فرضت الأوضاع الإقتصادية والمالية نفسها على خطاب أمين عام "​حزب الله​" ​السيد حسن نصرالله​، في خطاب ذكرى "قادة الشهداء والبصيرة" في الضاحية الجنوبية، ما دفعه إلى طلب التهدئة ووضع الخلافات السياسية جانباً، ومنح ​حكومة حسان دياب​ فرصة واقعية ومنطقية تتجاوز الحديث عن 100 يوم، في مقابل دعوته شعوب المنطقة إلى التفكير في "المقاومة الشاملة" في مواجهة ​الولايات المتحدة​، لا سيما أن تداعيات خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أي "​صفقة القرن​"، تطال لبنان عبر 3 مسائل: ​التوطين​، ​ترسيم الحدود​، منح ​إسرائيل​ مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من قرية الغجر.

في هذا السياق، كان واضحاً أن السيد نصرالله يدرك جيداً خطورة الأوضاع القائمة، الأمر الذي دفعه إلى تأكيد تحمل الحزب مسؤوليته في المرحلة الراهنة، على عكس ما حاول البعض الإيحاء بأنه تخلى أو يريد التخلي عن الحكومة، إلا أن ما هو أخطر كان الإشارة إلى أنه في حال فشلها لا أحد يعرف إلى أين سيذهب البلد، وتوجيه رسالة، غير مباشرة، إلى رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، بالقول إنه قد لا يبقى لبنان كي يأتي رئيساً جديداً للحكومة على حصان أبيض اضافة لوصف دياب بالشجاع بانه قبل المهمة على عكس مَنْ تهرَب مِنْ مسؤولياته، بالتزامن مع الإشارة إلى أن الأوضاع الإقتصادية والمالية قد يكون لها تداعيات أمنية، لناحية إرتفاع نسبة الجرائم، الأمر الذي يتطلب التوقف عنده مطولاً.

ما تقدم، يدفع إلى السؤال عمّا إذا كانت القوى السياسية الأخرى، لا سيما تلك التي قررت الذهاب إلى المعارضة، ستتجاوب مع دعوته إلى وقف التحريض على الحكومة، خصوصاً عبر وصفها بأنها "حكومة حزب الله"، ما يؤدي إقفال أبواب التعاون معها من قبل المجتمعين العربي والدولي، وهو ما يحصل منذ اليوم الأول لتأليفها، حيث أن بعضها يعتبر أن الفرصة سانحة أمامه لتسجيل بعض النقاط في السياسة، وهو ما أكد السيد نصرالله أن تداعياته ستكون كبيرة على البلاد لا على الحزب.

الأساس في خطاب أمين عام "حزب الله"، هو طلب التهدئة على الساحة المحلية، بسبب الأوضاع الراهنة التي لا تحتمل أي مواجهة سياسية، في مقابل الدعوة إلى "المقاومة الشاملة" أو "المواجهة الشاملة" مع الولايات المتحدة على مستوى المنطقة، نظراً إلى الدور السلبي الذي تقوم به منذ سنوات، طارحاً، على سبيل المثال، الذهاب إلى المقاطعة الإقتصادية والمحاكم الدولية، لكن في المقابل من الضروري السؤال عما إذا كانت واشنطن، التي تساهم بجزء كبير من الأزمة على الساحة المحلية، ستوافق على تحييدها من المواجهة، لا سيما إذا ما كان لها مصلحة في زيادة الضغوط أو تعميق الأزمة أكثر.

وبالتالي، يمكن القول إن "حزب الله"، الذي يعتبر أن "محور المقاومة" أمام تحدٍّ كبير، بعد إغتيال القائد السابق لفليق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني وإعلان "صفقة القرن"، بحسب ما أكد السيد نصرالله، يعتبر أن تحييد الساحة اللبنانية ممكن عبر منح حكومة دياب الفرصة لتعمل، لأن نتائج الفشل ستكون على مستوى الوطن، في حين أن اللبنانيين قادرون على معالجة الأزمة، في الوقت الذي اندلعت فيه قبل أيام، مواجهة من نوع آخر، عنوانها السعي إلى مواجهة مع "​التيار الوطني الحر​" ورئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​، بدأت من رئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" النائب السابق ​وليد جنبلاط​، ثم التحق بها تيار "المستقبل"، بينما حزب "القوات اللبنانية" ليس بعيداً عنها.

في المحصلة، أراد أمين عام "حزب الله" التأكيد مرّة جديدة على الرغبة في التهدئة على الساحة اللبنانية، التي يعتمدها منذ السابع عشر من تشرين الأول الماضي، لكن السؤال الأساسي يبقى عما إذا كان باقي الأفرقاء سيتجاوبون مع هذه الدعوة، من دون تجاهل الموقفين العربي والدولي، نظراً إلى أن الجميع يدرك أن نجاح الحكومة لا يمكن أن يتم من دون مساعدة خارجية.