بعد قرار ​وزارة التربية​ والتعليم العالي القاضي بإقفال ​المؤسسات التربوية​ حفاظا على صحة ​الطلاب​، ومنعا لانتشار فايروس "كورونا"، تمكّن الأساتذة من ​تحقيق​ مطلبهم الأساسي القاضي بعدم حضورهم الى مؤسساتهم خلال الدوام الرسمي، والاكتفاء بتسيير الأعمال الإدارية من جهة، وتنظيم عملية إرسال الدورس الى الطلاب، وهذه النقطة بالتحديد تحتاج الى توضيحات.

أصدر المدير العام للتربية ​فادي يرق​ تعميما حمل الرقم 25 بتاريخ 2/3/2020، يتعلق بتنظيم عمل المدارس والثانويات الرسمية في خلال فترة الإقفال الناتج عن إنتشار فيروس "كورونا"، وذلك بعد لقاءات عقدها وزير التربية ​طارق المجذوب​ والمدير العام مع روابط وتجمعات المعلمين. تقرّر في التعميم التزام مدراء الثانويات و​المدارس الرسمية​ بفتح الثانويات، أو المدارس خلال الاسبوع الجاري، بين ​الساعة​ الثامنة صباحا والثانية عشرة ظهرا، محدّدا نسب الحضور، كما تحدث بشقّه الأخير عن إلزام جميع ​الاساتذة​ والمدرّسين إرسال الدروس اليومية المحدّدة لكل صف، لا سيما صفوف الشهادات الرسمية، بالاضافة الى مجموعة الفروض المساعدة، وذلك عن فترة اسبوع كامل، الى منسّق المادة، أو من يكلّفه المدير في حال عدم وجود منسّق، على أن تُرسل قبل نهاية اليوم.

بداية كيف ستتم هذه العملية؟ تتحدث يارا وهي إحدى أساتذة ​التعليم الرسمي​ عن الطريقة التي يتم التعاطي بها مع مسألة التدريس عن بُعْد، مشيرة الى أن إدارة المدرسة ستتولى عملية تنظيم "غروبات" على أبرز وسيلة من وسائل التواصل وهي "​الواتساب​"، وسيكون لكل صفّ مجموعته الخاصة التي يدخل إليها أساتذة الصف أيضا.

وتضيف عبر "النشرة": "المطلوب من الأساتذة تجهيز التمارين والفروض والشروحات وإرسالها عبر المجموعة، وتخصيص ساعة أو أكثر بحسب المادة للمتابعة مع الطلاب عبر التطبيق، والإجابة عن الأسئلة وشرح بعض الأمور التي تحتاج الى شرح، كما يُمكن هنا للأساتذة استعمال الشرح عبر تقنية الفيديو أيضا".

إن هذه الوسيلة الحديثة بالتدريس ستُصبح متّبعة في ​العالم​ أجمع خلال سنوات قادمة، ولكنها حتى اليوم لم تُصبح تجربة مكتملة الأركان في دول متقدمة فماذا عن ​لبنان​. لا شكّ أن هذه الطريقة بالتدريس تحتاج الى التخطيط والتدريب والمواكبة، وهو أمر لا تملك وزارة التربية الوقت له اليوم، كون التعطيل يُفترض أن يكون بالأيام لا بالأشهر، وفي هذا السياق تشير مصادر وزارة التربية الى أنها تعلم حجم الصعوبات التي ستواكب التدريس عن بُعُد، ولكن هذه المرحلة ستكون مناسبة للتدريب والتجربة، على أن تنطلق التجارب اللاحقة من خبرات التجارب السابقة.

تعلم مصادر وزارة التربية أن المعوقات كثيرة جدا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: توفّر التكنولوجيا في بيوت كل ​طلاب المدارس​ الرسمية وتحديدا أجهزة الكمبيوتر، ​الهواتف الخليوية​، والانترنت، التزام الطلاب بهذا النوع من التدريس وتفاعلهم معه، كما التزام الأهل أيضا لما لهم من تأثير على أولادهم، وغيرها من المعوقات التي لن تمنع البدء بالتجربة والتعلم منها و​البناء​ عليها.

ترى الأستاذة يارا أن تجربة التعليم عن بُعْد لم تنضج بعد ولكن البدء بها قد يكون مفيدا في هذا التوقيت، مشيرة الى أن احتمال نجاح التجربة مع طلاب المرحلة الثانوية أكبر منه مع مراحل أصغر، لان طلاب هذه المرحلة يُفترض أن يكونوا جديّين اكثر، ويملكون الهواتف الخاصة، ولكن هذا لا يعني أن التجربة ستكون سهلة، وما على الأساتذة إلا السعي والعمل لأن الجلوس مكتوفي الأيدي ليس حلّا في الوقت الراهن.

لكل شيء بداية، ولعلّ هذا التوقيت الصعب قد يكون فرصة لإدخال هذا النمط من التدريس الى المدارس الرسمية، خصوصا أن بعض ​المدارس الخاصة​ قد بدأت به منذ فترة.