟

لماذا الهروب ليتحمّل فريق واحد بغض النظر عن اخطائه - وقد كتبنا عن ذلك مراراً - المسؤولية؟ ولماذا جعله كبش المحرقة؟

أين مسؤولية السياسيين والطبقة الفاسدة التي نهبت البلد؟

لماذا غض الانظار عن هؤلاء الذين نهبوا على مدى سنوات مؤسسات الدولة واستغلوا النفوذ وسمسروا وتحاصصوا؟

1- متى يفتح ​النقاش​ وتبدأ المحاسبات القضائية في كل مزاريب الهدر؟

حتى يعرف المواطن لماذا دفع 50 مليار ​دولار​ من دينه على كهرباء لم تأتِ وعليه ان يدفع بعد لهذه ​السنة​ وللسنوات المقبلة مليارات لكهرباء لن تأتي؟

2- من استفاد من مليارات الالياف الصوتية والضوئية في ​قطاع الاتصالات​؟

3- ومن كان يستغل أموال ​النفايات​ وكيف صرفت وتصرف أموال ​السدود​ المائية التي تبيّن انها ليست ذات جدوى اقتصادية؟

4- من عاث فساداً وسرق في الصناديق؟ من تاجر بأدوية ​السرطان​ وبصحة الناس؟ في كل مؤسسة، في كل "جارور" في كل ملف أداره سياسي هناك فضيحة... هناك فساد هناك سمسرات.... هناك محاصصات.

***

هذا ما انطلق ضده شعب لبنان الثائر الغاضب وهذا ما ضجت به الساحات وهذا ما أبكى ويُبكي الناس..

سمّوهُم- اكشفوهُم. حاسبوهُم، إلقوا القبض عليهِم..