عندما نصّب دار الفتوى، على لسان المفتي ​عبد اللطيف دريان​، رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ "مفتيا" سياسيا للطائفة السنّية، ظنّ كثيرون أن الحكومة لن تكون الا برئاسة الثاني، وعندما تم تكليف ​حسان دياب​ لتشكيل الحكومة، التزمت دار الفتوى الصمت السياسي، فلم تقف بوجه دياب، ولم تدعمه أيضا، كما لم يقم دياب بزيارة المفتي على غرار من سبقه من رؤساء الحكومة المكلفين، أما اليوم وبعد نيل الحكومة الثقة فتح المفتي ذراعيه لضمّ دياب.

نعم، قد لا تكون دار الفتوى قد عبّرت عن رفضها لحسان دياب في مرحلة التكليف، ولكنها أيضا لم تمنع المشايخ من استهدافه، حتى كاد أن يصل الأمر أحيانا الى "إخراج" دياب من الملّة، وهو أمر لم يعتد عليه أي رئيس حكومة مكلّف سابقا. اليوم اختلفت الصورة، فما هي الأسباب، وكيف تُقرأ زيارة دياب الى دار الفتوى؟.

ترى مصادر مقرّبة من الدار ان مفتي الجمهورية عندما تحدث عن سعد الحريري لم يكن يتحدث عن رأيه الخاص أو الشخصي، بل نقل ما حملته مجموعة الاتصالات التي قام بها ضمن صفوف الطائفة السنّية، الأمر الذي كان ينعكس أيضا بالشارع السني، سواء في ​بيروت​ أو في مناطق اخرى، مشيرة عبر "النشرة" الى أن دار الفتوى تتعامل مع كل ال​لبنان​يين بصورة متساوية، فكيف إن كانوا من الطائفة السنّية، وهي الأب الجامع لهم.

أما عن زيارة رئيس الحكومة الى دار الفتوى، فتشدد المصادر على أن المفتي لا يمكن إلا أن يستقبل رئيس الحكومة بغض النظر عن إسمه لا سيما بعد نيل الحكومة الثقة، مشيرة الى أن اللقاء لم يحصل سابقا وذلك بسبب الخلافات السياسية التي كانت سائدة حول الإسم، وبالتالي لم تكن دار الفتوى بوارد الدخول كطرف في هذه الخلافات، أما اليوم فإن رئيس الحكومة، بغض النظر عن إسمه، هو رئيس حكومة كل لبنان، وهو ممثل الطائفة في السلطة الثالثة، وهو الجهة التي تتبع لها دار الفتوى، وبالتالي إن الاستقبال لا يعتبر دعماً او عدم دعم لحسان دياب على عكس ما كان ليكون عليه المشهد فيما لو تم الإستقبال أو اللقاء خلال مرحلة التكليف او قبل نيل الحكومة الثقة.

بالمقابل هناك مصادر سياسية، تملك رأيا مغايرا، اذ تعتبر أن الاستقبال الذي جاء بعد لقاء السفير السعودي مع مفتي الجمهورية قد يكون مؤشراً على أن دار الفتوى هي بوابة عبور دياب الى الدول العربيّة، والخليجيّة تحديدا، لا سيما أنّ رئيس الحكومة كان قد أعلن عن رغبته للقيام بجولة عربيّة فور نيل حكومته الثقة. وتضيف: "قد يكون صحيحا أنّ دار الفتوى لا يمكنها أن تُعادي رئيس الحكومة كونه المنصب السنّي الرسمي، ولكن في لبنان فإن كل شيء ممكنا ولو أن ما يُروّج البعض له بأن الدول الخليجية او العربية "لن تتقبّله"، لكانت الدار قد أخذت موقفا مغايرا لما حصل، ولما كان المفتي قد عبّر عن دعمه لـ"رئيس حكومة كل لبنان".

إن زيارة دياب الى دار الفتوى ستغيّر في المزاج الرسمي السنّي، وقد يظهر هذا التبدّل على لسان المشايخ في خطب الجمعة، فهل نراه ينعكس على الشارع السنّي أيضا، لا سيّما أن ​تيار المستقبل​ قد يخوض معركة سياسية ضد دياب؟.