الآن وبعد ان ارتاحت حكومة الرئيس ​حسان دياب​ للثقة التي منحها إياها ​مجلس النواب​ وبغض النظر عن دستورية النصاب أو عدم دستوريته، بدأ وقت الجدّ.... الشارع لا يزال ضاغطاً، الثوار ينتظرون مع كثير من الخيبة والغضب في الوقت عينه فيما التحديات قبل السقوط المدوي في الهاوية خطيرة وكبيرة وعاجلة.

هذا الأسبوع ينتظر ال​لبنان​يون وصول وفد من ​صندوق النقد الدولي​ لتقديم الاستشارات التقنية، وقبل آخر الشهر من المفترض ان يأخذ لبنان قراره ويحسم خياره بشأن دفع سندات اليوروبوند أم لا...

وفي الإنتظار تتدفق مآسي الناس وهم يتفرجون على الملفات الأساسية في حياتهم وهي لم تعالج.. وينتظرون أملا لعلّه يأتي من الخارج... وهنا قد يكون بيت القصيد..

***

هناك تعويل كبير على الخارج لمساعدة لبنان وهناك آمال يعوّل عليها رئيس الحكومة حسب زواره بأن يتمكن من إحداث خرق في الموقف الدولي حيال مساعدة لبنان انطلاقاً من قناعة صارت لديه ونقلها أكثر من مسؤول أوروبي من انه ممنوع سقوط لبنان في الهاوية ومن الضروري مساعدته والعمل على تمكينه من السيطرة على حالة الإفلاس التي قد يصل اليها وفي مواجهة ما يحضر من بعض الأجنحة المتشددة في أكثر من عاصمة قرار لمعاقبة لبنان نتيجة بعض الضبابية في مواقفه الخارجية ونتيجة تعاطيه بتراخٍ مع أكثر من ملف داخلي له تبعات أقليمية ودولية وطبعاً معروف عمّا نتكلم.

***

وهنا تعَول أوساط عربية ودولية بارزة على الدور الريادي الذي يمكن ان يلعبه وزير الخارجية اللبناني الحالي د. ​ناصيف حتي​ لا سيما لجهة معرفته الواسعة بكل القيادات والمسؤولين في ​العالم العربي​ بحكم مسؤولياته السابقة في ​الجامعة العربية​ كما في ​الاونيسكو​ وبحكم صداقته الكبيرة بأكثر من مرجع خليجي.

واذ تعَول هذه الأوساط على خبرة حتي وثقافته الواسعة كما على حكمته واتزانه ومتابعته للتفاصيل اللبنانية والعربية بكل خلفياتها وكواليسها كما بتعقيداتها نتساءل لماذا لا تتم انابة الوزير حتي في مهمات إستطلاعية للدول العربية والغربية وتحضيرية لجولة يقوم بها الرئيس دياب عربياً ودولياً تسويقاً للبنان ودعماً لمواقفه وطلبا للمساعدة كما شرحاً لخطورة دفع لبنان نحو خيارات ومسارات قد يأخذها فقط حفاظاً على ​الأمن​ الاجتماعي فيه كما على الأمن النقدي.

***

وكيف وماذا سنقدم للثوار الذين يشعرون وكأن لا شيء تغير عليهم حتى الآن؟ فمنذ 17 تشرين الأول وحين نزلوا الى الشارع مطالبين بالتغيير وهم لم يلمسوا شيئاً جدياً باستثناء استقالة ​حكومة الحريري​ والمجيء بحكومة على شاكلتها وان لم تكن عناوين وجوه ​الفساد​ فاقعة فيها...

يريد الثوار كما ​المجتمع الدولي​ إصلاحات

أولا: في ​القضاء​ الذي يجب ان يكون مستقلاً وغير تابع، قضاء يبدأ ببحث آليات استعادة ما سرق وجرّ السارقين العموميين الى السجون...

ثانياً في ​الكهرباء​: علّة العلل: لماذا لا يعاد البحث من جديد في كل خطط الكهرباء السابقة طالما ان هناك نقاشاً جدياً حولها وحول جدواها. ولماذا لا نذهب كما يقول الرئيس بري مثلاً نحو لا مركزية الكهرباء؟

أليس هذا حلاً سريعاً ويوفر على الخزينة مئات ملايين الدولارات وقد يسهم في خفض ​موازنة​ شركة الكهرباء والضغط الذي نعيشه؟

ثالثاً: في المالية العامة: من يأخذ القرارات غير الشعبية بإصلاح ​القطاع العام​ وترشيقه، ومن يأخذ القرارات بتغيير السياسات المالية و​الاقتصاد​ية والنقدية التي أوصلت الناس الى ​الفقر​؟ ومن يحاسب من أوصل الناس الى هنا؟ فطالما ان منطق التسويات والترقيعات ووراثة الحلول والسياسات نفسها ف​اللبنانيون​ لن يصلوا الى مكان والمجتمع الدولي الجاهز للمساعدة لن يساعد كجمعية خيرية بل كمجتمع يضع استثماراته في ​السياسة​ كما في الاقتصاد وفي المكان الصحيح؟

رابعاً: في تداول ​السلطة​: لمَ الخوف من فتح ​النقاش​ الكبير حول ​الانتخابات النيابية​ المبكرة؟

ولمَ لا نبدأ بالاستماع الى ما يقوله وقاله الثوار في الساحات والشوارع؟ نحن نريد وجوهاً جديدة...

أليست مسؤولية من يحكم البلاد اليوم ان يقول للناس ان الأمور تغيّرت وان من يحكم البلاد يستمع الى نبض الناس؟

أولويات الناس كثيرة واهتمامات المجتمع الدولي فينا أكبر... لماذا لا نسرَع الخطى في الداخل بإتجاه إرساء جسر ثقة حقيقي بين الناس والسلطة ​الجديدة​ وحتى ولو كانت غير موثوقة بانتظار التغيير الشامل؟

ولماذا لا تكون الرسالة الى الخارج: رسالة طمأنة بأن ​الدولة اللبنانية​ جاهزة للتغيير وللإصلاحات ومهمتها فقط حفظ كرامات الناس واللبنانيين من دون الدخول في أي محاور قد تأخذ اللبنانيين الى المجهول؟ ألم يحن الوقت لنقول للخارج:

هذه هي سياستنا الخارجية الحقيقية... هنا دور ناصيف حتي.. ناصيف حتي انطلق الى دورك الريادي وانت مؤهلٌ له...