هل تذكرون ملف الشهادات الجامعية التي، وبنتيجة التواطؤ بين موظفين كبار في ​وزارة التربية​ وإدارات بعض الجامعات والسماسرة تمّ بيعها لأشخاص دفعوا ثمنها بآلاف الدولارات من دون أن يحضروا صفوفهم؟ هل تذكرون هذا الملف الخطير جداً الذي كشفته بداية مديرية المخابرات في الجيش اللبناني بعدما تبيّن لها أن هناك من حاول إستعمال هذه الشهادات المباعة خلافاً لأي قانون أو نص للدخول الى المدرسة الحربية؟ هل تذكرون هذا الملف الفضيحة الذي يشوّه صورة التعليم في لبنان ويضرب مستواه؟ هل تذكرون هذه الفضيحة التي قد تؤدي في الدول المتقدمة الى تطيير وزير من منصبه والى إسقاط حكومات؟.

لا يزال وللأسف، ضحية التسويف والتأجيل القضائي، الذي لا مثيل له في أي دولة أخرى. فبسبب توزع الجامعات المتورطة بعمليات بيع الشهادات على أكثر من قضاء تفرع الملف وتوزع على قصور العدل بين بيروت و​جبل لبنان​ والجنوب كل بحسب إختصاصه. الفصل الأخير من مسلسل التسويف والمماطلة الذي يتحكم بمفاصل هذا الملف الفضيحة، شهده قصر العدل في بيروت صباح أول من أمس. ففي الخامس والعشرين من شباط الجاري، كان من المفترض أن يختم قاضي التحقيق الأول في بيروت جورج رزق تحقيقاته في الملف بعد الإستماع الى إفادة المدير العام السابق للتعليم العالي أحمد الجمال، وهو المتورط الأكبر في الملف بحسب التحقيقات، لكن عدم حضور الجمال الجلسة، دفع القاضي رزق الى تأجيلها الى السابع عشر من آذار المقبل. ما هو غير مقبول ومفهوم في هذه القضية، هو أن الجمال لم يحضر بعد تعذّر تبليغه للمرة الثانية أو الثالثة نظراً لعدم معرفة عنوانه. نعم هو المدير العام السابق الذي أصبح ملحقاً ب​رئاسة الحكومة​ بعد إنكشاف أمره وتوقيفه لأشهر في الملف عينه من قبل القاضي رهيف رمضان في الجنوب، لا تعرف المحكمة أين يقطن أو مكان عمله، وكأن عنوان السراي الحكومي حيث مقر رئاسة الحكومة مجهول، أو كأن ​القضاء اللبناني​، وفيما لو أراد حقاً أن يبلغه، لن يعثر عليه لا في بلدته بر الياس ولا في أي مكان آخر، وهنا يطرح السؤال، كيف عثر القاضي رهيف رمضان في الجنوب على عنوان الجمال يوم قرر التحقيق معه ومن ثم أوقفه بعدما تأكد من تورطه بالملف؟ وإذا كان الجمال في عهد حكومة سعد الحريري من المحميين كونه من مناصري ​تيار المستقبل​، فماذا عن عدم تبليغه اليوم في عهد ​حكومة حسان دياب​؟ وهل يسمح الأخير وهو النائب السابق لرئيس ​الجامعة الأميركية​، بتغطية موظف يحاكم أمام القضاء بملف بيع شهادات لشبان دفعوا ثمنها من دون تحصيل تعليمهم؟.

في الجلسة المقبلة له يكون من السهل أيضاً تأجيل الجلسة بحجة عدم تبليغ الجمال، ف​الدولة اللبنانية​ ممثلة بهيئة القضايا والإستشارات في ​وزارة العدل​ أصبحت في صلب الملف الفضيحة كجهة مدّعية، وهي التي ستتولى مسألة تبليغ الجمال عبر الديوان الخاص بالسراي الحكومي.

قضية، بات من الضروري أن تصل اليوم قبل الغد الى خواتيمها عبر إدعاء ومحاكمة، ومن ثمّ صدور الأحكام. قضية خطيرة جداً لدرجة أن أحد الأشخاص وهو موظف في مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان إشترى شهادة هندسة معلومات وإتصالات حملت توقيع الجمال، وحاول إستعمالها بهدف الترقية داخل المؤسسة، كما إنتسب بها الى نقابة المهندسين قبل أن تشطبه النقابة بعد إنكشاف أمره. ملف، بات يجب أن يحسم لأنه العار كل العار على التعليم الذي نفتخر به كلبنانيين، والذي من المفترض أن يشكل الأمل الوحيد لجيل مستقبلي واعد.