في المنطق من يصادر منزلاً يعني أنه تعدّى على أملاك غيره، ولكن في ​لبنان​ من يصادر منزلاً يُدرج ما قام به تحت بند الإخلاءات ويدفع له الأموال للخروج منه، ووضعه يشبه وضع من يريدون إعادة الإعمار... والأهمّ من هذا كلّه أن بند الإخلاءات كلّف ​الدولة​ 35% من مصاريف ​وزارة المهجرين​.

ولكن هل يمكن التخيّل أن من كان يتقاضى "ثمن الإخلاء" هو شخص مصري الجنسية أو بنغلادشي وغيره... كانت هذه هي الحال مع الإخلاءات في وزارة المهجّرين.

تشرح مصادر مطلعة أنه "حتى يتقاضى الشخص الاخلاء يفترض أن يصل ثلاثة كشوفات: مهندس من الوزارة يكشف على المنزل وعمّا اذا كان لا يزال مصادراً! ومن يعيش فيه ومن هو صاحب الملك؟، الكشف الثاني يقوم به صندوق المهجّرين، والكشف الثالث تقوم به سريّة المهجرين، فماذا الذي كان يحصل"؟.

مقايضة مقابل الاخلاء

تشدّد المصادر على أنه "في الفترة السابقة كان يتم الاتفاق مع أشخاص من جنسيّة أجنبيّة كي يسكنوا في المنزل ليقوموا بعدها بالمقايضة المطلوبة أو deal". هذا ما يؤكده وزير المهجرين السابق ​غسان عطالله​، لافتاً الى أنه "في فترة تولّيه مهامه في الوزارة لاحظ كلّ هذه المسائل وهو كان يقوم بطلب التقارير من الجهات الثلاثة التي ذكرت سابقا، وفي بعض الأحيان كان يلجأ الى الطلب من أشخاص آخرين الكشف على الموضوع حتى تمّ التأكّد ممّا سبق ذكره من المعلومات".

مليونا ​دولار​ "سمسرة"

تروي المصادر واحدة من الحوادث التي حصلت في وزارة المهجّرين في شقة في الأشرفيّة مصادرة من قبل شخص، وصاحب الأرض يريد بيع العقار بملايين الدولارات، مشيرة الى أن "محامية الشخص الذي يسكن المنزل حضرت الى مكتب وزير المهجرين السابق غسان عطالله وطلبت منه عدم التوقيع على قرار الاخلاء الى حين اتمام اتفاق أو "صفقة" مع صاحب الأرض"، مضيفة: "من يسكن هذا المنزل أراد مليون دولار لمغادرته ولأنّ صاحب الأرض حصل على مبلغ يفوق العشرين مليون دولار من الشاري فلن يتوانى عن الدفع"، مشددة على أن "المحامية حاولت إقناع الوزير عطالله عبر التأكيد له أنّ "حصته محفوظة" ولكن جاءها الجواب بالرفض ووقّع عطالله على طلب الإخلاء، ويفترض أنّه نفّذ"، مشيرة الى أن "من كان يسكن المنزل حصل على خمسة آلاف دولار كما ينص القانون والمالك ستُعاد له أرضه".

275 الف دولار للاقفال

يؤكد الوزير عطالله هذه الرواية وما سبقها خصوصاً في أسلوب ملف الاخلاءات، ويقول "استلمنا الوزارة وكان هناك 972 ملفاً وكان المطلوب مبلغ 5 ملايين دولار للانتهاء من هذا الملف"، مشددا على أننا "اقفلناه وتبيّن لنا أن هناك 55 ملفاً محقاً صرف لهم 275 الف دولار في حين أن المبلغ المطلوب كان 5 ملايين دولار للانتهاء منه".

تقدّم الوزير الاسبق غسان عطالله بإخبار أمام هيئة القضايا والتشريع في عدّة مخالفات في الوزارة أولها بند الاخلاءات، ولفت الى أن "من وجهة نظرنا أن فكرتها كانت خاطئة، ويفترض أن يحاسب عليها من هجّر"، مشيرا الى أن الدولة "إستحدثت لمن هجّر بنداً يعطيه أموالا ليستفيد على حساب من تهجّروا في الحرب"، مؤكدا أنّ "الدولة كانت تجد الطرق لتعطي أموالاً لمن هجّر كما لمن تهجّر"، مشددا على أننا "قدمنا هذا ​الاخبار​ لنقول إنه في حال حصلت أيّ مشكلة أو حرب مستقبلا وحصل تهجير، وجب التنبه وإلغاء هذا البند لأنّه لا يعقل أن يحتلّ أحد منزلاً ما وندفع له أموالاً ليخليه".

بند الاخلاءات متشعّب وفيه يُكشف كيف يتصرّف المسؤول، فما هي قصّة التعميم الذي صدر عام 1991 وما هي قصّة ثكنة غورو في بعلبك؟!.