أكّد وزير الداخلية والبلديات ​محمد فهمي​ "أنّه غير مستعدّ لتعلّم "فنون" اللف والدوران، على رغم من دخوله المُستجِد إلى المعترك السياسي من أوسع أبوابه، وأنّه مقتنع أنّ الصراحة والوضوح في مقاربة الشأن العام هما الأجدى ولو كانت كلفتهما أحيانًا مرتفعة"، لافتًا إلى أنّ "القانون يشكّل المسطرة الّتي أقيس عليها قراراتي وتصرّفاتي".

وأوضح في حديث صحافي، "أنّني أمضيت 39 عامًا في صفوف ​الجيش اللبناني​، وكنتُ رئيس فرع الأمن العسكري لسنوات طويلة، وبالتالي لدي ما يكفي من الخبرة والتجربة للإحاطة بملفات ​وزارة الداخلية والبلديات​"، مشدّدًا على أنّه "ليكن معلومًا أنّني لا يمكن أن أخضع لأي ضغط أو أمر يخالف قناعاتي، ويكفي أن تعرف أنّ هناك في جسمي 300 قطبة نتيجة إصابات تعرّضتُ لها أثناء خدمتي في المؤسّسة العسكرية، لتدرك أنّني مستعدّ لمواجهة كلّ أنواع التحديات الّتي قد أصادفها في وزارة الداخلية من دون أن يرفّ لي جفن".

وذكر فهمي "أنّه أصدرَ تعميمًا للمدنيّين والعسكريّين في الوزارة، قضى بمنع الواسطات تحت طائلة المسؤوليّة"، مبيّنًا أنّ "معياري الوحيد والثابت هو القانون الّذي لن أتساهل في تطبيقه، وكلّ طلب أو أمر لا ينسجم معه سأرفضه، حتّى لو قام والدي من القبر الآن وطلب منّي شيئًا غير قانوني فسأعتذر منه وأقول له لا تؤاخذني يا والدي، ليس في إمكاني أن أحقّق ما تريده منّي". وأكّد أنّ "أي خلل مُحتمل في الوزارة على مستوى العلاقة مع الناس، سواء كان يتّصل بفساد أو بتقصير إداري، سيتمّ ضبطه وعلاجه، وأنا حريص على الدفع في اتجاه الوصول إلى أقصى درجات الانضباط والانتظام في عمل الوزارة.

وكشف ضمن إطار "التكتيكات" الّتي سيعتمدها، عن "أنّه سيرسل من جهته، بين الحين والآخر، أشخاصًا متنكّرين إلى إدارات وأجهزة تابعة لوزارة الداخلية من أجل التواصل المباشر مع الموظّفين وإجراء معاملات مفترضة، وذلك لاختبار نزاهة العمل وانتظام آليّته والتأكّد من عدم وجود فساد ودفع رشى". ونوّه إلى "أنّني أستيقظ باكرًا حيث أقوم برياضتي الصباحيّة، من ثمّ أتوجّه إلى مكتبي الّذي أكون موجودًا فيه نحو السابعة والربع. وفي إحدى المرّات، قمتُ بجولة تفقديّة على المكاتب داخل الوزارة وكانت الساعة قد أصبحت الثامنة والنصف، لأكتشف أنّ عددًا لا بأس به من الموظّفين لم يحضر بعد، فأصدرتُ مذكرة إداريّة تحدّد الدوام الإلزامي من الثامنة صباحًا حتّى الثالثة والنصف بعد الظهر، تحت طائلة اتخاذ التدابير المسلكية المناسبة، لأنّنا في وزارة الداخلية يجب أن نقدّم النموذج السليم، وأن نكون القدوة في احترام الأصول والقوانين، قبل أن نفرض على الآخرين في أي مكان التقيّد بها".

كما أعلن "رفضه استعمال المواكب الجرّارة في تنقلاته"، موضحًا "أنّني أستخدم سيّارة واحدة، إلّا إذا كان مشواري بعيدًا، فعندها ترافقني سيارة اُخرى فقط، إذ ليس لديّ ما أخاف منه، والاستعراضات أصلًا لا تحمي بل مردودها الوحيد إزعاج الناس وتوسيع الهوّة بينهم وبين المسؤول". وعن تموضعه السياسي، أفاد بـ"أنّه مستقل، يقف على مسافة واحدة من الجميع، ومُنفتح على الجميع في الوقت نفسه ضمن الضوابط القانونيّة".

وفسّر فهمي "أنّني لست محسوبًا سوى على قناعاتي واستقلاليّتي، مع الإشارة إلى أنّ هناك من حاول أن يصنّفني في خانة دمشق أو "​حزب الله​"، علمًا أنّني كنتُ قد أصبتُ في رأسي خلال مواجهات حصلت في الماضي مع ​الجيش السوري​. أمّا الحزب فإنّ أكثر ما يعنيني في شأنه هو دوره في مقاومة ​الاحتلال الاسرائيلي​، انطلاقًا من عروبتي وانحيازي إلى جانب خيار المقاومة ضدّ هذا العدو التاريخي، بمعزل عمّن يحمل هذا الخيار، سواء كان "حزب الله" أو "​حزب القوات اللبنانية​".

وعن علاقته مع رئيس الحكومة ​حسان دياب​، أشار إلى أنّ "قبل طرح اسمي لوزارة الداخلية لم أكن أعرف دياب ولم يحصل أن التقيتُ به في السابق، إلى أن طلب الاجتماع بي خلال لقاءاته مع المرشّحين لتولّي حقائب وزارية، فقصدتُ حينها منزله في تلة الخياط للمرّة الأولى، واضطررتُ يومها إلى الاستفسار مرارًا عن مكان المنزل حتّى تمكّنت من الاستدلال عليه".

إلى ذلك، لفت إلى أنّ "كلّ شيء بالنسبة إليّ يمكن أن يخضع إلى الحوار والنقاش، إلّا مسألة العداء ل​إسرائيل​، فهذه عندي ثابتة استراتيجيّة وأخلاقيّة لا أقبل مجرد البحث فيها"، مشدّدًا على أنّ "عدائي لكيان الاحتلال هو موقف جذري، وكل ما عدا ذلك مستعد لمناقشته". وتمنّى على جميع السياسيّين أن "يتفهّموا قراري بعدم التجاوب مع أي خدمات وواسطات تخالف الأصول، علمًا أنّ هذه القاعدة تسري على عائلتي قبل الآخرين"، كاشفًا أنّه "عندما تعرّض ابني لحادث سير منذ فترة وجيزة خلال وجوده في فاريا، ذهبَ إلى المخفر لإجراء المقتضى، وبقي هناك ساعات طويلة في انتظار إنجاز المحضر والإجراءات المطلوبة، من دون أن يكشف لعناصر المخفر حقيقة هويّته وأنّه ابني".

وأفاد فهمي بأنّ "أثناء وجودي في ​المجلس النيابي​ ضمن ​جلسة الثقة​، استعنتُ بأحد الزملاء الوزراء للتعرّف إلى أسماء عدد من النواب الّذين لم أكن أعرفهم، ولعلّ المفيد في ذلك أنّه يخفّف عليّ كوزير من حرج الصداقات الشخصيّة ومفاعيلها الجانبيّة"، مركّزًا على "أنّني متمسّك بحماية ​المتظاهرين​ السلميّين انطلاقًا من أنّ التظاهر حقّ ديمقراطي ومشروع، شرط أن يبقى تحت سقف القواعد القانونيّة والانتظام العام، من غير إلحاق الضرر بالأملاك العامة والخاصة وبحقوق الشرائح الأخرى من المواطنين. وحتّى الّذين هم مشاغبون سنسعى دائمًا إلى احتوائهم وتجنّب اعتماد خيار ​العنف​ ضدّهم، قدر المستطاع، ما دام انّ هناك فرصة لضبطهم بوسائل أُخرى".

كما أشار إلى أنّ "الحكم استمراريّة، وأتمنّى أن يبني من سيأتي بعدي على ما سأُنجزه في الوزارة، تمامًا كما أنّني أستند حاليًّا إلى الأرضيّة الّتي بَناها من سبقني في تحمّل المسؤوليّة".