في يوم عيد المعلم، تلتقي الأسرة التربوية مع أهل الوفاء لتصلّي، وبخاصة هذه السنة، من أجل مَن تكرّس للتربية والتعليم، ليدوم شاهداً لرسالته النبيلة، ومنشّئاً على محبّة الله وعلى القيم ​الإنسان​ية والوطنية.

نحن في زمن تؤكّد لنا أحداثه وأزماته أن المعلِّم-الرسول، كان، ولا يزال، الأساس في بناء المجتمع ونهوض الأوطان، وفي العمل لينال "الفتيانُ تعقلاً والشبابُ معرفة وتدبيراً" (أمثال 1/ 4).

إنها رسالةُ المعلم الواقف حياته ليكبرَ تلامذتُه بحكمةٍ تجعلهم نوراً في الظلمات وصانعي أمجادٍ مبنيّة على الحقّ والشفافية والتطلّع إلى المراقي.

وحدهم المعلمون والمعلمات، يستطيعون، بإيمانهم وأمانتهم لرسالتهم، صنع المعجزات بإطلاقهم إلى العالم الواسع أفواجاً من تلامذتهم محصّنين بالعلموالحرية المسؤولة والكلمة الصادقة "ليفتحوا فمهم دفاعاً عن المتألمين، وعن حقوق جميع المُهمَلين،... وليحكموا بالعدل"(أمثال 31/8 و9).

إن مجتمعنا ال​لبنان​ي، يتطلع إلى المعلمين والمعلمات في يوم عيدهم، وإلى جميع مكونات الأسرة التربوية، ليكونوا، في ظروفنا الحالية، علامة رجاء وعامل وحدة إنسانية في السعي لتعزيز الشراكة والتضامن "لحماية بيتنا المشترك"، كما يقول قداسة ​البابا فرنسيس​، وذلك من خلال "خطوات مهمة تتحلّى بالشجاعة على وضع الإنسان في الصدارة وعلى استثمار أفضل للطاقات بطريقة خلاّقة ومسؤولية، وعلى تنشئة أشخاص مستعدين ليكونوا في خدمة الجماعة".

بهذه الشجاعة أراد قداسته أن يضع أساساً صلباً لبناء "الميثاق التربوي" الذي حدّد الموعد الجديد لإعلانه في 15 تشرين الأول 2020.

ومن هذا المنطلق نرىفي عيد المعلم هذه السنة دعوةً إلى صياغة ميثاق تربوي لبناني جديد يحيّد القطاع التربوي عن كل التجاذبات ويطوّر أساليب الجودة والإبداع ويكشح عن "الوطن-الرسالة" مظاهر ​العنف​ و​الفساد​ وانتهاك كرامة الإنسان، والاهتمامبتغليب المصالح الشخصية والأنانيات على السعي ل​تحقيق​ الخير العام والعدالة لجميع المواطنين.

في عيد المعلم نعود معاً إلى روحانية رسالتنا وجوهر شرعتنا التربوية لنجدّد الثقة ببعضنا البعض، والعزم لمواصلة المسيرة معاً.إننا مقتنعون "بأن المعلمين والمعلمات يتحمّلون جزءاً كبيراً من المسؤولية التربوية، ومن واجب الإدارة أن تشكّل وإياهم فريق عمل يعتمد هذه الشرعة روحاً وممارسة" (الفصل الرابع، ثالثاً - أ).

فيا اخواتي واخوتي، المعلمات والمعلمين، الأوفياء لرسالتكم ولعائلتكم التربوية، يا من أنتم "رائحة لبنان" الكتاب المقدّس وافتخاره وصانعو تألّقه، لكم ولنقابتكم من ​الأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية​ كل التهنئة بعيدكم، وكل التقدير للعمل الذي تقومون به، وكل العرفان بالجميل نحو اللواتي والذين قاموا بمبادرات مميزة ومتجردة لتخطي الأوضاع القاسية التي يمرّ بها لبنان، ولتسهيل اكمال المسيرة معاً.

قدّرنا الله على التحلّي بروح الشراكة، لنعزّز استمرارية المدرسة الكاثوليكية لتدوم في خدمة جميع مكوناتها وفي العمل لرفعة وطننا وازدهاره وسلامه، ولكي نبقى كباراً في لبنان الكبير.